فرنسا عازمة على العودة إلى مجلس الأمن.. وروسيا تغيب عن مؤتمر الجمعة لأصدقاء الشعب السوري

الرئيس هولاند تباحث مع العاهل الأردني في الوضع السوري وموقف روسيا

TT

حفلت زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى فرنسا أمس بلقاءات متلاحقة ضمته إلى الرئيس فرانسوا هولاند الذي التقاه في قصر الإليزيه للمرة الأولى منذ انتخابه في شهر مايو (أيار) الماضي، ورئيس الحكومة جان مارك ايرولت، ورئيس مجلس النواب كلود بارتولون، فضلا عن مجموعة الصداقة الفرنسية - الأردنية في مجلس الشيوخ. وبعد الظهر، التقى العاهل الأردني مجموعة ضيقة من المثقفين والإعلاميين الفرنسيين والعرب في مقر الأكاديمية الدبلوماسية التي يديرها السفير السابق جان كلود كوسران.

ورافق الملك عبد الله الثاني في زيارته الأمير غازي بن محمد كبير مستشاريه، ووزير الخارجية ناصر جودة، ومدير مكتبه عماد فاخوري، فيما انضمت إلى الوفد سفيرة الأردن لدى فرنسا دينا قعوار.

وأصدرت الرئاسة الفرنسية بيانا أشارت فيه إلى أن مباحثات رئيسي الدولتين تركزت على الوضع في سوريا، والمواضيع الإقليمية والدولية وعلى رأسها مسار السلام الفلسطيني - الإسرائيلي المعطل. وأكدت مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيجيء إلى باريس يوم الجمعة القادم، أي يوم انعقاد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، وأنه، إلى جانب اجتماعه مع الرئيس الفرنسي، سيجري مجموعة من اللقاءات مع وزراء خارجية غربيين بينهم الوزيرة الأميركية هيلاري كلينتون.

وفي الموضوع السوري، أفادت مصادر أردنية عالية المستوى بأن هولاند وملك الأردن تناولا بالتفصيل الوضع السوري على ضوء ما تحقق في جنيف في إطار «مجموعة العمل» واجتماع باريس لأصدقاء الشعب السوري الذي سيلتئم يوم الجمعة. وحظي موقف روسيا من الوضع السوري بتحليل معمق في اجتماع الإليزيه. وأمس، أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، عقب لقائه نظيره الألماني غيدو فسترفيلي، أن موسكو أبلغت باريس أنها لن تحضر الاجتماع، من غير أن يعطي تفاصيل إضافية عن أسباب الغياب الروسي، علما بأن موسكو قاطعت الاجتماعين السابقين لأصدقاء الشعب السوري اللذين عقدا في تونس ثم في إسطنبول.

وترى المصادر الأردنية التي تتخوف من انعكاسات ما يجري في سوريا على الأردن وأمنه واستقراره وتدفق اللاجئين أن موقف موسكو قد «شهد تحولا محسوسا» في الفترة الأخيرة قياسا إلى ما كان عليه في السابق، الأمر الذي يدل عليه قبولها بـ«ورقة جنيف» رغم القراءة المتغايرة للروس والغربيين لما تضمنته، خصوصا لجهة بقاء الرئيس الأسد أو رحيله. وربطت هذه المصادر بين التشدد الروسي ومخاوف موسكو من الموجة الإسلامية والإرهاب واستقرار منطقة القوقاز، فضلا عن معارضتها الشديدة لأي تدخل عسكري أو النموذج الليبي. واستبعدت هذه المصادر أن تكون هناك «خطط» للتدخل العسكري في سوريا، إذ إن الوضع في سوريا «بالغ التعقيد والتأثير ولا يشبه بشيء الوضع الليبي». وفي اللقاء أشاد هولاند بما يقوم به الأردن لاستضافة وإيواء السوريين الفارين من القمع والذين بلغ عددهم 130 ألف شخص.

وقال بيان الإليزيه إن الرئيس هولاند أكد خلال اللقاء أن باريس «عازمة على العمل في مجلس الأمن الدولي من أجل الدفع لتطبيق خطة أنان»، في إشارة إلى رغبتها في وضعها تحت الفصل السابع. وقال الوزير فابيوس إن الروس سيوضعون، في هذه الحالة «في مواجهة مسؤولياتهم» لأنهم وافقوا على خطة أنان الأصلية وعلى ورقة جنيف التي تدعو لتشكيل حكومة انتقالية مشتركة من المعارضة ومن النظام الحالي تتولى الشؤون التنفيذية، من غير أن تقول صراحة برحيل الأسد. وأشار الوزير الألماني إلى أنه سيذهب إلى موسكو غدا الخميس لمناقشة الملف السوري مع المسؤولين الروس.

ونقل البيان الرئاسي عن هولاند أن المعارضة السورية ستحظى بـ«مشاركة واسعة» في مؤتمر الجمعة. غير أن المصادر الفرنسية لم تكشف حتى الآن عن الأطراف التي دعيت إلى باريس، علما بأن المجلس الوطني السوري حظي حتى الآن بأكبر حضور في هذا النوع من المؤتمرات. ورجحت مصادر دبلوماسية أن فرنسا تنتظر ما سيسفر عنه اجتماع القاهرة قبل أن تقرر ما ستفعله.

ونقلت وكالة «بترا» للأنباء عن الوفد الأردني أن الملك عبد الله الثاني أعرب عن قلق بلاده من التصعيد الحاصل في سوريا، وازدياد العنف وانعكاساته على صعيد المنطقة ككل، مشددا على الحاجة لحل سياسي يحافظ على وحدة سوريا وشعبها، وعلى الحاجة لتعاون كل الأطراف من أجل تحقيق هذا الهدف.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الألماني إن غياب روسيا عن باريس «لا يعني أننا لا نتحاور معها، إذ يتعين علينا أن نقنعها بالوقوف إلى الجانب الجيد للتاريخ». وتتوقع باريس مشاركة ما يزيد على مائة دولة ومنظمة وهيئة يوم الجمعة. وبحسب الوزير فابيوس فإن المجتمعين سيؤكدون دعمهم لتطبيق خطة أنان، فضلا عن وجود «توافق» بين الذين سيحضرون على الحاجة لزيادة الضغوط على النظام السوري.

ورغم الانتقادات التي وجهها وزير الخارجية الروسي للغربيين الذين اتهمهم بـ«تحريف» مضمون ورقة جنيف، فقد التزم فابيوس بالتفسير الذي يقول إن الورقة تدعو ضمنيا لرحيل الأسد. وقال فابيوس «النص يقول: إن اختيار الذين سيشاركون في الحكومة (الانتقالية) يفترض قبولا متبادلا (من النظام والمعارضة)، مما يعني استبعاد الأسد، لأننا لا يمكن أن نتصور أن المعارضة ستقبل بقاءه».

وفي لقاء عبد الله الثاني - هولاند، أعرب الثاني عن عزمه تطوير الشراكة الفرنسية - الأردنية في مختلف المجالات، ورغبته في تعميق «التشاور» في الميدان السياسي. وعرض الملك عبد الله الثاني الخطوات الإصلاحية والتعديلات الدستورية التي تقوم بها حكومته بهدف تطوير وتحديث الحياة السياسية في الأردن. ووعد هولاند بدعم الأردن على الصعيد الاتحاد الأوروبي وفي إطار «شراكة دوفيل» التي تضم بلدان الربيع العربي والأردن والمغرب.