لبنان: الكتل المسيحية تقاطع جلسة البرلمان احتجاجا على مشروع قانون يخل بالتوازن الطائفي

مقربون من رئيس الجمهورية يرجحون أن يرده إلى المجلس النيابي

TT

في تحرك هو الأول من نوعه، أقدمت الكتل النيابية المسيحية المعارضة والموالية على مقاطعة جلسة مجلس النواب يوم أمس، بعد إقرار باقي الكتل في جلسة مسائية أول من أمس مشروع قانون لتثبيت العمال المياومين (غير المثبتين) في مؤسسة كهرباء لبنان، ومعظمهم من المسلمين.

وكانت أوساط البطريركية المارونية في بكركي أعربت في وقت سابق عن رفضها لإقرار هذا القانون، كونه يخل بالتوازن الطائفي داخل مؤسسة كهرباء لبنان، باعتبار أن معادلة التوازن في المؤسسة ستتغير وسيصبح نحو ثلثي الموظفين من المسلمين مقابل ثلث من المسيحيين.

وبينما يعول المعترضون على هذا القانون على موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان منه، الذي يتمتع بصلاحية عدم توقيعه ورده إلى المجلس النيابي، لم يستبعد وزير البيئة ناظم الخوري المقرب من الرئيس «إمكان رد القانون انطلاقا من مواقف الرئيس سليمان الجامعة، وخصوصا في القضايا الميثاقية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل الاحتمالات واردة، ورد القانون ليس مستبعدا نظرا لأنه يحظى باعتراض فئة كبيرة من اللبنانيين ومن طائفة معينة، ولطالما كان الرئيس يسعى لاتخاذ المواقف التي تحظى بالإجماع».

بدورها أكدت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» أن «لا شيء نهائي بعدُ في هذا الإطار، وأنه لن يكون للرئيس سليمان موقف من القانون قبل أن يصل إليه من المجلس النيابي»، وأضافت: «قد يحمل القانون ثغرات، وبالتالي لا إمكانية لإعطاء موقف نهائي بشأنه قبل الاطلاع عليه عن كثب».

من جهته أوضح نائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي موقف الحزب من الموضوع، لافتا إلى أنه «وإلى جانب عدم مراعاة القانون للتوازن للطائفي ولحاجات الإدارة، فإن الاحتجاج الحاصل ينطلق أيضا من طريقة تنظيم الجلسات»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ليس أول قانون يمس الحياة الميثاقية والتوازن السياسي والطائفي يتم تمريره بشكل اعتباطي، فقد شهدنا وضعا مماثلا حين تم تمرير قانون الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين»، مشددا على «وجوب السير بالاقتراح الذي تقدم به النائب سامي الجميل لمكننة التصويت إلكترونيا خلال الجلسات».

وإذ دعا قزي القيادات المسيحية التي توافقت على ملف المياومين للوحدة في التعاطي مع ملفات استراتيجية، كوجود المسيحيين في لبنان والشرق وتقرير مصيرهم، شدد في الوقت عينه على أن خروج القيادات المسيحية من الاصطفافات السياسية القائمة في البلد لا يعني خروجها عن الثوابت الوطنية، وقال: «موقفنا ككتائب وقوات بالأمس لا يعني خروجنا عن مبادئ ثورة الأرز، بل يعني أن التيار الوطني الحر عاد ليلتقي مع الكتائب على المبادئ التي كنا نلتزم بها معا في وقت سابق».

وبعد اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح» الأسبوعي، خرج رئيسه النائب ميشال عون مشددا على أنه «لا يمكن لأحد أن يفرض علينا قرارات خاطئة لأسباب انتخابية وغير انتخابية»، مشيرا إلى أن «هناك وزراء من دون حس مسؤولية ومن دون ضمير مهني، وهناك أشخاص ليسوا واعين لعملهم وللنتائج التي تترتب عليها».

ووصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قرار تثبيت عدد كبير من المياومين في هذه الظروف بـ«غير المنطقي»، مشددا على أنه «لا يمكن للبلد أن يسير بهذه الطريقة في إدارة التصويت على المشاريع»، قائلا: «طريقة تصويت النواب على اقتراح القانون كان ملتبسا لدرجة أننا لم نستطع أن نعرف إن كان هناك أغلبية أم لا، حيث إنه لم يحصل هناك تعداد للأصوات». وسأل: «ماذا سنقول لمياومي وزارة الإعلام وغيرهم؟»، مشددا على أنه «إذا أردنا تثبيت جميع المياومين ستكسر الدولة»، ومستغربا «تثبيت مياومي الكهرباء دون سواهم»، ومؤكدا أنه ليس هناك أحد «ضد تثبيت المياومين لكن من ضمن نظرة عامة لا تؤدي إلى كسر الدولة».

أما موقف تيار المستقبل من الموضوع فعبر عنه رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب محمد قباني الذي استهجن انسحاب الكتل النيابية من المجلس، مشددا على أنه «لا يمكننا أن نضع شروطا بأنه إذا لم يعجبنا القرار ننسحب من المجلس النيابي. يجب أن نخضع للعبة الديمقراطية»، معتبرا أن «انسحاب النواب نوع من الخطأ، وإذا كانت الحجة أن لا مناصفة في توظيف هؤلاء المياومين فهذا أيضا مردود».

وإذ أكد «وجوب الحرص على التوازن الطائفي في مواقع القرار كي يطمئن الجميع، ولكن ليس في الوظائف الصغيرة»، أوضح - ردا عن سؤال حول الطريقة في إدارة القرار من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري وإقرار مشروع القانون - أن «أسلوب إدارة الجلسات هو هكذا منذ عشرين عاما، أما لماذا ضخم هذا المشروع فلأنه مشروع لجبران باسيل، وممنوع أن يسقط مشروع له وينجح لغيره».