الأمن السوري يحاصر المقابر ويمنع الأهالي من زيارة ضحايا الاحتجاجات

بعضها تحول إلى ثكنات عسكرية

TT

يشير ناشطون معارضون لنظام الرئيس بشار الأسد إلى أن قوات الأمن والشبيحة تفرض حصارا أمنيا مشددا على بعض المقابر التي يدفن فيها الضحايا الذين سقطوا في الاحتجاجات الشعبية المناهضة لنظام الحكم. ويلفت الناشطون إلى أن بعض المقابر في المناطق المنتفضة تحولت إلى ثكنات عسكرية، حيث يقيم عناصر الأمن حواجز عسكرية، رافضين دخول أي شخص يريد زيارة قبر لقريب له ممن تم قتلهم في الفترة الأخيرة.

ويصف ماجد الذي يتحدر من بلدة طفس في ريف درعا إجراءات أجهزة الأمن المتخذة حول المقابر بـ«المشينة واللاأخلاقية»، معتبرا أن «هذه الممارسات تنتمي إلى عالم الوحوش الذي تكلم عنه الأسد في خطابه الأخير وليس إلى عالم الإنسانية.. وإلا فكيف يتم منع أم قتل ابنها ظلما من زيارة قبره والبكاء عليه؟!». ويضيف ماجد لـ«الشرق الوسط»، أن المقابر في بلدته تم إغلاقها بواسطة الأمن، ومنع الناس من دخولها بعد مضي فترة على اندلاع الثورة ومشاركة الأهالي في المظاهرات المطالبة بالحرية. وفي مدينة دير الزور شرق سوريا، يروي سعيد، أحد الناشطين، أن فرع الأمن السياسي حاصر المقابر في أحياء أبو عابد والشيخ ياسين، واعتدى على الناس الذين أرادوا زيارة قبور أقربائهم الذين قتلوا برصاص الأمن السوري. وينقل الناشط المعارض عن أم قتل ابنها خلال الأسابيع الماضية في اشتباكات بين الجيش النظامي والجيش السوري الحر قولها: «لم أستطع زيارة قبره منذ دفنه بسبب حصار الأمن للمقبرة التي دفن فيها».

ويقول سعيد إن «النظام السوري منذ بداية الثورة ضده كان حريصا على ملاحقة الناس الذين يشيعون قتيلا ما إلى المقبرة، وتفريقهم هناك بحيث يمنع تحويل الجنازة إلى مظاهرة ضد نظام الحكم». ويتابع «في الفترات الأخيرة صارت قوات الأمن التابعة للنظام تفرض حصارا أمنيا على المقابر التي يدفن فيها الشهداء خوفا من أن تتحول زيارة القبور إلى مظاهرة تهتف ضد نظام بشار الأسد».

من جانبه، يقول محمد، وهو أحد أعضاء تنسيقيات مدينة حماه للثورة السورية، إن «الأمن السوري - مدعوما من الشبيحة - قام باقتحام العديد من المقابر ونبش القبور ممثلا بجثث أصحابها»، ويضيف محمد: «حصل ذلك في ريف مدينة حماه والمناطق المحيطة به أثناء الاقتحامات». ولا يتفق محمد مع الكلام القائل إن النظام السوري يعتمد هذه السياسة بغرض منع تحويل زيارات المقابر إلى مظاهرات معارضة له، قائلا: «لو كان الأمر كذلك لسمحوا لأقرباء الموتى بالدخول لزيارة القبور بشكل فردي، النظام يريد أن يمارس سياسة استئصالية ضد المتظاهرين، تقوم على الاعتقال والتعذيب والقتل والحرق وملاحقة الموتى إلى قبورهم لمحاصرتهم هناك»، ويتابع «نظام الأسد لا يكتفي كبقية النظم الاستبدادية باعتقال معارضيه، إنما إزالتهم عن الوجود.. وهذا ما يفسر محاصرة المقابر ومنع الناس من زيارة أبنائهم القتلى».

يذكر أن ارتفاع منسوب القمع في سوريا من قبل قوات الأمن والجيش بحق المنتفضين ضد الحكم، وازدياد عدد الضحايا الذين يسقطون من جراء ذلك، دفع الناس إلى دفن أبنائهم خارج المقابر في الحقول والحدائق العامة.. وهو ما حدث في مدينة حماه حين اقتحمتها قوات النظام السوري، فتحولت الحديقة الرئيسية في المدينة إلى مقبرة بسبب كثرة الجثث، كما يؤكد الناشطون.