قصر الرئاسة.. ديوان مظالم مصر

أصبحت بواباته أكشاكا لتقبل الشكاوى والمقترحات من المواطنين

مصريون يقفون أمام القصر الجمهوري انتظارا لتقديم شكاواهم إلى الرئيس محمد مرسي الحكم (إ.ب.أ)
TT

«الرئيس اللي يخلف وعده ليس برئيس» عبارة كتبت على أحد أعمدة سور القصر الجمهوري في مصر، الكائن بشارع الميرغني بحي مصر الجديدة الراقي غرب القاهرة، لتجسد المشهد أمام القصر الذي تحول إلى ديوان مظالم مصر، بعد أن أصبحت بواباته أكشاكا لاستقبال شكاوى ومطالب المواطنين منذ تولي الرئيس محمد مرسي الحكم كأول رئيس مدني في البلاد، نهاية الشهر الماضي.

واستمر توافد العشرات إلى القصر الرئاسي منذ أن بدأ الرئيس الجديد مهام عمله، ليقدموا شكاواهم ومطالبهم عبر بوابات القصر الذي ظل طوال عقود حكم الرئيس السابق حسني مبارك أقرب لثكنة عسكرية ممنوع الاقتراب منها.

وبدا أن الضباط المسؤولين عن تأمين القصر الجمهوري قد استبدلوا مهمتهم الرئيسية بمهمة أخرى هي تسلم آلاف المظاريف التي تحتوي على هموم المصريين الذين يأملون أن تجد طريقها إلى مكتب الرئيس مرسي. وقال مصدر بالحرس الجمهوري لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس أعطى لنا تعليمات بالتعاون مع كل من يطرق بابه وتسلم مشاكلهم».

وتزداد آمال المواطنين وحماسهم أمام القصر كلما صادفت مشاكلهم حلا يأتيهم من بوابة القصر ذات اللون الزيتي المزخرفة بالرسوم النباتية الإسلامية. محمد عمر أحد المدرسين بمحافظة الفيوم الذي اعتصم ليومين أمام تلك البوابة المهيبة، حلت مشكلته بعد أن تقدم بشكواه للرئيس مرسي. فعمر الذي ظل يعمل دون تثبيته بوظيفته كمدرس، نجح أخيرا في أن يوقع على عقد العمل هو و1950 مدرسا آخر، بعض من هؤلاء احتشدوا أمام القصر أمس لرد التحية لمرسي وهتفوا «بنحبك يا مرسي»، وأنشدوا السلام الوطني.

أثار مشهد احتفال مدرسي الفيوم حماس الآخرين الموجودين أمام القصر الذي بدا رغم فخامته مهيئا لاستضافة بساطة المتوافدين الذين حملوا بين أيديهم مظاريف ملونة كتبوا بداخلها مطالبهم البسيطة، السيدة سمر إبراهيم أتت إلى القصر الجمهوري بعد أن فشلت في مقابلة المحافظ، حاملة في يدها مظروفا أصفر اللون، يحدوها الأمل في أن يتم السماح لها بإقامة «كشك» يعينها على كسب لقمة عيش كريمة.

وبينما وقف المتظاهرون أمس أمام أبواب القصر يطلون من خلال فتحة صغيرة ليشاهدوا المشهد داخل القصر باحثين عن أي شخص يتسلم طلباتهم، صعد البعض أعلى السور حاملا في يده لافته تطالب الرئيس بالنظر في مطالب الشعب، فيما قام البعض بإلقاء شكاواهم من فوق البوابات بعد غلقها أمام الناس لساعات، وهو ما قابله أيضا البعض بالدق بقوة على الأبواب مطالبين الحرس الجمهوري بفتحها لهم لمقابلة مرسي مرددين هتاف «يا مرسي فينك فينك».

الشارع الذي كان في عهد مبارك، محصنا كثكنة عسكرية وسط انتشار قوات الحرس الجمهوري بكثافة على أسواره أصبح أشبه بميدان التحرير، مصريون يتناولون أطعمتهم ويحملون اللافتات التي تعبر عن مطالبهم، فيما لازم المشهد انتشار الباعة الجائلين وبخاصة باعة المشروبات المثلجة. وبينما بقي العشرات أمام القصر، تتوافد بين الحين والآخر مسيرات تحمل كل منها مطالبها، ليصبح قصر الرئاسة قبلة المصريين وديوان مظالمهم.