المصريون يترقبون «100 يوم من الهدنة» مع رئيسهم الجديد

أجمعوا على ضرورة استقطاعها من أجندة النضال والثورة

رسم توضيحي لخطة الـ100 يوم الأولى في برنامج الرئيس محمد مرسي («الشرق الأوسط»)
TT

«هي هدنة مستقطعة من أجندة الثورة قررنا إعطاءها للرئيس مرسي، بدافع من وطنيتنا وحرصا على مصالح البلاد ».. هكذا يشير خالد سيف، (34 عاما)، الذي اعتاد منذ قيام ثورة 25 يناير في مصر قبل 16 شهرا، قضاء نحو ساعة أسبوعيا في مناقشة أحوال البلاد مع أصدقائه وجيرانه عقب صلاة الجمعة، وهو نقاش لم يكن يخلو من المشادات والخلافات الحادة، لكن سيف، الذي صوت للمرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية، قرر أن يتوقف عن حالة الجدل السياسي الأسبوعية خلال المائة يوم الأولى من فترة ولاية الرئيس المصري الجديد الدكتور محمد مرسي من أجل إنهاء حالة الاستقطاب بين أصدقائه وإعطاء الرئيس مرسي فرصة لتحقيق جزء من وعوده الانتخابية.

حالة الهدوء التي ينشدها سيف تبدو واقعية، خاصة أن المصريين عاشوا طيلة الفترة الانتقالية في بيئة متنافرة من الغضب تخللتها أحداث عنف في مختلف الميادين المصرية أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى، وصراع واستقطاب سياسي وديني حاد بين المرشحين الرئاسيين، خاصة في جولة الإعادة.

ووضع الرئيس مرسي خطة سريعة لتنفيذها في المائة يوم الأولى لحكمه تستهدف النهوض السريع بالقطاعات المهمة للمصريين، وعلى رأسها محاور الأمن والمرور والنظافة والخبر والوقود وهي القطاعات التي شهدت أزمات عنيفة عبر الـ16 شهرا الماضية.

وبينما كان يزيل ملصقا لشفيق من على زجاج سيارته، قال سيف، الذي يعمل محاسبا قانونيا، «مرسي أصبح رئيسا لكل المصريين وعلينا إعطاؤه الفرصة لإثبات جدارته ولالتقاط أنفاسنا؛ لقد كانت مرحلة انتقالية عنيفة وحادة»، متابعا «هناك 100 يوم من الهدنة بيني وبينه دون أي انتقاد أو معارضة.. وبعدها نبدأ المحاسبة».

وأعلن عدد من الأحزاب السياسية المصرية، معظمها ليبرالية ويسارية، حالة من الهدنة السياسية بينها وبين الرئيس مرسي خلال المائة يوم الأولى لحكمه، متعهدة بعدم انتقاده حاليا، وبمحاسبته بعد المائة يوم ما لم يف بوعوده في تحقيق أهداف الثورة، وقال راوي تويج، السكرتير العام لحزب المصريين الأحرار الليبرالي، إن اللحظة الحالية في مصر تحتاج للمصالحة الوطنية التي تبدأ بعدم التربص بالرئيس مرسي والانتظار حتى نهاية المائة يوم الأولى في حكمه.

ويقول محمد جمال مصطفى، (23 عاما)، مسؤول تدريب بشركة دولية، إن مستقبل مصر يحتاج للم شمل المصريين حول مرسي. وأضاف جمال، الذي شارك في معظم مظاهرات الثورة وصوت لمرسي اضطرارا، «الاستقرار لن يأتي إلا من خلال ترك الرئيس مرسي يعمل بحرية ودون تصيد للأخطاء»، متابعا «لكنني لا أتوقع أن تمر المائة يوم دون صراعات سياسية جديدة».

ويعتقد هاني محسن، (25 عاما)، موظف تنفيذي بالغرفة التجارية الفرنسية بالقاهرة، أن المجلس العسكري لم يسلم السلطة كاملة للرئيس مرسي مما سيخلق مشاكل جمة بين الطرفين، قائلا «تسليم السلطة كان شكليا والسلطات التي تسلمها مرسي غير كافية على الإطلاق، كما أن إجراءات تسلمه السلطة تضمنت قبوله بالإعلان الدستوري المكمل الذي يعني أنه ارتضى سحب سلطاته.. وهو ما سيخلق صداما بينهما لا محالة»، ويقول خبراء إن خطة المائة يوم الأولى لمرسي تحتاج نحو 20 مليار جنيه (3.3 مليار دولار أميركي) لتحقيقها، لكن وجود سلطة التشريع في يد المجلس العسكري يجعل من المجلس العسكري المتحكم الرئيسي في تطبيقها على أرض الواقع.

ويتخلل المائة يوم الأولى لمرسي استمرار المفاوضات بين القوى السياسية حول الجمعية التأسيسية للدستور، وهو ما يمكن أن يشكل خرقا للهدنة السياسية ويشعل الصراع مجددا بين القوى السياسية حال لم يتوصل الغرماء السياسيون لاتفاق يضمن صياغة دستور يعبر عن كل المصريين.

وكشف محمود عبد الله، (25 عاما)، عن أمنياته بمرور الأيام الأولى لمرسي هادئة بعيدا عن حالة الاشتباك السياسي بين القوى السياسية، وقال عبد الله، الذي يعمل محاسبا، لـ«الشرق الأوسط»: «أتمناها فترة سكون وراحة بعيدا عن الخلاف والعنف والاضطرابات»، لكنه استدرك «لا يوجد أحد لا يعلي مستقبل مصر، والقوى السياسية ستشتبك مجددا بالتأكيد».

وأبدى الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة، اعتقاده قيام بعض الأحزاب السياسية الباحثة عن دور في الإدارة الجديدة بتهدئة الأجواء السياسية حول الرئيس مرسي، وقال حسني لـ«الشرق الأوسط»: «حالة الهدنة مرتبطة بالقرارات التي سيتخذها مرسي بشأن الحكومة واختيار الوزراء والمسؤولين»، متابعا «أعتقد أنه لن يأخذ قرارات حادة وسيحاول تهدئة الأمور، لكن تنفيذ الوعود الانتخابية مختلف تماما عن إطلاقها وهو ما قد يهدم المعبد فوق مرسي».