أبو مازن وسط غضب شعبي متصاعد: أرفض سياسة تكميم الأفواه

دعوات لإقالات وتحقيق في الاعتداء بالهراوات على متظاهرين في رام الله

عناصر من قوات الأمن الفلسطينية يتدربون في جنين بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
TT

سعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لامتصاص الغضب الشعبي الكبير ضد اعتداءات رجال الأمن الفلسطيني على متظاهرين بالضرب في رام الله خلال اليومين الماضيين، بإصداره بيانا قال فيه إنه يحرص أشد الحرص على حرية التعبير والحق في الاعتراض، ويرفض سياسة تكميم الأفواه والتنكيل بالرأي الآخر؛ حيث يعتبر «المعارضة البناءة عنصرا مهما في تقوية مجتمعنا وتعزيز منعته، وترسيخ وحدته في إطار التنوع، وتكريسا للديمقراطية التي درجت عليها الساحة الفلسطينية منذ عقود».

وأضاف عباس، وسط مطالبات متزايدة بمحاسبة وإقالة مسؤولين في رام الله: «أشدد في هذا الصدد على قدسية حق شعبنا وقواه وسائر فئاته وفعالياته ومؤسساته في التعبير عن مواقفه وآرائه، وهو حق كفله القانون الأساسي، وألزم جميع مؤسسات السلطة بالعمل على تنفيذه وحمايته من أي انتهاك من أي جهة كانت». وتابع: «لن نسمح بأي حال من الأحوال بانتهاك حرية الكلمة، وحق التجمع، بما فيها حق التظاهر في إطار القانون، وعدم التسامح في تجاوزه، أو السماح بممارسة أي أعمال أو تجاوزات من قبل أي جهة رسمية كانت، ضد أبناء شعبنا، كما لن نقبل بالتعدي على هيبة المؤسسات الرسمية والنيل من كرامة من أوكل لهم تنفيذ أحكام القانون وحمايته».

وأوضح عباس أنه أصدر توجيهاته إلى وزير الداخلية بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الأحداث «المؤسفة»، وقال مطمئنا شعبه: «إننا لن نتهاون في إحقاق الحق، وإقامة العدل، وحماية الحريات التي نعتبرها حقا طبيعيا، وليس منّة أو صدقة من أحد، وتحقيق التوازن الضروري والمطلوب بين الحرية والمسؤولية».

وكان وزير الداخلية الفلسطيني، سعيد أبو علي، قد أعلن عن تشكيل لجنة تحقيق خاصة، قائلا إنه «على أساس استخلاصات اللجنة، سيتم اتخاذ جميع الإجراءات الداخلية والقانونية اللازمة في نطاق التزام السلطة الوطنية الفلسطينية الدائم بالقانون».

وكانت الشرطة الفلسطينية اعتدت على متظاهرين في رام الله السبت والأحد الماضيين؛ إذ استخدم رجال أمن بزيهم الرسمي، وبالزي المدني، العصي والهراوات، وضربوا متظاهرين بينهم نساء بشكل قاس، بالإضافة إلى الاعتداء على الصحافيين في المظاهرات التي خرجت يوم السبت الماضي ضد زيارة شاؤول موفاز، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى رام الله، وهي الزيارة المؤجلة، وكذلك في المظاهرات التي خرجت الأحد الماضي احتجاجا على استخدام العنف ضد المتظاهرين.

وخلف هذا غضبا كبيرا في الأوساط الشعبية، وهتف متظاهرون ضد حكم العسكر في رام الله، لأول مرة، ورفعوا لافتات من بينها: «أنا وأنت تحت الاحتلال، فكيف تضربني؟» و«يسقط العسكر وتسقط أوسلو». وأدان كتاب وصحافيون وشعراء ومثقفون وفصائل فلسطينية ومؤسسات من المجتمع المدني، ومؤسسات حقوقية، الاعتداء على المتظاهرين. وأصدرت «شبكة المنظمات الأهلية» بيانا، أمس، أعربت فيه عن «قلقها البالغ» من «الاعتداء على المسيرات الشبابية». وقال بيان للمثقفين والكتاب والفنانين الفلسطينيين: «نحن الموقعين أدناه نعلن أن صور القمع الذي تعرض له الشباب المتظاهرون في رام الله يومي السبت والأحد قد روعتنا، ولم نتخيل أن هذا يمكن أن يحصل في فلسطين.. لم نتخيل أن تقدم قوات الأمن على ضرب الصبايا وإهانتهن، ولا على جرجرة الشباب الوطني في الشوارع، ولا على نصب الكمائن للصحافيين، وإدماء أنوفهم». وأضاف البيان: «أيحصل كل هذا لأن هناك مجموعة من الشباب المتحمس خرجت لتحتج على زيارة المجرم شاؤول موفاز لمقر ياسر عرفات؟ أيتم ضرب وفاقنا الوطني من أجل قاتل كهذا؟». وجاء في البيان: «لقد خرج الشباب في رام الله من أجل الدفاع عن كرامتهم الوطنية ضد موفاز القاتل الذي روع أطفالهم واقتحم بيوتهم بالمتفجرات بيتا بيتا. فكيف أمكن لقيادة السلطة أن لا تدرك هذه الحقيقة؟ هل فقدت إحساسها بالواقع؟ هل انقطعت عنه؟». وطالب الموقعون على البيان «بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، ووقف مدير الشرطة عن العمل فورا».