تساؤلات في الكونغرس عن مدى التزام العراق بالولايات المتحدة

شكاوى من أسلوب تعامل المالكي مع المسؤولين الأميركيين وتقييد تحركات الدبلوماسيين

TT

لماذا لا يبدو أن الحكومة العراقية تحبنا؟ لماذا لم يقم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالتعامل بصورة أفضل مع المسؤولين الحكوميين الأميركيين، الذين قام جيشهم بتحرير العراق من حكم صدام حسين والذين يحاول مواطنوهم العاملون في العراق جعل البلاد أفضل؟ لماذا سنقوم بمنح ما يزيد على مليار دولار في العام القادم، معظمها مخصص للجيش العراقي، في الوقت الذي ارتفعت فيه الإيرادات النفطية في العراق بصورة من المفترض أن تحقق فائضا لنظام الحكم في بغداد؟

هذه الأسئلة أثيرت الخميس الماضي خلال إحدى جلسات الاستماع في الكونغرس الأميركي حول تحول بعثة الولايات المتحدة الأميركية في العراق من بعثة عسكرية إلى مدنية، والتي استضافتها اللجنة الفرعية «للرقابة والإصلاح الحكومي» في مجلس النواب الأميركي الخاصة بالأمن القومي والدفاع الوطني والعمليات الخارجية.

وفي بيانه الذي ألقاه أمام اللجنة، قال مايكل كورتس، من «مكتب المحاسبة»: «يظل التزام حكومة العراق بالولايات المتحدة الأميركية أمرا غير واضح».

التقط جايسون شافيتز، النائب الجمهوري عن ولاية يوتا رئيس اللجنة الفرعية، هذا الخيط وبدأ في سرد بعض الشكاوى التي أثارها كورتس وغيره من المسؤولين الأميركيين، الذين يوكل إليهم بعض المسؤوليات الرقابية في العراق، في بياناتهم، حيث تتضمن هذه الشكاوى ما يلي:

• تقوم قوات الأمن العراقية بصورة روتينية باحتجاز الأفراد التابعين للشركات الأمنية الخاصة التي قامت الولايات المتحدة باستئجارها عند نقاط التفتيش، فضلا عن قيام الحكومة العراقية بتقييد المجال الجوي أمام الطائرات الأميركية، مما يهدد طرق الهروب المحتملة.

• يعترض العراق على قيام الولايات المتحدة الأميركية بنقل الأشخاص إلى أماكن الاجتماعات باستخدام الـ60 مركبة المحمية من الألغام والمقاومة للكمائن والتي سلمتها قوات الجيش الأميركي المنسحبة من العراق إلى السفارة الأميركية في بغداد.

• غياب التعاون بين وكالات إنفاذ القانون العراقية و«الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» في ملاحقة قضايا التزوير.

• صعوبة الحصول على كيانات عراقية تقوم بدعم المشروعات التي ضخت فيها الولايات المتحدة مليارات الدولارات.

وخلال جلسة الاستماع، قام شافيتز بإثارة وجهة نظر مختلفة، حيث أكد أن «مكتب المحاسبة» قد أفاد بأنه قد تراكمت لدى العراق فوائض ميزانية تزيد على 50 مليار دولار، وذلك بفضل الصادرات النفطية، بينما ذكرت وزارة التجارة الأميركية أن العراق قد باع ما قيمته 17 مليار دولار من المنتجات النفطية إلى الولايات المتحدة الأميركية في عام 2011. بزيادة 39% مقارنة بعام 2010. وتساءل شافيتز: «لماذا نقوم بضخ الكثير من الأموال إلى العراق في الوقت الذي تعتبر فيه ميزانيتهم أفضل حالا من ميزانيتنا؟».

وقام توماس نيدس، نائب وزيرة الخارجية للإدارة والموارد، الجمعة الماضي بمناقشة بعض الموضوعات الواردة في قائمة شافيتز. وأصر نيدس، الذي راقب انتقال المسؤولية في العراق من البنتاغون إلى وزارة الخارجية الأميركية، على أن العراقيين «يريدون منا التواجد هناك بصورة إيجابية».

وبينما كان يتابع مناقشة النقاط الواردة في القائمة، حذر نيدس من أنه رغم «عدم وجود مشاكل ملموسة في الوقت الراهن، فإن الأمور قد تتغير في أي لحظة». وأكد نيدس أن اعتقال حراس الأمن الأميركيين الجدد في العراق جاء نتيجة لعملية نقل المسؤولية في العراق من البنتاغون إلى وزارة الخارجية التي تمت في شهر يناير (كانون الثاني). وأشار نيدس إلى أن مسؤولي السفارة الأميركية في العراق قد قرروا عدم استخدام المركبات المحمية من الألغام والمقاومة للكمائن نظرا لأنها «تسد الشوارع» وتعطي انطباعا بأن الجيش الأميركي لا يزال متواجدا في العراق، مؤكدا أنهم، بدلا من ذلك، لا يزالون يستخدمون المواكب المكونة من 3 سيارات والسيارات الرياضية متعددة الاستعمالات، فضلا عن حراس الأمن المدنيين. ويجب على الأشخاص الراغبين في التنقل في العراق بمصاحبة أفراد الأمن الموجودين في المنطقة الخضراء تقديم طلبات السفر قبل القيام به بـ48 ساعة، نظرا لعدم وجود ما يكفي من السيارات وأفراد الأمن لتلبية احتياجات كافة الهيئات، حيث أكد مايكل كارول، نائب المفتش العام لـ«الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» في شهادته أمام اللجنة الفرعية أنه قد تم رفض 3 من أصل 7 طلبات تقدمت بها الوكالة في وقت لاحق من العام الجاري.

وفي شهادته أمام اللجنة، أكد باتريك كيندي، وكيل وزارة الخارجية لشؤون الإدارة، أن الربع الأول من العام الجاري قد شهد القيام «بنحو 4000» مهمة أمنية لاصطحاب مسؤولي السفارة خارج مجمع المنطقة الخضراء في بغداد، مقارنة بنحو 3000 مهمة في الربع السابق، وهو ما يعني القيام بنحو 44 مهمة في اليوم في المتوسط، في سفارة يبلغ عدد العاملين بها نحو 16000 موظف.

وقام نيدس ومسؤولو وزارة الخارجية الأميركية أيضا بالإجابة على بعض التساؤلات التي أثيرت في أحد الأعمدة التي نشرت يوم الخميس الماضي حول خطة وزارة الخارجية لإنفاق نحو 115 مليون دولار إضافية على مجمع السفارة الأميركية في العراق، والذي تم بناؤه منذ ثلاثة أعوام ونصف فقط وبلغت تكلفة إنشائه 700 مليون دولار، حيث أكد أن أحد الأسباب وراء هذه المصروفات يكمن في قيام وزارة الخارجية بالتخلي عن بعض الأماكن التي كانت تشغلها في بغداد ونقل الأشخاص التابعين لها إلى هذا المجمع. وأكد نيدس وكيندي أنه سيتم تخفيض إجمالي عدد العاملين في السفارة الأميركية في بغداد، والذي وصل إلى 16000 موظف في شهر يناير (كانون الثاني) بنسبة 25% بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2013.

* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»