ميانمار المنفتحة على العالم تبعد المناهضين للإصلاح عن السلطة

سو تشي تسعى للتعايش مع العسكر.. ونواب حزبها يدخلون البرلمان للمرة الأولى

TT

تعتزم ميانمار (بورما سابقا) إجراء تعديل وزاري وشيك يشمل عدة شخصيات من المحافظين، مما يشكل تقدما مهما للإصلاحيين في مواجهة مؤيدي النهج المتشدد، في حين دخل نواب حزب المعارضة الذي تتزعمه أونغ سان سو تشي أمس للمرة الأولى إلى البرلمان.

وقال مسؤول كبير في ميانمار رافضا الكشف عن اسمه «لقد أبلغنا بتعديل يشمل على الأرجح ثلاثة وزراء. وهذا التعديل سيجرى قريبا»، مضيفا أن الشخصيات التي ستغادر الحكومة «معروفة بأنها محافظة». وأكد برنامج الأعمال الرسمي للبرلمان في موازاة ذلك استقالة نائب الرئيس تين أونغ مينت أو «لأسباب صحية». وقد دخل هذا المقرب من رئيس المجلس العسكري الحاكم سابقا، ثان شوي، ديرا بوذيا في مايو (أيار) الماضي. ويفترض أن يعين خلفه قبل 10 يوليو (تموز) الحالي. وسيختار العسكريون الذين يشغلون ربع المقاعد، المرشح قبل أن يصادق عليه البرلمانيون. ويدل ذلك على الخلافات الشديدة بين الإصلاحيين الملتفين حول الرئيس ثان سين والمحافظين في النظام المنزعجين من حجم الإصلاحات التي اتخذت منذ سنة.

ويأتي ذلك فيما دخل نواب «الرابطة الوطنية للديمقراطية» للمرة الأولى البرلمان في غياب زعيمتهم أونغ سان سو تشي، ما يطوي صفحة 20 عاما من النضال شبه السري. وكان هذا الحزب الذي تأسس عام 1988 فاز في الانتخابات التي جرت بعد ذلك بسنتين لكن من دون أن يتمكن أبدا من تولي السلطة. ثم قاطع الانتخابات في 2010 قبل أن يعود مجددا إلى الساحة السياسية من خلال الانتخابات التشريعية الفرعية التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي. وقد فاز في هذه الانتخابات بـ43 من أصل المقاعد الـ44 التي كان يجري التنافس عليها وبينها 37 في مجلس النواب.

ولم تحضر جلسة أمس أونغ سان سو تشي، 67 عاما، العائدة من جولة استغرقت أكثر من أسبوعين في أوروبا، بسبب توجهها في نهاية الأسبوع إلى دائرتها الانتخابية الريفية قرب رانغون. لكنها ستنضم إلى النقاشات في العاصمة نايبيداو الاثنين المقبل. وثلاثة من أعضاء حزبها الذين لم يؤدوا القسم بعد قاموا بذلك يوم أمس، فيما كان رئيس مجلس النواب يرحب بالأعضاء الجدد في البرلمان.

ويبدو أن ثان سين، الجنرال السابق، بدأ يعزز تدريجيا سلطته. وقد وصل ثان سين إلى السلطة في مارس (آذار) 2011 إثر قيام المجلس العسكري الذي كان يحكم البلاد حتى ذلك الحين بحل نفسه. وفاجأ العالم منذ ذلك الحين بسلسلة إصلاحات استثنائية أتاحت له خصوصا دفع الاتحاد الأوروبي إلى تعليق عقوباته على ميانمار، وهو الذي عرض على أونغ سان سو تشي المشاركة في الانتخابات كما يؤكد المحللون، منهيا الحقبة التي كانت المعارضة محرومة فيها من حريتها على مدى 15 عاما. وأصبح مجلس النواب بالتالي يضم معارضة، تشكل أقلية بالتأكيد (10 في المائة من المقاعد) لكنها مقبولة من قبل أعداء الأمس.

وقال رئيس مجلس النواب والجنرال السابق شوي مان «آمل أن تعزز قدرات البرلمان وكرامته وسمعته بفضل التعاون مع الممثلين الجدد». ومن جهته، قال بيو مين ثين، النائب عن الرابطة الديمقراطية عن منطقة رانغون، إن البرلمان «يشكل أفضل دليل ممكن على جهودنا في اتجاه الديمقراطية»، مضيفا «بصفتنا أكبر حزب معارضة، علينا تعزيز قدرتنا على العمل كفريق».

ويرى مراقبون أن سو تشي ستحاول التعايش مع العسكريين الموجودين في البرلمان. وقالت سو تشي أول من أمس في تصريح صحافي «لن نذهب إلى البرلمان بنية استبعاد أي كان»، متحدثة عن رغبتها التي عبرت عنها عدة مرات للحد من سلطة الجيش داخل السلطة التشريعية. وقالت «بالتعاون فقط نستطيع تعديل الدستور». وهذه الدورة البرلمانية ستخصص غالبا لأعمال العنف في ولاية راخين غرب ميانمار بين المسلمين والبوذيين، والتي أوقعت أكثر من 80 قتيلا، وتسببت في نزوح عشرات آلاف في يونيو (حزيران) الماضي. وتسري حالة الطوارئ في تلك الولاية منذ نحو شهر. وعلى جدول الأعمال أيضا القانون المتعلق بالاستثمارات في سوق واعدة لكن محرومة من البنى التحتية الشرعية اللازمة لتلبية متطلبات المجموعات الأجنبية الكبرى.