السلطة الفلسطينية تتعهد بمتابعة أسباب وفاة عرفات.. وإسرائيل تنفي «تسميمه»

عريقات يطلب لجنة تحقيق دولية بعد تقرير «الجزيرة» حول وجود كميات من البلوتونيوم في مقتنياته

جدارية لعرفات في أحد شوارع قطاع غزة أمس (أ.ب)
TT

تعهدت الرئاسة الفلسطينية، أمس، بمتابعة أسباب وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وقالت إنها لا تمانع فحص رفاته إذا ما طلبت ووافقت عائلته على ذلك، مؤكدة أن لا أسباب دينية أو سياسية تمنع ذلك. وأكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، أن «الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أصدر تعليماته للجنة التحقيق في استشهاد الرئيس ياسر عرفات بمتابعة جميع المعلومات والتقارير التي تتعلق بهذا الموضوع، والاستعانة بالخبرات العربية والدولية العلمية للوقوف على حقيقة أسباب مرض واستشهاد الرئيس الراحل».

وجاء موقف الرئاسة مماثلا لموقفي حركتي فتح وحماس اللتين طالبتا بالتحقيق بشكل جدي وبالتعاون في موضوع وفاة عرفات، وكل ذلك جاء بعد تقرير لقناة «الجزيرة» الفضائية، أظهر وجود مستويات عالية من مادة «البلوتونيوم» المشع والسام، في مقتنيات شخصية لعرفات، كان استعملها قبل فترة وجيزة من وفاته.

وقال أبو ردينة، تعقيبا على التقرير «إن السلطة، وكما كانت على الدوام على استعداد كامل للتعاون وتقديم جميع التسهيلات للكشف عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى مرض واستشهاد الرئيس الراحل، وإنه لا يوجد أي سبب ديني أو سياسي يمنع أو يحول دون إعادة البحث في هذا الموضوع بما في ذلك فحص رفات الرئيس الراحل من قبل جهة علمية وطبية موثوقة وبناء على طلب وموافقة أفراد عائلته».

وأضاف أبو ردينة، «إن القيادة الفلسطينية تعهدت بمتابعة موضوع أسباب مرض واستشهاد الرئيس الراحل، من أجل الوقوف على الحقيقة التي تقطع الشك باليقين في هذا الشأن، واتخاذ كافة الإجراءات لمتابعته».

وتحقق السلطة في وفاة عرفات منذ أكثر من 8 سنوات، لكنها لم تعلن ولا في مرة عن أي نتائج توصلت إليها.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، أمس، إن السلطة تريد لجنة تحقيق دولية في مسألة وفاة عرفات، على غرار ما حدث مع رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، منتقدا أداء اللجنة المحلية في رام الله، وداعيا إلى الوقوف بجدية عند تفاصيل سابقة كثيرة.

كما طالبت حركة حماس بتشكيل لجنة وطنية عليا لاستكمال التحقيق في وفاة عرفات. ودعا القيادي في الحركة إسماعيل رضوان إلى توفير كافة متطلبات التحقيق للكشف عن المتورطين في جريمة قتل عرفات.

واعتبر عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس، أن «مسألة ضلوع الاحتلال الصهيوني في اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات غير قابلة للنقاش»، لكنه دعا إلى الاستمرار في التحقيقات من أجل كشف أداة القتل والاغتيال واليد التي نفذته.

وكتب الرشق على صفحته على «فيس بوك»: «هل قتل عرفات بالسم المصنع في مختبرات الصهاينة أم بالغاز المشع القاتل المصنع في مفاعلاتهم النووية.. أم غيرها؟! تعددت أساليب ووسائل القتل ويد الإجرام الصهيوني واحدة».

وكان تقرير لـ«الجزيرة»، بث في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، أظهر العثور على مستويات عالية من مادة البلوتونيوم المشع والسام في مقتنيات شخصية لعرفات استعملها قبل فترة وجيزة من وفاته، وذلك بعد فحوصات أجراها مختبر سويسري مرموق.

وأظهرت التحاليل التي أجريت في معهد الفيزياء الإشعاعية بمدينة لوزان بسويسرا، أن آخر الأغراض الشخصية لعرفات (ملابسه، فرشاة أسنانه، وحتى قبعته) التي كانت تحمل بقعا من دمه وعرقه وبوله، فيها كميات غير طبيعية من البلوتونيوم، وهي مادة نادرة وعالية الإشعاع، لا يمكن إنتاجها إلا في مفاعل نووي ولها عدة استعمالات بينها توفير الطاقة للمركبات الفضائية.

ونقل عن مدير المعهد، فرانسوا بوتشد، القول «أستطيع أن أؤكد لكم أننا وجدنا كمية عالية من البلوتونيوم غير المدعوم 210 (المصنع) في مقتنيات عرفات التي تحمل بقعا من السوائل البيولوجية». ووصلت نسبة مستويات البلوتونيوم في فرشاة أسنانه إلى 54 ميليبيكواريل (وهي الوحدة العلمية لقياس درجة الإشعاع) وفي لباسه الداخلي الذي عليه بقعة بول إلى 49 ميليبيكواريل.

ولا تمثل هذه المستويات التي تم تسجيلها في مارس (آذار) الماضي سوى جزء مما كانت عليه لحظة وفاة عرفات في أواخر عام 2004.

وحصلت «الجزيرة» على تلك الأغراض من زوجة عرفات، سها عرفات التي طالبت السلطة الفلسطينية بفتح الباب أمام استكمال تلك التحقيقات بنبش رفات الراحل وفحصها. ويقول الأطباء إنهم بحاجة لمزيد من التحاليل وتحديدا لعظام الراحل عرفات أو للتربة المحيطة برفاته، وإذا أثبتت التحاليل تلك وجود نسبة عالية من البلوتونيوم المصنع، فإن ذلك سيكون حجة دامغة على أنه تعرض للتسمم. وثمة قناعة شعبية فلسطينية بأن إسرائيل تقف وراء «تسميم» عرفات، غير أن السلطة لم تتهم إسرائيل ولا مرة بشكل رسمي، وإن كان مسؤولون فيها لمحوا إلى ذلك.

ونفى أمس الرئيس الأسبق لجهاز «الشين بيت» الإسرائيلي آفي ديختر، مسؤولية إسرائيل، وقال «إن إسرائيل لم تشارك في عملية تسميم غذاء أو مواد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات». وأضاف، «لا الشاباك ولا دولة إسرائيل كانا يعملان في تحضير الطعام لياسر عرفات، لقد كان له أعداء كثيرون من الداخل والخارج». وتابع ديختر للإذاعة الإسرائيلية، أن «المرض الأساسي الذي كان يعانيه عرفات هو تضييع فرص السلام، حيث كان بمقدوره كزعيم فلسطيني أن يتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، إلا أنه أضاع هذه الفرصة التي خلقت للطرفين المشاكل».