أنان يرى «تغيرا واضحا» في موقف روسيا والصين تجاه سوريا

برهان غليون لـ «الشرق الأوسط»: خطة أنان فشلت.. وأميركا وروسيا لا تقدمان مبادرات حاسمة للحل

TT

بينما أكد أحمد فوزي، المتحدث باسم كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، ضرورة وقف إطلاق النار في سوريا ووقف عسكرة الأزمة، حتى يتمكن السوريون من بدء مرحلة الانتقال السياسي، مؤكدا وجود تغير ومرونة في مواقف روسيا والصين تجاه الوضع في سوريا بدا واضحا خلال اجتماع جنيف السبت الماضي، أقر برهان غليون، رئيس المكتب السياسي للمجلس الوطني، بفشل مؤتمر جنيف.

وقال فوزي، خلال لقاء صحافي بجنيف أمس، إن اجتماع جنيف استطاع تحقيق بعض الإنجازات، وأضاف «كان إنجازا حقيقيا لكوفي أنان.. إنه استطاع حشد المجتمع الدول مرة أخرى، وجلبهم إلى طاولة المفاوضات، وليس فقط مجموعة الدول الخمس، لكن الدول الإقليمية والمنظمات الرئيسية، ودفعهم للموافقة على المبادئ والسياسات حول تشكيل حكومة انتقالية». وأضاف فوزي «التقارير الصادرة من روسيا والصين تدعم بقوة اتفاق جنيف، وتقول إن الاتفاق هو مصدر إلهام، وإنهم سوف يضعون دعمهم الكامل وراء هذا الاتفاق، والقيام بكل ما يلزم لتنفيذه».

وأشار المتحدث باسم أنان إلى اجتماعات قريبة بين زعماء المعارضة السورية في موسكو، مشيرا إلى أن الروس سيقومون بوضع ثقلهم السياسي لتنفيذ قرارات اجتماع جنيف، وقال «لا يجب أن نقلل من حقيقة أن هناك اتفاقا من حيث المبدأ على التحول السياسي».

وشدد فوزي على ضرورة وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية والعنف بجميع أشكاله، وهو المطلب الأول في البيان. وقال «جميع المشاركين في اجتماع السبت الماضي، وجميع المشاركين في اجتماع أصدقاء سوريا، ملتزمون باستخدام نفوذهم لوقف الأعمال العدائية». وأضاف أن «كوفي أنان وفريقه مستاءون من استمرار العنف، ونناشد كل القوى استخدام نفوذها لوقف أعمال القتل حتى نتمكن من الانتقال إلى عملية سياسية، والتي نعتقد أنها الحل الوحيد لهذه الأزمة».

وحول طريقة حث الأطراف على وقف القتل، أجاب فوزي «بالنظر الثاقب للوثيقة يمكن فهم الإجراءات التي سيتخذها الطرفان والإجراءات التي سيتخذها أعضاء المجموعة لتنفيذ الاتفاق، وبالتزامهم بالضغط على الأطراف المتنازعة في سوريا، الحكومة والمعارضة بمختلف أطيافها، وهناك اجتماع القاهرة تحت رعاية جامعة الدول العربية، واجتماع لمجموعة أصدقاء سوريا في باريس في السادس من يوليو (تموز) الحالي، وهناك اجتماعات في عواصم مختلفة، ويقوم المبعوث الخاص كوفي أنان باتصالات هاتفية والتخطيط للخطوات المقبلة، وأكد المشاركون أنهم يعارضون زيادة التسليح، لذا فهناك خطوات يمكن للدول استخدام نفوذها من خلالها للتأثير على الأطراف».

وفي سؤال حول كيفية قيام الدول باستخدام نفوذها للتأثير على الحكومة السورية وجماعات المعارضة، أجاب فوزي «هذا لن يكون سهلا، فهذا الصراع الذي نتعامل معه معقد للغاية، والطريق سيكون طويلا ووعرا، لكننا نعتقد أن الالتزامات التي قطعت في اجتماع جنيف إذا تم تطبيقها سيكون لها تأثير على أرض الواقع». وأضاف «لا يجب التقليل من درجة التحول التي حدثت في المواقف الروسية والصينية وقبولهم لمبدأ التغيير السياسي، وهناك أيضا قطر وتركيا والكويت التي وقعت على الاتفاق وسوف تمارس نفوذها على الأطراف السورية». ورفض فوزي إعطاء تفاصيل حول شكل وطريقة استغلال النفوذ، ولا خطة عمل تلك الدول، وقال «يكفي التفكير في النفوذ الذي تملكه هذه الدول، وأي المزايا يمكن منعها، بما يؤثر على سلوك كل الأطراف».

ووصف فوزي المشاركين في اجتماع جنيف بالخبراء في مجال حل النزاعات والدبلوماسية، مشيرا إلى أن وثيقة جنيف هي نوع من الدبلوماسية الناعمة، وأن حل الأزمة السورية يكمن في تلك الوثيقة، وقال «إننا نناشد الطرفين ليبتعدوا عن حافة الهاوية، وأن ينظرا بتعمق في المقترحات المطروحة على طاولة المفاوضات لأنها تشكل إطارا للحل. وهناك حل يمكن التوصل إليه عبر مزيد من إراقة الدماء، وحل يمكن التوصل إليه من خلال التفاوض ومن خلال عملية سياسية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري».

ومن جهته، قال برهان غليون «إن مؤتمر جنيف مجرد محاولة إنقاذ فاشلة لخطة كوفي أنان التي ثبت فشلها ولم تر النور حتى اليوم ولم يطبق منها أي بند بل بالعكس فإن النظام خلال تطبيقها صعد في العنف ضد الشعب، في حين أنه كان من المفترض أن يتم وقف إطلاق النار، لكن النظام دفع بكل قوته العسكرية ضد الشعب الأعزل، وكنا ننتظر أن تنجح خطة أنان في تطبيق الخطة تحت البند السابع في مجلس الأمن بالاتفاق مع الروس وغيرهم، وبالتالي لم ينجح في ذلك وإنما أعاد تكرار الوعود، بالإضافة إلى طرح فكرة جديدة وهي حكومة انتقالية، لكن تفاصيلها غير مقنعة أو حتى معروفة - فكيف تشكل؟ ومن سيشكلها؟ - والمشكلة الأساسية ليست الحكومة الانتقالية وإنما من يستطيع وضع حد للقتل والعنف اليومي، وحتى اليوم لا يوجد جواب على ذلك، وإن ما يطلبه منا المجتمع الدولي هو التفاوض بين السلطة والمعارضة، وهو يؤيد مرحلة انتقالية – لكن من سيقنع النظام بوقف العنف والقتل؟».

وردا على سؤال حول تغير الموقف الروسي والصيني من استخدام الفيتو عند رفع الأمر إلى مجلس الأمن لتنفيذ خطة أنان وفق البند السابع، قال «من المفترض أن يكون الموقف الدولي أكثر حسما من قبل الولايات المتحدة وروسيا، وأرى أن هناك نوعا من التواطؤ الضمني بين الطرفين الرئيسيين. الأميركان ليس لديهم قرار إطلاقا في عمل أي شيء جدي من اليوم وحتى تجرى الانتخابات الأميركية أي بعد خمسة أشهر، وغير مستعدين للقيام بأي مبادرة قوية، والروس يستغلون هذا الظرف من أجل تعزيز موقعهم في المفاوضات المقبلة، ويدعمون بشار الأسد ربما لأنهم يعتقدون خطأ أن نظام الأسد قد يستمر بعدما فصل أو تنحي الأسد عن النظام، على أن يستمر نظامه، ولذلك نرى أن الروس ليسوا في عجلة من أمرهم لأنهم يرغبون في إعادة ترتيب وضع النظام، ومن ثم هناك موقف أميركي روسي غير حاسم، ولهذا قاموا بطرح مبادرات شكلية وغير فاعلة لمجرد ملء الفراغ السياسي».

ومن جهته، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس بعض الدول الغربية بالسعي إلى «تحريف» الاتفاق الذي عقد في جنيف بشأن مبادئ الانتقال السياسي في سوريا التي اقترحها الوسيط الدولي كوفي أنان. وقال لافروف، في مؤتمر صحافي في موسكو «للأسف بدأ بعض ممثلي المعارضة السورية يقولون إن اتفاق جنيف غير مقبول بالنسبة إليهم، وفي موازاة ذلك بدأ بعض المشاركين الغربيين في اجتماع جنيف يحرفون في تصريحاتهم العلنية التسويات التي توصلنا إليها».

وأضاف لافروف أن «تأويل هذه التسويات لا يفيد في شيء»، فهي «تتفق تماما مع ما جاء في البيان (الختامي) ويجب أن نحافظ على ذلك»، من دون أن يحدد الدول التي كان يشير إليها، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح الوزير الروسي أيضا أن وفدا من المعارضة السورية سيصل إلى موسكو الأسبوع المقبل، وليس هذا الأسبوع كما كان مقررا أصلا، وذلك لإنهاء أعمال العنف والتشجيع على فتح حوار. ولم يحدد الوزير الروسي تشكيلة هذا الوفد.

من جهة أخرى، أعلن لافروف أن روسيا لن تشارك في اجتماع أصدقاء سوريا المقرر عقده الجمعة في باريس، مشيرا إلى أن هذا اللقاء لم تعد له ضرورة بعد اجتماع جنيف.