مقتل شاب على أيدي متشددين يثير القلق حول عودة التنظيمات الجهادية

بعضهم اعتبرها المعركة الأخيرة للثورة المضادة

TT

بينما شيع المئات أمس جثمان الطالب المصري الذي لقي مصرعه على أيدي 3 يعتقد أنهم متشددون إسلاميون اعتدوا عليه اعتراضا على وجوده مع خطيبته في الطريق العام، تزايد في مصر الجدل حول هوية مرتكبي الجريمة وانتمائهم، خصوصا مع عدم القبض على أي منهم حتى أمس. واتجهت أصابع الاتهام في وسائل إعلام محلية أمس إلى تيارات إسلامية متشددة، لكنّ آخرين زعموا أن الأمر كله مدبر عن طريق جهات أمنية تريد ربط حوادث العنف والتشدد بالتيارات الإسلامية، خصوصا مع تولي الرئيس الإخواني محمد مرسي السلطة في مصر قبل أيام.

وفي أول رد فعل رسمي على الواقعة، قال الدكتور ياسر علي، القائم بأعمال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إنه سيتم تطبيق القانون بمنتهى الحزم، خصوصا في ما يتعلق ببعض الوقائع المفزعة بالشارع المصري، مثل مقتل شاب السويس.

ويدعى الشاب القتيل أحمد حسين (20 عاما)، ويتهم نشطاء جهات متشددة يقولون إنها محسوبة على تيار الإسلام السياسي، بالضلوع في حادثة مقتله. وزعمت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أنها تتبع جماعة متشددة تتعهد بملاحقة المصريين غير الملتزمين من وجهة نظرهم المتشددة للدين. وحذر النشطاء من عودة التنظيمات الجهادية للنشاط في مصر اعتمادا على وصول رئيس إسلامي لحكم البلاد.

ومن جانبها نفت الجماعة الإسلامية بمحافظة السويس أي علاقة لها بواقعة مقتل الشاب، وقالت الجماعة في بيان لها: «إن ما يردده البعض عن تورط الجماعة الإسلامية في قتل هذا الشاب هو محض افتراء متعمد لا دليل عليه سوى أنه أحد فصول الحملة التي تدار حاليا على التيار الإسلامي لمحاولة تشويهه عن طريق قنوات معروفة بانتماءاتها»، وفقا للبيان.

وقال ناجح إبراهيم، القيادي في الجماعة الإسلامية، إن الجماعة تسلك منهج الدعوة السلمية، رافضا ربط الجماعة بأي فعل عدائي يحدث في الشارع المصري، وأضاف ناجح لـ«الشرق الأوسط» أن الدولة هي المسؤولة عن المواطنين، وليس من حق أي جهة أو جماعة أن تعطي لنفسها هذا الحق في تطبيق القانون وإرشاد الناس وأمرهم ببعض الأمور أو نهيهم عن أمور أخرى.

وتابع إبراهيم قائلا إنه وفقا للفقه الإسلامي فإن من له الحق في استخدام القوة هو الدولة، مشيرا إلى أنه «لا يمكن تغيير منكر صغير بمنكر كبير هو القتل الذي هو قمة المعاصي». وشاركت قوى سياسية وحزبية وشعبية في السويس في مسيرة حاشدة فور انتهاء جنازة الشاب القتيل، مطالبين الأجهزة الأمنية بالقبض على الجناة والقصاص منهم. كما أصدر 11 حزبا وحركة في السويس بيانا بنفس المطالب.

وقالت والدة القتيل لصحيفة محلية مصرية أمس إنها لا تتهم الإسلاميين بقتل ابنها، مشيرة إلى أن البلطجية ربما هم من وراء مقتل ابنها، مطالبة رئيس الجمهورية بالتدخل. ومن المعروف أن قيادات الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد التزمتا بمراجعات فكرية لنبذ العنف في أواخر التسعينات ومطلع الألفية، تحت إشراف نظام الرئيس السابق حسني مبارك. ومنذ الإطاحة بالنظام السابق تكررت بعض حوادث العنف الديني، من بينها قيام بعض المحسوبين على جماعات تكفيرية بهدم ضريح مسجد «الشيخ صالح» في قرية أبشواي بمحافظة الفيوم (جنوب القاهرة) قبل خمسة أيام.

وأوضح اللواء فؤاد علام، الخبير الأمني ووكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، أن الصورة العامة في مصر تكشف وجود جماعات منتشرة في البلاد تعتنق بعض الأفكار المتطرفة وتأخذ من سيناء قاعدة لها، وقال علام لـ«الشرق الأوسط» إن «الأفكار التي نبذتها الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد بدأت تنتشر في صفوف بعض الشباب المتشددين.. والتطورات الأخيرة تقول إن تلك الأفكار المتشددة تجد أرضية لدى كثير من الشباب».

وأرجع علام بروز التشدد إلى حالة الاضطراب الأمني والفوضى الذي جعل المناخ أيسر للقيام بتلك التصرفات العدوانية، وتوقع علام أن تتكرر تلك الحوادث كثيرا في الفترة القادمة، معلقا على ربط الواقعة بالجهات الأمنية بالخيانة العظمى للبلاد. واعتبر الدكتور محمد الجوادي، الخبير بالأمن القومي، واقعة السويس أحدث حلقات الثورة المضادة، قائلا: «الواقعة مختلقة وتهدف إلى تشويه الإسلاميين وإلصاقهم بإراقة دماء المصريين»، متابعا: «الثورة المضادة تريد أن تنجح بأي طريقة ولو على حساب المصريين أنفسهم.. وهناك أجهزة سيادية تقوم بذلك». ونصح الجوادي رئيس الجمهورية بالظهور تلفزيونيا والتحدث للمواطنين بشأن تلك الواقعة بتفاصيل واضحة وبيان دور الدولة في وقف تلك الأفعال.