واشنطن تبني وزارة الدفاع الأفغانية من 5 طوابق وبتكلفة 92 مليون دولار

على خطى السفارة الأميركية في بغداد.. «بنتاغون» في كابل

TT

مع زيادة نسبة الأميركيين المعارضين للحرب في أفغانستان، واقتراب وقت انسحاب القوات الأميركية وقوات الناتو، يسرع البنتاغون الأميركي لبناء «بنتاغون» في كابل، كمقر لوزارة الدفاع الأفغانية. تبلغ التكاليف 92 مليون دولار، وتصرف لبناء مبنى من خمسة طوابق ضخمة، وفيه مركز قيادة في الطابق الأرضي مزود بأحدث التكنولوجيا التي ستربط الجنرالات الأفغان مع قواتهم التي يتوقع أن تستمر في مقاتلة طالبان بعد انسحاب القوات الغربية.

لكن، تصور مشكلة حول حجم مكتب وزير الدفاع، عبد الرحيم وارداك، أن العسكريين الأميركيين ربما سيتركون «بنتاغونا» من دون عسكريين أفغان يثقون فيهم.

وقارنت مصادر إخبارية أميركية «بنتاغون كابل» بمبنى السفارة الأميركية في بغداد، الذي بني، أيضا، في آخر سنوات القوات الأميركية في العراق. وبلغت تكاليفها 750 مليون دولار، وهي أكبر سفارة في العالم، وتسع خمسة عشر ألف شخص.

وقالت المصادر إن «بنتاغون كابل» سيكون واحدا من أبرز رموز التزام الولايات المتحدة بأمن أفغانستان. وإنه، حتى في هذه المرحلة المتأخرة من الحرب، ومع بداية انسحاب القوات الأميركية، لا تزال الحكومة الأميركية تصرف كثيرا في أفغانستان، بميزانية تصل إلى 10 مليارات دولار لبناء كثير من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز قوات الأمن الأفغاني، غير أن نصفها لم يكتمل بعد.

بالإضافة إلى مقر وزارة الدفاع، تبني الولايات المتحدة مقرا جديدا لوزارة الداخلية في كابل يكلف 54 مليون دولار، مع وضع اعتبار خاص للشرطة الأفغانية التي تتبع الوزارة. وتبني الولايات المتحدة، أيضا، قاعدة في شرق أفغانستان تكلف 102 مليون دولار للفصيلة رقم 201 التابعة للقوات الأميركية، اعتمادا على خطة بقاء جزء من القوات الأميركية في شرق أفغانستان لمساعدة القوات الأفغانية في مواجهة طالبان و«القاعدة».

ولكن، مع جداول زمنية صارمة، وانخفاض الدعم الشعبي الأميركي للحرب في أفغانستان، قال مسؤولون عسكريون أميركيون إن طلبات قدمها وزير الدفاع الأفغاني عبد الرحيم وارداك لتغيير مكتبه ومكاتب أخرى في «بنتاغون كابل» لن تمكن تلبيتها.

وقال واحد من المسؤولين الأميركيين: «نتخذ موقفا حازما بسبب قواعد العمل المنضبطة، ولا نقدر على تغيير شيء فيها، أو التحكم فيها. هذا هو النهج الذي نتبعه».

ونقل مراسل «واشنطن بوست» في كابل أن توترا يشوب العلاقات بين العسكريين الأميركيين والأفغان، وأن طلب وزير الدفاع الأفغاني قوبل برد كان عبارة عن كلمة واحدة: «لا»، وأن سبب الرفض هو أن هذه الأنواع من التغييرات تكلف كثيرا من الوقت والمال، بالإضافة إلى سبب آخر، وهو توتر العلاقات بين الجانبين، سواء العلاقات الرسمية أو الشخصية.

وقال الكولونيل أندرو باكوس، المدير الهندسي في قيادة الناتو المكلف بتدريب وتجهيز قوات الأمن الأفغانية: «نقدر على أن ننفذ (طلبات وزير الدفاع)، لكننا لن ننفذها». وأضاف: «نحن نركز على الانتهاء من المشروع بأسرع فرصة ممكنة، حتى نسلمه للمسؤولين الأفغان. بعد ذلك، إذا أرادوا تغييره، يمكنهم أن يفعلوا ذلك».

وقالت مصادر إخبارية إن هذه الأزمة الأخيرة بين العسكريين الأميركيين ووزير الدفاع الأفغاني ليست الأولى الهامة. لكن، لا يريد العسكريون الأميركيون خسارة حليفهم الأول، الذي يضعون له اعتبارا أكثر من الرئيس حميد كرزاي. ويعتمدون عليه حتى لا تكون أفغانستان عبئا على المجتمع الدولي، ولكن تقدر على أن تقف على قدميها وتحدد مصيرها بنفسها. وفي خطاب مؤخرا في أفغانستان، بحضور ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي، تعهد بأن «أفغانستان ستكون عضوا محترما في المجتمع الدولي، ومثالا للدولة الإسلامية التي تصدر التسامح، والاعتدال، والاستقرار». وأضاف: «طبعا، سوف تستمر الحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي لتحقيق هذه الطموحات النبيلة. لكن، تؤمن الحكومة، والأهم من ذلك شعب أفغانستان، بهذه الرؤية، ولن ندخر جهدا لتحقيقها».

ومؤخرا، في مقابلة في التلفزيون الأميركي، قال وارداك إنه يركز على وجود «حكومة مركزية مستقرة، بما في ذلك إعادة إدماج بعض عناصر طالبان التي تعبت من القتال. وأيضا، العمل مع المصالحة مع زعماء حركة طالبان والعمل على إدماجهم في الحكومة المركزية». وأضاف: «يتطلب هذا التعاون مع جيران أفغانستان لعدم توفير ملاذ لمقاتلي طالبان، ودعوة معتدلي طالبان إلى طاولة المفاوضات».

لكن، كما أوضح حادث رفض العسكريين الأميركيين طلب وارداك توسيع مكتبه في «بنتاغون كابل» المتوقع، لا توجد ثقة كبيرة بين الجانبين. وكانت تقارير إخبارية قالت إن الأميركيين لا يريدون خسارة وارداك إذا توترت العلاقات أكثر مع الرئيس كرزاي، وإن كرزاي، في جانبه، يخشى أن يستبدل الأميركيون به وزير دفاعه، وإن محاولة اغتيال كان تعرض لها وارداك ربما كان دبرها مؤيدون لكرزاي.