وزيرة التضامن المغربية: النساء ساهمن بسخاء في صنع الربيع العربي لكنهن يغبن عند محطات اتخاذ القرار

بحث أوضاع المرأة في «منتدى أصيلة»

أمين عام مؤسسة «منتدى أصيلة» يصافح وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية في أصيلة (تصوير: أسامة محمد)
TT

طغت مسألة مدى حضور المرأة العربية في خضم التحولات التي تعرفها المنطقة العربية، على أشغال ندوة «المرأة والديمقراطية في العالم العربي»، الندوة الثالثة في موسم أصيلة الثقافي الـ34، وتناولت المشاركات والمشاركون انعكاسات «الربيع العربي» على وضع المرأة العربية وموقعها داخل المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي سياق ذلك، سجلت مشاركات في الندوة مخاوفهن الجدية من احتمال وقوع تراجعات عن المكاسب التي حققتها النساء، كما عبرن عن تشاؤمهن إزاء مستقبل المرأة بعد أن وضعت الثورات أوزارها في بعض المناطق.

وقالت بسيمة حقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية في المغرب، إن التمكين للمرأة العربية يظل رهينا بانبثاق مناخ ثقافي تنتعش فيه قيم الإنصاف والمساواة، مشيرة إلى أن السياسي غير قادر وحده على إحداث التغيير الجذري المطلوب في مجال المساواة والإنصاف، لأن الأمر يتجاوز النساء كشريحة محددة، بل يتعلق بمشروع مجتمعي متكامل.

وأكدت الوزيرة الوحيدة في الحكومة المغربية أن المرأة ساهمت بسخاء في صنع الربيع العربي، لكنها «لا تلبث أن تغيب عند محطات التفاوض واتخاذ القرار». فالمرأة، تقول حقاوي، «تحضر فقط لتأثيت الفضاء وإعطاء الانطباع بوجود مجتمع متحضر حداثي، لكن عندما يتعلق الأمر بالسلطة، يحضر نفس الإقصاء والتهميش».

وخلصت حقاوي إلى القول إنه لكي يكون للمرأة حظ في العملية الديمقراطية يجب عليها أن تخرج إلى الفضاءات العامة، وتأخذ موقعها بالعمل والإنتاج، وتبني ثقافة المقاومة والتدافع الثقافي من أجل إرساء النظام المنشود.

وكان محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة «منتدى أصيلة»، قد قال في بداية الندوة إن المرأة لم تغب قط عن معارك النضال السياسي والاجتماعي والحقوقي، مشيرا إلى أنها راكمت مسارا طويلا بلغ مداه في التحولات الراهنة. وبدورها، قالت بهية جواد الجشي، النائبة الثانية لرئيس مجلس الشورى البحريني، إن ندوة «أصيلة» جاءت في وقت مهم على المستوى العربي، في ظل التحولات التي يعيشها العالم العربي، مشيرة إلى أنه رغم مشاركة المرأة على كل المستويات يتم إقصاؤها، وتهميشها. وقالت: «نحن دول ما زالت تتلمس طريقها نحو الديمقراطية، وعلينا تحديد ما الديمقراطية التي نريدها، وهل استطاعت البلدان العربية أن ترسي أسس الديمقراطية التي نريدها». وأكدت الجشي أنه لا يمكن أن تستكمل أي ديمقراطية بغياب المرأة عن الساحة العربية.

وشددت على القول إن النهوض بالمشاركة السياسية للمرأة يقتضي اتخاذ قرارات سياسية قوية، والتحالف مع الشخصيات القيادية التي تصنع الرأي العام، وانخراط الإعلام في تثمين النماذج النسائية الناجحة داخل الفضاء العمومي.

ومن جانبها، قالت مسعودة بنت أبحام، وزيرة الزراعة والتنمية القروية الموريتانية سابقا، «إن الربيع العربي حرك سواكننا، وكشف أماكن الخلل»، ودعت بعض الدول إلى مراجعة أوضاعها. وأكدت بنت أبحام أن موريتانيا سلكت الطريق نفسه الذي سلكه المغرب في إدخال الإصلاحات المتدرجة، ووجهت تحية إلى النساء اللاتي ساهمن في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية.

أما النائبة الكويتية السابقة رولا دشتي، فقد أبدت تخوفها من وجود مؤشرات ما بعد الربيع العربي، الذي شهد إسهاما مذهلا للمرأة العربية، وقالت إنها «مؤشرات لا تبشر بخير، لأن هناك من يريد سرقة دور المرأة من منطلق متطرف، ومنطلق مفهوم ذكوري لنظام العلاقات الاجتماعية والسياسية».

وزادت قائلة: «لدي مخاوف مما يحصل الآن، المرأة قبل الثورات العربية كانت مهمشة، وخوفي هنا من أن ننتقل من التهميش إلى الإقصاء، أي أن تقصى المرأة التي كانت شريكا فاعلا في الثورات العربية».

وأوضحت الدشتي أنه «عندما يتكلم الرجل عن المرأة يقول إنها أمنا وأختنا وزوجتنا، ولكنه لا يقول زميلتنا في العمل ولا يتحدث عنها كمواطنة». ودعت الدشتي القائمين على الدساتير التي تكتب الآن أن ينتبهوا إلى هذا الأمر الذي يخص المرأة، مشيرة إلى أن أكثر فئة فقيرة في العالم العربي هن النساء، وأكثر نسبة بطالة توجد في صفوفهن، وقالت «إن الرجال يقولون إن المرأة جيدة وكفؤة، لكن عندما نأتي لصنع القرار يقولون لا للمرأة». واستعرضت جوانب من واقع وضع المرأة في الكويت والعالم العربي، خصوصا داخل الفضاء العام، حيث العالم العربي يتموقع في ذيل القائمة من حيث التمثيلية البرلمانية والسياسية.

وفي السياق نفسه، قالت عزة كامل المقهور، وهي محامية دولية وعضو المجلس الليبي لحقوق الإنسان: «المرأة الآن هي امرأة الميدان، وعليها أن تشارك في صنع القرار». وزادت تقول «إن التوافق الذكوري الذي تبلور بعد نجاح الثورة أقصى المرأة، ولم نجد امرأة في المجلس الانتقالي. كانت هناك فقط امرأتان من بين 65 عضوا». وأضافت: «إن الثورة في ليبيا تحركت بدعوة من المرأة عندما كانت تقود المظاهرات في بنغازي، اليوم ليبيا مليئة بصور رجال ونساء في الشوارع، لكن هذا لا يكفي المرأة في ليبيا التي شاركت في الثورة». وتطرقت إلى موضوع الانتخابات، وقالت إنه لأول مرة منذ أكثر من أربعة عقود هناك انتخابات في ليبيا، لكنها لاحظت أن ترشيح المرأة في الانتخابات كان ضعيفا جدا، وأعطت مثالا على ذلك في بنغازي وقالت إن امرأة واحدة فقط هناك ترشحت في الانتخابات. وألحت على ضرورة أن تكون المرأة مؤثرة في صنع القرار.

ومن جهتها، عبرت بشرى بلحاج حميدة، وهي محامية، ورئيسة سابقة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، عن تخوفها من أن تكون من المتشائمات، حيث لاحظت أن جسد المرأة أصبح محور الصراعات السياسية، وقالت: «نحن في حاجة إلى التكافؤ والتضامن، ولا بد أن تكون النساء مقتنعات بأنه ليس في مصلحة المجتمع أن يكون هناك أدنى تمييز».