قمة أفريقية مصغرة لدعم باماكو في مواجهة الجماعات المتشددة

المتشددون يزرعون الألغام في محيط غاو تحسبا لنشر القوات الأجنبية

وزيرة الثقافة المالية فاطمة توري ديالو (وسط) وسفير فرنسا لدى اليونيسكو، دانيال روندو (يمين) يدعوان لحماية الإرث الثقافي في مالي، من أمام أحد المعالم التاريخية لمدينة سان بطرسبورغ الروسية أمس (أ.ب)
TT

تريد دول غرب أفريقيا المجاورة لمالي تعزيز السلطات الانتقالية القائمة في باماكو العاجزة أمام تحركات المجموعات الدينية المسلحة التي تسيطر على شمال البلاد وترتكب عدة تجاوزات بينها تدمير أضرحة أولياء مسلمين في تمبكتو. ومنذ الانقلاب الذي أطاح في 22 مارس (آذار) الماضي الرئيس أمادو توماني توري، لم تتمكن السلطات الانتقالية التي تولت السلطة بعد انسحاب العسكريين من منع تقدم المجموعات الإسلامية المرتبطة بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، في شمال البلاد. وباتت مجموعتا «أنصار الدين» و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» تسيطران مع تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» على ثلاث مناطق كبرى وأقاليم إدارية تضم شمال البلاد هي تمبكتو (شمال غرب) وغاو (شمال شرق) وكيدال (أقصى الشمال الشرق). وانتصرت المجموعتان على المتمردين الطوارق في حركة تحرير أزواد الذين شنوا عليهم هجوما في شمال مالي في يناير (كانون الثاني) الماضي. وارتكبت من وقتها عدة تجاوزات في هذه المنطقة التي لم تعد فيها الإدارة المركزية قائمة ولا حتى الجيش الذي مني بهزائم.

وأثار تدمير «أنصار الدين» خلال الأيام الماضية لأضرحة أولياء مسلمين ولباب مقدس في مسجد في تمبكتو صدمة في مالي وفي العالم. وأدانت منظمة اليونيسكو التي أدرجت تمبكتو على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر «بشدة» أمس، تدمير هذه المعالم التاريخية المسلمة، داعية إلى وضع حد لهذه «الأعمال المسيئة».

لكن يبدو أن لا شيء يلجم تفوق المجموعات المتشددة. وأمام عجز باماكو، تعتزم دول «المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا» (الإيكواس) عقد «قمة مصغرة» في واغادوغو السبت المقبل، يشارك فيها ممثلون من مالي لتشكيل حكومة قوية. وأول من أمس، أعلن وزير خارجية بوركينا فاسو «علينا النظر في تشكيل حكومة توافق واسع حكومة وحدة وطنية ستكون قادرة على مواجهة التحديات التي تشهدها مالي. نريد أن ينظم الماليون وحدة مقدسة حول الأهداف الكبرى الواجب بلوغها» خصوصا «إدارة الأزمة في شمال» البلاد.

ودول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا مستعدة لإرسال قوة عسكرية إلى مالي لكنها تنتظر للقيام بذلك الحصول على الضوء الأخضر من السلطات المالية والأمم المتحدة. وصرح الرئيس الغيني ألفا كوندي في باريس «إن حكومة الوحدة الوطنية ستحظى بشرعية للمطالبة بتدخل القوات الأفريقية في الشمال. لا يمكن تسوية مشكلة الشمال في حال لم نقم أولا بتسوية مشكلة باماكو».

لكنه استبعد أن يحارب الأفارقة المتمردين الطوارق في حركة تحرير أزواد العلمانيين الذين غالبا ما يعتبر أنهم يشكلون حاجزا لمواجهة المتشددين في مالي. وفي الجزائر، أعلن وزير خارجية مالي ساديو لامين سو أن بلاده «ستقوم بكل ما في وسعها لاستعادة كافة أراضيها». وأقر بأن قيادة الجيش «تأثرت لكن الجيش يعيد تنظيم صفوفه ويقوم بواجبه. الجيش يستعد».

ويستعد الإسلاميون من جانبهم إلى تدخل محتمل من دول غرب أفريقيا وزرعوا ألغاما في محيط غاو، وكذلك لهجوم مضاد من المتمردين الطوارق الذين طردوا من المدينة في 27 يونيو (حزيران) الماضي بعد معارك عنيفة مع حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا أوقعت ما لا يقل عن 35 قتيلا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، أبو وليد صحراوي، قوله: «نعم لقد زرعنا ألغاما عسكرية للدفاع عن المدينة من هجمات. أعداؤنا أيضا كل الدول التي سترسل مقاتلين إلى هنا». كما أعلن أن مجموعته كبادرة حسن نية أفرجت عن 25 متمردا من الطوارق أسروا خلال المعارك في غاو.

وفي تمبكتو لم تستأنف عملية تدمير الأضرحة والمساجد صباح أمس. وزار أعضاء في جماعة «أنصار الدين» الأسواق ليطلبوا من التجار عدم زيادة أسعار السلع الأساسية. من جهته صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن لفرنسا «أملا كبيرا» في أن يصدر مجلس الأمن في وقت قريب قرارا يجيز انتشار قوة أفريقية في مالي. وقال فابيوس للصحافيين في ختام لقاء مع نظيره الألماني غيدو فسترفيله «لدينا أمل كبير في أن يتم تبني» قرار.

وكان قادة غرب أفريقيا دعوا يوم الجمعة الماضي مجلس الأمن إلى «الإسراع» في التصويت على قرار يجيز إرسال قوة إقليمية إلى مالي للتصدي إلى الجماعات المتشددة التي استولت على شمال هذا البلد. ولفت الوزير الفرنسي إلى أن صيغة أولى للقرار اعتبرت «غير واضحة بما يكفي من قبل البعض». وأضاف «أن (مشروع) قرار جديد تجري مناقشته في الأمم المتحدة. ولدينا أمل كبير في أن يتم تبنيه. وسيسمح ذلك لأصدقائنا الأفارقة باتخاذ جملة من القرارات المستندة بالطبع إلى الشرعية الدولية».