مؤتمر المعارضة السورية يقر وثائق إسقاط السلطة الحاكمة والمرحلة الانتقالية

المجلس الوطني يتجاوز خلافه مع الجيش الحر.. وتحفظات كردية و «إخوانية» في مؤتمر القاهرة

برهان غليون وعبد الباسط سيدا في مؤتمر القاهرة حول سوريا أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد مخاص عسير ومناقشات استمرت على مدار 48 ساعة اختتمت المعارضة السورية اعمال مؤتمرها الذى انعقد تحت رعاية الجامعة العربية وقد خيمت اجواء مشحونة اعتبرها البعض خلافات عصية فى حين ان حقيقة الموقف كان يدور حول اهمية دعم الجيش السورى الحر بالاسلحة الثقيلة لتمكينه من الدفاع عن الشعب خاصة فى ظل تصعيد العمليات العسكرية للنظام السورى وكذلك المطالبة بمنطقة حظر جوى وتحديد ممرات آمنة لادخال المساعدات الانسانية للمناطق المنكوبة وبعد تفهم هذه المطالب خرجت النسخة النهائية لوثائق المؤتمر بعنوان الرؤية السياسية المشتركة لملامح المرحلة الانتقالية كما اقرها مؤتمر المعارضة ثم عنوان رئيسى باسم اسقاط السلطة الحاكمة والمرحلة الانتقالية والاصرار على اسقاط بشار الاسد ورموز السلطة ثم المرحلة الانتقالية هى المرحلة الفاصلة بين هذا الاسقاط وبين انتخاب رئيس وبرلمان على اساس دستور جديد للدولة وانبثاق حكومة تمثل البرلمان المنتخب الى ذلك رد عبد الباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري لـ«الشرق الأوسط»، بأن الانتقادات التي وجهها الجيش السوري الحر ضد مؤتمر المعارضة، وأنه بصدد تشكيل هيكل سياسي يعبر عن مطالب الثورة السورية بالقول، إنه قد «تم تجاوز الخلاف من خلال توضيح الموقف، ونحن نعتبر الجيش السوري الحر ضلعا أساسيا من أضلاع الثورة السورية، وعليه لن نخرج بأي وثيقة دون التأكيد على دعم الجيش الحر والتوافق بين كل أطياف الحراك الثوري حتى تخرج الوثائق عن هذا المؤتمر وهي تعبر تطلعات كل السوريين، خاصة النشطاء في الداخل، وأن تعبر أيضا عن تطلعات الشعب السوري بكل وضوح بالقطع مع سلطة الاستبداد والإفساد، وهذا يعني إسقاط النظام بسائر رموزه وأركانه».

وردا على تمثيل الجيش الحر في مؤتمرات أخرى للمعارضة، قال سيدا «لدينا تواصل مستمر مع الجيش الحر ويمثله أعضاء في المؤتمر»، ورفض تسمية ممثلي الجيش حفاظا على أمنهم.

وردا على ما تردد بأن مؤتمر المعارضة يعطي مهلا جديدة لنظام الأسد، أكد أنه «لا مهل جديدة للنظام السوري، ولكن المؤتمر انعقد من أجل توحيد وجهة نظر المعارضة في إطار وثيقة عهد وطنية تجسد ملامح سوريا المستقبل، وأخرى تحدد خريطة الطريق، وهذا يعني أننا نحاول تغيير مواقف المجتمع الدولي، خاصة أننا بعد يومين سنذهب إلى مؤتمر باريس ونقول لهم، إن البديل الوطني جاهز، وعليه لا بد أن يكون موقف المجتمع الدولي حاسما مع هذا النظام».

وحول التعديلات التي أدخلت على الوثيقة، قال سيدا «إننا استبدلنا كلمة تنحي النظام بإسقاطه، وإلى جانب ذلك دعم الجيش الحر ووضع كل الخيارات حتى نصل إلى أهداف الثورة». وعن اعتراف الدول بالمجلس الوطني أفاد بأن «هناك اعترافا دوليا بالمجلس في مؤتمر إسطنبول، وفي مؤتمر باريس سوف نطرح نفس الموقف، خاصة أن المشاركة فيه تصل إلى أكثر من مائة دولة ومنظمة في هذا المؤتمر». وعما إذا كانت الجامعة سوف تحتضن مؤتمرات أخرى للمعارضة، قال «لم نتفق على ذلك بعد، لكن كل لقاء بين المعارضة يجب أن تركز الجهود فيه على الداخل الوطني؛ لأن العمل الوطني هو في الداخل، ونحن هنا نمثل المظلة ونعول على شعبنا في الداخل».

وعما إذا كان المؤتمر قد حقق أهدافه قال، إن «الرؤية متقاربة، خاصة حول وثيقة العهد وخريطة الطريق». وأضاف سيدا «إننا توافقنا على إسقاط النظام وتشكيل حكومة وحدة وطنية»، مؤكدا أن «الحل في رحيل النظام، وأن نتفق نحن المعارضة فيما بيننا على الطاقات السورية المناسبة، سواء كانت خارج النظام الرسمي أو تلك الطاقات التي ربما شاركت في الحكومة الرسمية».

وأوضح أن «المؤتمر وضع وثيقة الوفاق حول المستقبل، والوثيقة الأخرى هي عبارة عن خريطة طريق لتحديد القواعد والآليات التي سنجتاز بموجبها المرحلة الانتقالية الصعبة عادة والأصعب بالنسبة لسوريا؛ لأننا نجتاز مرحلة طويلة من الديكتاتورية، والتي امتدت لأكثر من أربعين عاما نحو نظام مدني ديمقراطي تعددي».

وبالنسبة للخلافات قال: «إن هذا أمر طبيعي لأن هناك وجهات نظر مختلفة، ونحن في المجلس الوطني السوري نؤكد أننا لن نوقع على أي وثيقة لا تتضمن صراحة دعم الجيش السوري الحر ودعم الحراك الثوري؛ لأننا نعتقد أن الإخوة في الجيش السوري الحر يمثلون ضلعا أساسيا من أضلاع الثورة السورية».

وطالب سيدا بضرورة الاتفاق حول الآليات والمحددات التي من شأنها أن تمكن الشعب بأقل الخسائر الممكنة. وأضاف «لكن الخطوات الأخرى الخاصة بعملية إسقاط النظام أو المراحل التي نجتازها حتى نصل إلى مرحلة سقوط النظام، فنحن في المجلس الوطني نبحث فيها ونركز في هذا المجال على الحراك الثوري الشبابي وعلى الجيش الحر والمجال الدبلوماسي، سواء على المستوى العربي أو الدولي».

وأشار إلى أنهم «يتفهمون موقف روسيا التي تتحدث عن مرحلة ما بعد الأسد»، مضيفا «لكننا نقول إن الحديث عن أي حكومة وحدة وطنية بوجود بشار الأسد لا معنى له، وبالتالي نحن نؤكد أن الحل في رحيل النظام ونتفق نحن المعارضة فيما بيننا على الطاقات السورية المناسبة، سواء كانت خارج النظام الرسمي أو تلك الطاقات التي ربما شاركت في الحكومة الرسمية، ولا بد من مشاركة الجميع مع مراعاة عنصر الكفاءة والالتزام بتطلعات الشعب السوري ومن السابق لأوانه أن نحكم على ما يجري، فهناك حرص من جانب الجميع من أجل التوصل إلى ما يطمئن الشعب السوري».

وقال «إن أهم شيء هو التوصل إلى وثيقة عهد وطني تمثل تطلعات كافة الفصائل المعارضة والوثيقة الخاصة بالمرحلة الانتقالية»، مضيفا «إذا تمكنا من التصديق على هاتين الوثيقتين سوف نتمكن من قطع شوط كبير في صالح الثورة وتطلعات الشعب السوري».

ومن جانبه، نفى علي الأمين الصعيدي، ممثل الهيئة العامة للثورة السورية بمؤتمر المعارضة السورية الذي عقد بالقاهرة، انسحاب الهيئة العامة للثورة السورية من الاجتماع، وقال «إن هذا الخبر عار تماما عن الصحة، وإن أعضاء المكتب يشاركون في أعمال المؤتمر بشكل فعال».

وشدد على أن «ما قيل مجرد هراء وصدر عن بسام جعار الموجود بلندن، وهو لا يمثل الهيئة على الإطلاق، وهو الذي صرح بهذا التصريح على إحدى القنوات الفضائية العربية، ووصف الموجودين بالمؤتمر بأنهم خونة، وهذا كلام غير منطقي»، لافتا إلى أنه حتى هذه اللحظة لا توجد انسحابات، وأنهم مستعدون للانسحاب في أي لحظة في حالة إذا كانت الأمور تسير في غير المسار الصحيح، وحتى هذه اللحظة الأمور تسير في مسارها الصحيح.

من ناحية أخرى، أكد واصل شمالي، ممثل اتحاد ثوار حمص وعضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية، أن المجتمعين خلال مؤتمر أمس للمعارضة السورية حاولوا جاهدين تجاوز عدد من النقاط الخلافية أثناء إعادة صياغة بعض الجمل التي أثيرت حولها خلافات حتى يصير حولها توافق من الجميع.

وأشار في تصريح له على هامش اجتماع المعارضة السورية بالقاهرة إلى أنه تم الاتفاق بشكل عام على ضرورة دعم الحراك الثوري ودعم شباب الثوار في داخل سوريا.

وأوضح شمالي، أن الوثيقة تطالب بإسقاط نظام الأسد بكافة رموزه ومحاكمتهم وليس تنحية للنظام، وهذا ما تم الاتفاق عليه بشكل كبير، وما زال هناك نقاط كثيرة خلافية. وحول كيفية إدارة المرحلة الانتقالية أوضح شمالي، أنه «حتى الآن لم يتم الاتفاق حول من سيقوم بإدارة المرحلة الانتقالية».

ومن جانبه، قدم علي صدر الدين البيانوني، نائب مراقب عام «الإخوان المسلمين» في سوريا، بعض الملاحظات التي طرحتها الجماعة على وثيقتي العهد الوطني وملامح المرحلة الانتقالية، وأشار إلى أن وثيقة العهد ركزت على تفصيلات وبنود كثيرة تثير الجدل، ولم يكن هناك مبرر لتضمينها الوثيقة، كما تضمنت عبارات مستفزة لشرائح واسعة من المجتمع السوري في مقدمتها عبارة «الدين لله والوطن للجميع»، لافتا إلى أنه كان يتعين الاكتفاء بالنص على بناء دولة مدنية حديثة ديمقراطية تعتمد مبدأ المواطنة.

وقال إنه قدم ملاحظة ترفض الحديث عن شعوب في سوريا في حين أن الشعب السوري واحد يضم مكونات متعددة في إشارة إلى رفضه عبارة «الشعب الكردي» وغيرها من العبارات التي تحدثت عن الآشوريين والتركمان. وقال إن وثيقة العهد الوطني عملت على تأكيد هوية الأقليات، ورغم أن ذلك أمر جيد فإنه لا يجوز إخفاء هوية الأكثرية الحضارية والثقافية والدينية، كما انتقد غياب الإشارة إلى اللغة العربية في الوثيقة وإغفال دور الأسرة باعتبارها مكونا أساسيا في المجتمع السوري.

وفيما يتعلق بالملاحظات التي قدمها البيانوني عن وثيقة المرحلة الانتقالية، قال إنها تركزت على مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في حماية المدنيين ودعم الجيش السوري الحر بمختلف وسائل الدعم واعتبار خطة المبعوث العربي والأممي المشترك كوفي أنان في حكم المنتهية، وأنه لا يجب منح المزيد من الوقت لها حتى لا يواصل النظام استغلاله لها في قتل المزيد من المدنيين العزل.

ومن جانبه قال مرشد معشوق الخزنوي، ممثل الطيف الكردي السوري خلال مؤتمر المعارضة السورية المنعقد حاليا بالقاهرة، إنه تمت مناقشة قضية ميثاق العهد الوطني، مضيفا أن هذه الورقة كانت مكونة من 18 بندا في مجملها كانت محل اتفاق للأطراف كلها وهي عبارة عن بنود دستورية، تعاهد الموجودون على أن تدرج في الدستور السوري في المستقبل.

وأكد الخزنوي أن هناك نقطتين أساسيتين كانتا محل خلاف وشهدت نقاشات قوية وهي قضية علمانية الدولة والقضية الكردية السورية، مضيفا أن هناك بعض العروبيين والإسلاميين مثل الإخوان المسلمين يرفضون حتى ذكر كلمة كردي في الدستور وغير راضين عن هذه الفكرة ويرغبون في كتابة أن سوريا تتألف من عدة قوميات دون ذكر حقوق الشعب الكردي، قائلا: «هذا ما قابلناه بالرفض ككتلة كردية ولن نرضى إلا بأن ينص الدستور السوري الجديد على حقوق الأكراد المشروعة وإلا فلماذا كل هذا النضال الطويل طوال 50 سنة في هذه القضية، وتعهد الحضور على الخروج برؤية مشتركة موفقة».

وأشار الخزنوي إلى أن هناك ورقة أخرى تتمثل في إنشاء لجنة متابعة لهذا الأمر وأن الكل يحاول أن يكون ممثلا فيها وبالتالي فإنها نقطة خلاف لأن اللجنة من المستحيل أن تتضمن أكثر من 200 شخص، منوها إلى أن هناك اتفاقا على تشكيل اللجنة ولكن الخلاف على من سيكون ممثلا بها، مؤكدا أن إنشاء لجنة المتابعة هي النتيجة الأخيرة لتوحيد المعارضة، وختم تصريحاته قائلا: «أعتقد أنها ستلقى نقاشا طويلا لكنها في النهاية ستخرج بالنتائج التي نرجوها».

ومن جانبه، قال المحامي بسام طبلية عن تيار التغيير الوطني، إنه من الطبيعي أن يكون بين المعارضة خلافات، ولكن الذي لا خلاف عليه أن كافة الأطراف متفقة على إسقاط النظام وضرورة دعم الأهل في الداخل، وهناك وجهات نظر كثيرة حول ضرورة توحيد المعارضة للخروج أمام المجتمع الدولي بموقف موحد يهدف إلى تحقيق وجهة الشعب وهو إسقاط النظام. وعما إذا كانت بعض التيارات قد انسحبت من المؤتمر قال، إن هناك بعض الخلافات الشكلية، لكن الجميع موجود ولم ينسحب أحد ولم تحدث خلافات جذرية.