تركيا تترجم التغييرات في قواعد الاشتباك.. وترسل 6 طائرات حربية قرب الحدود مع سورية

مستشار غُل لـ «الشرق الأوسط»: لا نريد اختبارات لصبرنا بعد اليوم

بطارية صواريخ تركية متنقلة في حالة استنفار على الحدود السورية أمس (رويترز)
TT

وجهت تركيا إنذارا عملانيا إلى سوريا تأكيدا لتحذيراتها السابقة من اقتراب الطائرات السورية من الحدود المشتركة بين البلدين وفقا لـ«قواعد الاشتباك» الجديدة التي أقرتها تركيا، فبعثت بطائراتها إلى الحدود لمواجهة مروحيات سورية اقتربت لنحو 4 كيلومترات من الحدود.

وقال الناطق بلسان الخارجية التركية سلجوق أونال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطائرات السورية كانت تقترب من الحدود بشكل عدائي، ما أجبرنا على اتخاذ إجراءات احتياطية»، بينما أكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن تحريك الوحدات العسكرية التركية عند الحدود مع سوريا «يسير وفق المخطط الذي وضعته قيادة الأركان»، مشيرة إلى أن هذه التحركات لا تهدف إلى شن حرب على سوريا، لكنها احتياطات أمنية وعسكرية «تحسبا لجميع الاحتمالات».

وأشار المصدر إلى أن قواعد الاشتباك مع سوريا تغيرت، بحيث أصبحت أي وحدة عسكرية سورية «عدائية بمجرد اقترابها من الحدود، ولا حاجة بها لاختراق الحدود التركية». وأوضح أن أي طائرة «يعتقد» أنها ستتجاوز الحدود «سيتم التعامل معها».

وقال كبير مستشاري الرئيس التركي إرشاد هورموزلو إن «تركيا لم تكن البادئة بتغيير قواعد الاشتباك، لكن النظام السوري دفعها إلى ذلك عندما أسقط طائرتنا من دون إنذار في المياه الدولية». وردا على سؤال حول احتمالات حصول الحرب مع سوريا، أوضح هورموزلو لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيا لا تريد أن تنفرد بشيء إلا إذا كان ثمة إجماع دولي عليه»، مشددا على أننا «لا نريد لأحد بعد اليوم أن يختبر صبر تركيا».

وأعلن الجيش التركي أن «مروحيات سورية اقتربت من الحدود التركية ثلاث مرات السبت»، لافتا إلى أنه «تم إرسال دوريات تركية جوية إلى الحدود». وأوضحت هيئة الأركان التركية في بيان على موقعها الإلكتروني أنه «لم يحصل انتهاك للمجال الجوي التركي»، مؤكدة أنها «أرسلت أربع مقاتلات من طراز (إف 16) من قاعدتها في انجيرليك بعدما حلقت مروحيات سورية فوق منطقة تبعد نحو 6 كيلومترات من الحدود، قرب جنوب محافظة هاتاي التركية». وأشار الجيش التركي إلى أنه «أرسل مقاتلتين أخريين من طراز (إف 16) من قاعدته في بتمان (جنوب شرق)، بعدما رصد مروحية سورية على مسافة غير بعيدة من الحدود قرب محافظة ماردين».

وقد أكد الجيش التركي مجددا أمس أن طائرته الحربية الـ«إف - 4» أسقطتها سوريا في المياه الدولية وليس في المجال الجوي السوري، معلنا عن وصول غواصة أميركية قريبا لمواصلة أعمال البحث في مكان سقوط الطائرة. وقالت هيئة أركان الجيش على موقعها الإلكتروني: «كما فسر ذلك عدة مرات، فإن طائرتنا (وليس طائرتين كما قيل) أسقطت فوق شرق المتوسط في المجال الجوي الدولي، بينما كانت تحلق بشكل منفرد ولم تكن مسلحة وكانت تختبر أداء راداراتنا في المنطقة».

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية نشرت في نهاية الأسبوع مقالا نقلا عن مصادر في الاستخبارات الأميركية، جاء فيه إن الطائرة الحربية التركية «أصيبت على الأرجح بمضادات جوية متمركزة على الساحل (السوري)، بينما كانت موجودة في المجال الجوي السوري». وأضافت الصحيفة أن الطائرة كانت تحلق على علو منخفض ودون سرعة زائدة، وكانت تختبر على الأرجح أنظمة الدفاعات السورية.

وهو ما انتقده رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس، قائلا: «وول ستريت جورنال نشرت قبل يومين معلومات عن طائرتنا التي أسقطتها سوريا، بينما كانت في الأجواء الدولية، مؤكدة أنه تم إسقاطها في سوريا»، وأضاف أن «هذه الصحيفة، ويا للأسف، نشرت معلومة غير دقيقة».

وأشار أردوغان خلال اجتماع في كايسيري بوسط تركيا إلى أن «ثمة انتخابات رئاسية هناك (في الولايات المتحدة)، وهذه الصحيفة (وول ستريت جورنال) تتحرك لحساب حزب معارض. هذا الأمر يستهدف الرئيس أوباما».

من جهته أوضح الجيش التركي أنه لم يتم العثور على الطيارين المفقودين بعد، مضيفا أن الغواصة الأميركية «نيوتيلس» ستصل إلى منطقة سقوط الطائرة اليوم (الاثنين) للمشاركة في أعمال البحث عن الحطام. وقال مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط» إن غواصة الأبحاث الأميركية «نيوتيلس»، التي كانت موجودة في البحر الأسود لأغراض بحثية، تركت عملها بناء على طلب من وزارة الخارجية وتوجهت إلى مكان سقوط الطائرة، حيث سيتم الاستفادة من معداتها الخاصة بالبحث في المياه العميقة للمساعدة على تحديد مكان سقوط الطائرة التركية وانتشالها.

وفي سياق ذي صلة، نشرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أمس موضوعا أشارت فيه إلى أن «الفنيين الروس لعبوا دورا رئيسيا في اعتراض وإسقاط طائرة حربية تركية بالدفاعات السورية المضادة للطائرات قبل 10 أيام».

وقالت الصحيفة إنه: «وفقا لمصادر دبلوماسية في الشرق الأوسط فإن إسقاط الـ(فانتوم ف - 4 إي) كان قرارا اتخذ في جزء من الثانية، وكان الهدف منه هو تحذير حلف الناتو بالبقاء بعيدا عن الحرب الأهلية السورية». وتابعت على لسان أحد الدبلوماسيين ملخصا الرسالة الروسية: «من المؤكد أن بصمات الروس موجودة على عملية إسقاط الطائرة. سوريا ليست ليبيا، وأي محاولة لفرض منطقة حظر طيران فوق سوريا ستواجه واحدة من أقوى الدفاعات الجوية في العالم، وستكلف أي مهاجم ثمنا باهظا».

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا زودت سوريا بنظام «بانتسير إس 1» (سام 22 غريهاوند) المزود بـ36 قاذفة صواريخ، وأن دبلوماسيين يعتقدون أن «الخبراء الروس الذين دربوا السوريين لا يزال بعضهم متمركزا في مراكز التحكم ببطاريات الصواريخ».

كما نقلت الصحيفة عن مصدر في سلاح الجو الإسرائيلي قوله: «لن نفاجأ إذا كانوا من الخبراء الروس، وإذا لم يضغطوا على الأزرار فقد كانوا على الأقل بجوار الضباط السوريين الذين فعلوا ذلك».