المعارضة السورية تعتمد وثيقتي «العهد الوطني» و«خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية» ما بعد الأسد

مؤتمر القاهرة يقرر تشكيل لجنة متابعة للتنسيق بين كل الأطراف

عبد الباسط سيدا يتحدث إلى بعض الحاضرين بمؤتمر المعارضة في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

تضمنت وثائق مؤتمر المعارضة السورية، الذي بدأ أعماله بالقاهرة أمس، إشارات واضحة من نتائج مؤتمر جنيف وقد بدا ذلك في كلمة الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي الذي أكد وجود إجماع دولي على خطوات واضحة لانتقال السلطة في سوريا، والتي تشمل حكومة انتقالية يشارك فيها جميع أطياف المجتمع السوري.. كما اعتمدت المعارضة السورية وثيقتي «العهد الوطني» و«خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية» (ما بعد الأسد).

وكان مؤتمر المعارضة السورية قد بدأ أعماله صباح أمس بمشاركة أكثر من 250 شخصية من قوى المعارضة ووزراء خارجية مصر والعراق والكويت وقطر وتركيا وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. كما وجه الرئيس المصري محمد مرسي كلمة إلى المؤتمر ألقاها وزير الخارجية المصري محمد عمرو تؤكد على الدعم الكامل لشعب سوريا باعتباره امتدادا للأمن القومي المصري وركز على إيمان مصر الثورة بمستقبل سوريا الحرة، موضحا أن باب مصر مفتوح لأبناء سوريا في كل الميادين.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في افتتاح الاجتماع إن هذا المؤتمر «يمثل فرصة يجب المحافظة عليها»، محذرا من إضاعتها وداعيا المعارضين السوريين إلى «الارتفاع إلى مستوى تضحيات الشعب السوري والإسراع بالتوحد والسمو على أي خلافات حزبية»، كما أكد على «ضرورة وضع تصور لنظام تعددي ديمقراطي لا يميز بين السوريين».

وأشار العربي إلى أن «الحكومة السورية لم تلتزم بتعهداتها للجامعة العربية، ولجأت للخيارات العسكرية مما دفع البعض للدفاع المشروع عن النفس» مؤكدا أنه «لا يمكن المساواة بين ما تقوم به القوات الحكومية وما تقوم به بعض المعارضة فالقوات الحكومية هي التي تبدأ وتستخدم الأسلحة الثقيلة».

من جهته، أكد أحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا حرص بلاده على دعم الثورة السورية والعمل على إخراج الشعب السوري من القمع الشديد الذي يتعرض له، لافتا إلى أن الشعب السوري قطع شوطا كبيرا نحو إقامة سوريا الجديدة.

وقال في كلمته أمام المؤتمر إن تركيا أكدت منذ بداية الأزمة السورية على أن الحل يجب أن يكون ذا صبغة إقليمية ومن قلب الجامعة العربية، مؤكدا أن التنسيق بين بلاده والجامعة العربية أدى إلى بلورة رؤية مشتركة من أجل تحقيق المطالب المشروعة للشعب السوري. وطالب المعارضة بتوحيد مواقفها وأن تتحدث بصوت واحد، مؤكدا أن نتائج الاجتماع ستعرض على مؤتمر باريس في اجتماع الجمعة المقبل.

وأوضح أوغلو أن عملية التغيير ليست عملية سهلة، ولا بد من المثابرة والكفاح، وقال إنه لا أحد يلوم الشعب على ثورته وبما يحدث على الأرض و«نحن نعمل على مساعدته وخدمته، والشعب السوري هو الذي يحدد مستقبله ووجهته»، وأشار إلى أن العالم كله لا يقبل باستمرار هذا الوضع الراهن، لافتا إلى أن بلاده احتضنت 35 ألفا من اللاجئين السوريين الذين يحاولون النجاة من قمع النظام، وأن بلاده ترحب بهم دون تمييز عرقي أو طائفي.

من جانبه دعا الشيخ صباح خالد الحمد الصباح نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، جميع المشاركين إلى «تحمل المسؤولية التاريخية في هذه اللحظة العصيبة التي يمر بها الشعب السوري والعمل على تحقيق وحدة الصف».

وأعرب عن الأمل في أن يخرج هذا الاجتماع بـ«وثيقة تتفق عليها كافة قوى المعارضة السورية لتشكيل رؤية مشتركة تحدد الأولويات وتعطي رسالة اطمئنان إلى الشعب السوري في الداخل وإلى المجتمع الإقليمي والدولي من أن المرحلة الانتقالية في سوريا سوف تستجيب لتطلعات الشعب السوري وآماله».

كما دعا ناصر القدوة مساعد المبعوث الدولي لسوريا كوفي أنان المعارضة السورية إلى التوحد مؤكدا أن هذا «ليس خيارا ولكن ضرورة إذا ما أرادت المعارضة أن تكسب ثقة الشعب في سوريا».

بينما أعرب هوشيار زيباري وزير خارجية العراق، أن المعارضة السورية تمر بمرحلة صعبة ودقيقة من تاريخها، وقال: «لم يكن الشعب السوري في انتفاضته وثورته المستمرة بعيدا عن ما حصل في العالم العربي من تمرد على الظلم والطغيان وهدر كرامة الإنسان أسقطت فيه الشعوب العربية حكامها وأنظمتها الديكتاتورية وهي تسعى لبناء أنظمتها الديمقراطية بملء حريتها وإرادتها».

وأكد على أن هدف توحيد المعارضة والتوصل إلى اتفاقات ورؤى مشتركة هو مسؤولية وطنية عليا تتعالى على الاهتمامات الفئوية والشخصية وتسمو على الانتماءات العرقية والمذهبية، من أجل أن تتمكن من توجيه رسالة واحدة إلى العالم أولا، ومن أجل تقديم بديل ذي مصداقية قادر على تحمل مسؤولية إخراج سوريا من أزمتها الحالية وبناء الدولة السورية الديمقراطية التي تضع الإنسان وكرامته في مقدمة اهتماماتها.

وقال زيباري: «أقف أمامكم الآن تتداعى الخواطر أمامي إلى ما قبل أكثر من عقد من الزمان، حيث كانت المعارضة العراقية تجتمع كما تجتمعون أنتم الآن للتوصل إلى رؤية مشتركة في كيفية التخلص من الحكم الشمولي الذي حكم العراق لأكثر من ثلاثين عاما، وبناء الدولة العراقية الحديثة التي تعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة». وأضاف: «بعد مرور ما يقارب الـ10 سنوات من تجربتنا الفتية بنجاحاتها وإخفاقاتها، التي علمتنا كيف نتغلب على مشكلاتنا وكيف تصغر المطامح الفئوية أمام المصالح الوطنية العليا للبلد»، مشيرا إلى أنه «من خلال تجربة العراق، ندرك جيدا ماذا يعني التصدي والمجابهة لأنظمة القمع الشمولية».