قوة سورية تقتحم مركزا حدوديا لبنانيا بعد استهداف مسلحين لإحدى نقاطها

الأمن العام اللبناني: عنصرا الأمن تم «اصطحابهما» لفترة إلى داخل سوريا

TT

أطلق مسلحون مجهولون فجر أمس قذيفة من الأراضي اللبنانية على مركز حدودي سوري مقابل معبر البقيعة الحدودي، ما تسبب بإصابة عنصرين سوريين بجروح. وردّ الجانب السوري بإطلاق نار باتجاه لبنان تبعه اقتحام قوة سورية مركز الأمن اللبناني، معتقلة عنصرين منه إلى الداخل السوري، قبل أن تطلق سراحهما في وقت لاحق.

وأفادت المديرية العامة للأمن العام اللبناني عن «تعرض مركز أمن عام البقيعة الحدودي في الشمال لإطلاق نار أثناء ملاحقة قوة من الجيش العربي السوري لمسلحين أطلقوا من الأراضي اللبنانية قذيفة على مركز الهجرة والجوازات السوري في المنطقة، أدت إلى إصابة عنصرين من المركز المذكور».

وأشارت إلى أنه «أثناء العملية وصلت القوة السورية إلى مركز أمن عام البقيعة واصطحبت عنصرين من المركز إلى داخل الأراضي السورية ثم أطلقت سراحهما»، مشيرة إلى أنها «تقوم بإجراء التحقيقات اللازمة بعدما أحيط وزير الداخلية مروان شربل علما بالحادث من قبل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم».

ولاقت الحادثة، وهي المرة الأولى التي يعلن فيها رسميا عن إطلاق نار من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية منذ بدء الاضطرابات في سوريا قبل أكثر من 15 شهرا، استنكارا لبنانيا رسميا. واعتبر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أنَّ «اجتياز وحدة عسكرية سوريا الحدود اللبنانية واحتجاز عنصرين من الأمن العام اللبناني وتركهم لاحقا، أمر يخالف القوانين والأعراف الدولية من جهة ويتجاوز مبدأ التنسيق الواجب بين البلدين على طول الحدود»، آملا في «إجراء التحقيقات اللازمة وتحديد المسؤوليات لعدم تكرار مثل هذه الأعمال وحرصا على عدم تعكير العلاقات الثنائية القائمة على احترام سيادة كل من البلدين واستقلاله».

وفي حين أشار وزير الداخلية والبلديات مروان شربل إلى وجوب أن «يبحث هذا الأمر في مجلس الوزراء»، أوضح الأستاذ في القانون الدولي الدكتور سامي نادر لـ«الشرق الأوسط» أن «ما جرى في البقيعة هو تعدّ على السيادة اللبنانية، ولا يندرج تحت منطق القانون الدولي ولا الاتفاقيات الثنائية بين لبنان وسوريا»، مشددا على أن «تعبير (اصطحب) الوارد في بيان المديرية العامة للأمن العام ليس واردا في أي اتفاق حتى تلك الأمنية الموقعة بين البلدين والتي سقطت مفاعيلها بعد عام 2005 (تاريخ انسحاب الجيش السوري من لبنان)». وأعرب نادر عن اعتقاده أن «أجهزة الأمن اللبنانية تنأى بنفسها كما الحكومة اللبنانية عن احترام السيادة اللبنانية والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية». واعتبر أن «ما جرى من الناحية السياسية هو محاولة سورية جديدة لجر لبنان إلى المستنقع السوري اليوم، وفتح الساحة اللبنانية لتوسيع المشكلة وإرباك المجموعة الدولية، لا سيما أنها تتحرك اليوم لوضع حدّ للمأساة السورية التي يبدو أنها مستمرة». وشدد نادر على أن «هيبة الدولة اللبنانية مضروبة، وهي تبدأ بوفاق وطني غير متوفر أصلا».

وفي إطار التعليق على حادثة البقيعة، جدد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي المطالبة بـ«ضرورة فصل الحدود»، وأوضح أنه «على الجانب السوري احترام الحدود الموجودة وحتى لو لم تكن الحدود واضحة»، مشددا على أنه «لا مبرر في أي ظرف من الظروف للخروقات ولخطف الأشخاص».

واعتبر النائب في كتلة «المستقبل» معين المرعبي أن «الدولة اللبنانية لا تقوم بعملها بحماية الحدود اللبنانية - السورية، وعلينا طلب قوات للأمم المتحدة إلى هذه الحدود من أجل تأمين الحماية للمواطنين»، مشيرا إلى أنه «لا يوجد ما يبرر ما قامت به القوات السورية وأن الجيش اللبناني أصبح بحاجة إلى حماية على حدود». واتهم المرعبي «الدولة بأنها متآمرة وتتلكأ عن القيام بواجبها في حماية سيادة الوطن»، داعيا إلى أن «يكون هناك توجه للأمم المتحدة لتقديم شكوى ولعدم السكوت عن هذا الخرق، وعلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور التحرك بهذا الصدد».