إعادة تشغيل أول مفاعل نووي منذ الكارثة النووية اليابانية تثير الاحتجاجات

السياسيون يضعون الخطة المستقبلية للطاقة.. ومجلس الطاقة والبيئة يناقش 3 خيارات

TT

احتشد المحتجون في الشوارع العريضة أمام مقر رئاسة الوزراء في طوكيو خلال نهاية الأسبوع وفي مختلف أنحاء البلاد بطول ربع ميل بداية من مدخل إحدى المفاعلات النووية، وهم يصيحون «لا لإعادة التشغيل»، وصفوا سياراتهم أمام الطريق المؤدي إلى المفاعل من أجل منع العمال من الدخول أو الخروج بحسب ما أوردته وسائل الإعلام اليابانية. وكان العمال بالفعل بالداخل. وعند محطة «أوهي» النووية، التي تقع على الشاطئ الغربي يوم الأحد، بدأ العمال الخطوات الفنية لإعادة تشغيل المفاعل النووي، الذي يعد هو الأول الذي يتم إعادة تشغيله منذ الكارثة النووية الهائلة التي وقعت العام الماضي في محطة فوكوشيما دايتشي. سوف تساعد عودة العمل بمحطة «أوهي»، والذي من المتوقع ألا يكون الأخير، في حل مشكلة نقص الكهرباء الشديد وتعافي الاقتصاد بحسب تصريح رئيس الوزراء يوشيكو نودا. مع ذلك انقسم الشعب الياباني على خطوة إعادة تشغيل المفاعلات في إطار مواجهة كبيرة بين الحكومة والمشككين في التصريحات التي تزعم الأمان النووي في تلك المفاعلات. واعتقد بعض الخبراء السياسيين أن تصريح نودا منذ أسبوعين بشأن إعادة تشغيل مفاعلين في محطة أوهي، حيث من المقرر أن يعود المفاعل رقم 4 إلى العمل في وقت لاحق من الشهر الحالي، سينجح في تهدئة المعارضة الشعبية، لكنه أجج مشاعر الغضب في نفوس الشعب وتم تنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات كانت بالمئات فأضحت بالآلاف.

ووصل الحشد أمام مقر رئاسة الوزراء يوم الجمعة إلى 17 ألف بحسب تصريحات الشرطة، بينما زعم المنظمون أن العدد بلغ نحو 200 ألف. ولم تذكر الحكومة المركزية حتى هذه اللحظة ما من شأنه أن يشير إلى إعادتها النظر في إعادة تشغيل المفاعلات النووية استجابة للضغوط الشعبية. وتعد الاحتجاجات الحاشدة نادرة في اليابان التي عادة ما يذعن شعبها للسلطة، ويواجه نودا الذي يدفع حاليا باتجاه زيادة الضرائب على الاستهلاك، رد فعل على موقفه الداعم لإعادة تشغيل المحطات النووية.

في الخامس من يونيو (حزيران) أوضح استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث أن 70% من اليابانيين، الذين شملتهم عينة الاستطلاع، يوافقون على الحد من الاعتماد على الطاقة النووية. وحصلت الحكومة قبل أن تدعو إلى إعادة تشغيل المفاعلات النووية على موافقات من مسؤولين محليين وإقليميين بالقرب من أوهي، وهي عملية استغرقت أشهر من محاولات الإقناع. وسحب مهندسون في أوهي يوم الأحد قضبان التحكم التي تمنع الانشطار النووي. وذكرت وكالة الأنباء اليابانية «كيودو» بدء عمل المفاعل، الذي يولد طاقة قدرها 1180 ميغاواط، يوم الأربعاء.

وكانت اليابان قبل سلسلة من الانفجارات في مفاعل فوكوشيما، الذي أدى إلى إجلاء ما يزيد على 100 ألف شخص، تعتمد في توليد نحو ثلث حاجتها من الطاقة على مفاعلاتها النووية التي تبلغ 54 مفاعلا، لكن في أعقاب الكارثة، تم إيقاف العمل بتلك المفاعلات إما بسبب مخاوف من ألا تكون آمنة أو بسبب إجراءات الصيانة الدورية. في بداية شهر مايو (أيار)، تم إيقاف العمل بالمفاعل الأخير في هوكايدو مما جعل البلاد خالية من الطاقة النووية. وأصبح نودا الصوت الداعي إلى إعادة تشغيل المفاعلات، حيث يقول إن عدم القيام بذلك سوف يعرض الحياة للخطر كما يعلم اليابانيون. وتوقعت الحكومة حدوث نقص في الطاقة خلال فصل الصيف القائظ قدره نحو 15% في منطقة واحدة فقط هي كانساي، التي كانت تعتمد كثيرا على الطاقة النووية. وقررت الحكومة إعادة تشغيل المفاعلين رقمي 3 و4 في أوهي لأنهما المفاعلان اللذان يزودان منطقة كانساي بالطاقة واجتازتا اختبارات التحمل التي تهدف إلى قياس قدرتها على الصمود عند وقوع كوارث.

ويأتي قرار إعادة تشغيل المفاعلات في وقت يضع فيه صانعو السياسة الخطة المستقبلية للطاقة في البلاد. ويناقش مجلس الطاقة والبيئة ثلاثة خيارات: إما العمل على أن يتراوح الاعتماد على الطاقة النووية في توليد الكهرباء بحلول 2030 بين 20 و25%، أو العمل على أن يصل إلى 15%، أو التوقف عن الاعتماد على الطاقة النووية تماما. ومن المفترض أن يتخذ المجلس قرارا في أغسطس (آب) بحسب ما ورد في وسائل الإعلام اليابانية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»