«ويكيليكس» يبدأ نشر مليوني وثيقة إلكترونية خاصة بسورية

الدفعة الأولى منها تركز على اعتماد النظام السوري على شركات أوروبية لدعم شبكة الاتصالات

TT

بعد أن أدت الرسائل الإلكترونية المسربة للرئيس السوري، بشار الأسد، وزوجته، أسماء، إلى ضجة في مارس (آذار) الماضي، جاء إعلان موقع «ويكيليكس» أمس عن حصول القائمين على الموقع على 2.4 مليون وثيقة ورسالة إلكترونية تكشف معلومات عن النظام السوري ومعارضيه. وقال الموقع إنه سيبدأ بنشر الوثائق التي تعود لشخصيات سياسية ومسؤولين سوريين وجهات تتعامل مع النظام السوري مؤرخة في فترة بين أغسطس (آب) 2006 وحتى مارس (آذار) 2012. ونشر الموقع 25 وثيقة من تلك الوثائق أمس، بينما تم الإعلان عن استعداد نشر الوثائق على مدار الشهرين المقبلين، بالتعاون مع وسائل إعلام عدة. وأبرز ما جاء في الوثائق المنشورة يوم أمس جهود الحكومة السورية لبناء شبكة اتصالات «المنظمة اللاسلكية السورية»، وتدعيمها من خلال عقود مع شركتي اتصال إيطالية ويونانية. والإشارة الوحيدة الواضحة للثورة في البلاد جاءت في رسالة إلكترونية من المفترض أنها تأتي من موظف في الفرع السوري من شركة «اينتراكوم» حول الاتصالات في دير الزور، ويقول في الرسالة المؤرخة بـ21 ديسمبر (كانون الأول) 2011 «دير الزور ليست مدينة هادئة، هناك مسلحون في كل مكان». وأضاف: «في رأيي يجب أن يكون لدينا حل واضح حول هذه القضية قبل التوجه هناك مرة أخرى».

وصرحت سارة هاريسون، الناطقة باسم الموقع، خلال مؤتمر صحافي في لندن، بأن «(ويكيليكس) بدأ بنشر ملفات سوريا، وهناك أكثر من مليوني بريد إلكتروني لشخصيات سياسية سوريا ووزارات ومؤسسات أيضا». ويبلغ عدد الرسائل تحديدا 2484899 رسالة إلكترونية مكتوبة بشكل أساسي بالعربية والروسية، و«تكشف كيف تقول الشركات الغربية شيئا وتفعل شيئا آخر»، بحسب موقع «ويكيليكس» المتخصص في كشف وثائق سرية.

وتكشف الوثائق بشكل خاص أن شركة الدفاع الضخمة «مينميتشانيكا» الإيطالية قدمت معدات اتصال إلى النظام السوري بعد اندلاع الأزمة، بحسب الموقع. والمعدات سلمها أحد فروع الشركة، هو «سيليكس الساغ»، بحسب المصدر نفسه، الذي نشرت معلوماته مجلة «ليسبريسو» الإيطالية. ولم تجب شركة «سيليكس الساغ» على اتصالات «الشرق الأوسط» لتوضيح موقفها من المعلومات، وإذا كانت قد واصلت تعاملها مع النظام السوري بعد فرض الاتحاد الأوروبي العقوبات على سوريا منذ اندلاع الثورة أم لا.

وعلق مؤسس موقع «ويكيليكس»، جوليان أسانج، على قرار موقعه بنشر هذه الوثائق، بالقول إن «هذه الوثائق محرجة لسوريا ومحرجة أيضا لمعارضين لسوريا في الخارج»، دون إيضاحات أخرى، وذلك في تصريح نقل من سفارة الإكوادور في لندن، التي لجأ إليها منذ 19 يونيو (حزيران). وأضاف: «هذا يساعدنا ليس على انتقاد مجموعة أو غيرها فحسب، بل أيضا على فهم مصالحها وتصرفاتها ووجهات نظرها. إن فهم هذا النزاع يبعث الأمل لدينا في التمكن من حله».

ويواجه أسانج (41 عاما) قرارا من القضاء البريطاني بتسليمه إلى السويد التي تطالب بمحاكمته في قضية اغتصاب واعتداء جنسي مفترض.

وينتظر أسانج، اللاجئ حاليا في سفارة الإكوادور، ردا من كويتو حول طلبه الحصول على لجوء سياسي.

ورفضت هاريسون، أمس، التعليق على المضمون العام لوثائق سوريا التي ينشرها الموقع بالتعاون مع عدد من وسائل الإعلام في دول منها لبنان ومصر وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.

وأعلن رئيس مجلس إدارة جريدة «الأخبار» اللبنانية، إبراهيم الأمين، الذي سبق لصحيفته أن نشرت وثائق لـ«ويكيليكس» عن لبنان خصوصا، أن «سوريا تمر بظروف حساسة، ومن الضروري توضيح ما هو حقيقي وما هو مفبرك». وأكد الأمين أنه «من الواضح أن السياسة العالمية وصلت إلى أعلى درجات النفاق في التعاطي مع الوضع السوري»، مشيرا إلى أن صحيفة «الأخبار» ستنشر تباعا المواضيع الواضحة والمثبتة من ملفات (ويكيليكس) الخاصة بسوريا».

وقالت هاريسون إن هذه الرسائل «قاعدة بيانات مهمة. وسيتم استخلاص القصص منها»، رافضة الكشف عن كيفية حصول الموقع على الرسائل. وتعاون «ويكيليكس» في السابق مع صحف على غرار «نيويورك تايمز» و«ذا غارديان» و«دير شبيغل» و«لوموند»، لكن هذه الصحف اختلفت مع الموقع ولا علاقة لها بالوثائق التي كشف عنها مؤخرا.

ومن بين الوثائق المنشورة تفاصيل عقود بين الجانب السوري وشركة «إنتراكوم» اليونانية، والثانية أيضا لم تجب على استفسارات «الشرق الأوسط» حول طبيعة علاقتها بالنظام السوري والدعم اللوجيستي التي تقدمه له.

وتلفت الوثائق المؤرخة عامي 2011 و2012 إلى مشكلات تقنية تعاني منها شبكات الاتصال السورية، والحاجة لصيانة وتقوية الشبكة الخاصة بالطوارئ. ويذكر أن جميع الوثائق المسربة، أمس، مرتبطة بشبكة الاتصالات، ومن بينها طلبات لأجهزة إذاعة ولاسلكي لدراجات نارية.