لبنان: إحباط محاولة لاغتيال النائب المعارض بطرس حرب بعبوة زرعت في مصعد مكتبه

مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: حجب «داتا» الاتصالات عن الأجهزة هو السبب الرئيسي لتمادي هذه العمليات

لبنانية تحاول الحصول على إرسال لشبكة الإنترنت التي تعطلت في بيروت خلال الأيام الثلاثة الماضية (أ.ف.ب)
TT

اهتز الوضع الأمني في لبنان مجددا، إثر إحباط محاولة لاغتيال النائب في تكتل «14 آذار» المعارض بطرس حرب، أمام مكتبه في شارع سامي الصلح في منطقة بدارو ببيروت.

وفي التفاصيل أن عناصر أمن مكتب النائب بطرس حرب اشتبهوا بوجود عناصر غريبة تثير الشبهة أمام المبنى، فألقوا القبض على أحدهم بعدما تعاركوا معه وكان يحمل خنجرا مما أدى إلى إصابة بعض العناصر وطبيب كان عند مدخل عيادته الموجودة في نفس المبنى بجروح، إلا أنه جرى القبض عليه واتصلوا بالأجهزة الأمنية لتسليمه، وقبل حضور الأجهزة وصلت سيارة «بي إم دبليو» رباعية الدفع قاتمة الزجاج، ترجل منها شخص مسلح زعم أنه من مخابرات الجيش اللبناني، وشهر سلاحه بوجه المشتبه به وطلب منه مرافقته وانطلق بالسيارة بسرعة، بينما حضرت سيارات أخرى من الاتجاه المعاكس للسير بسرعة فائقة، ولما وصلت إلى المكتب وتبين لمن فيها أنه تم تسليم المشتبه، استدارت وعادت مجددا باتجاه الطيونة، وتبين بعد وصول المخابرات أن السيارة التي نقلت الموقوف ليست لمخابرات الجيش، وأن لوحتها مزورة والسيارة مسروقة.

وعلى أثر الإعلان عن محاولة الاغتيال، انتقل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، إلى مكتب النائب بطرس حرب وعاينه، وباشر إجراء التحقيقات اللازمة، كما حضرت وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي وأجهزة أخرى. وكشفت مصادر التحقيق عن أن «الأجهزة الأمنية عثرت على صاعق تفجير كان موضوعا على متن المصعد الذي يستعمله حرب للوصل إلى مكتبه». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «عناصر أمن النائب حرب تمكنوا من توقيف الشخص الذي وضع هذه العبوة، لكنه تمكن من الهرب بعد وصول سيارة سوداء رباعية الدفع ادعت أنها من مخابرات الجيش، وسحبوه بالقوة من عناصر الحماية»، مشيرة إلى أن القاضي صقر «كلف شعبة المعلومات وقسم الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي، ومخابرات الجيش اللبناني، بإجراء التحقيقات الأولية وجمع المعلومات المتعلقة بهذه العملية، وإفادته بالنتيجة».

إلى ذلك، وضع مصدر أمني هذه الحادثة «في سياق مسلسل الاغتيالات الذي يحضر له منذ أشهر». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك محاولة اغتيال جدية تعرض لها النائب حرب، وهي ثاني محاولة تفشل بعد محاولة اغتيال (رئيس حزب القوات اللبنانية) الدكتور سمير جعجع، وقد جرى ضبط أدلة ملموسة ومنها صاعقان وشرائط، كان واضعها على أهبة ربط العبوة بهذين الصاعقين قبل أن يضبطه الجيران ويبلغوا عنه». ورأى أن «التمادي في هذه المحاولات سببه حجب (الداتا) عن الأجهزة الأمنية، وتقييدها عن تعقب هذه المجموعات التي تعمل على تنفيذ هذه العمليات».

وفي أول تعليق له بعد إحباط العملية، اعتبر النائب حرب أن «ما حصل شيء مشبوه». وقال إن «هذا العمل خطير ويستهدفني، وأنا أضعه في خانة الفلتان الأمني وانعدام المسؤولية وعدم قدرة الدولة بأجهزتها الرسمية على ضبط الأمن، خصوصا بعد أن تحول الأمن إلى عملية تحصل بالتراضي، وبعد وجود أسلحة خارج إطار الشرعية من الطبيعي أن يصل البلد إلى حالة الفلتان هذه». وشرح ما حصل قائلا «تلقيت اتصالا صباح اليوم (أمس) في منزلي، أن هناك أمرا غريبا يحصل في البناية، وذهب أحد المرافقين ليستعلم، إلا أن الحادث كان قد وقع. والذي تبين أن طبيبا لديه عيادة في المبنى، استقل المصعد وكان بداخله ثلاثة أشخاص، اشتبه بهم واستعلم منهم عما يريدون، فقالوا إنهم يضعون خط (إنترنت) في البناية، فسألهم لمن، عندها هربوا وبقي شخص حاول الهرب إلا أن ناطور البناية والحارس والطبيب تمكنوا من توقيفه واتصلوا بأجهزة الدولة لكي يتم تسليمه، فوصلت سيارة زجاجها أسود رباعية الدفع، وشهر أحد ركابها مسدسا وقال إنه من المخابرات، ووضع الشخص الموقوف في السيارة وأجلسه في الخلف. وقد أخذ الجميع رقم السيارة وتبين أنه مزور وأنها مسروقة. بعد ذلك وصلت سيارة في طريق عكس السير، للتأكد من أن الشخص قد هرب ثم عادت أدراجها، إلى هنا فكرنا أنها رسالة ولم نعط الأمر أهمية، إلى أن اتصلوا بي وقالوا إنهم وجدوا في المصعد صواعق للتفجير والجيش يفحص الوضع». وتابع حرب «اتصل بي وزير الداخلية (والبلديات مروان شربل) وقال لي إن لديه معلومات تقول إنه يبدو أنهم سيضعون تفجيرات في مصاعد الأبنية لبعض الشخصيات السياسية لاغتيالهم»، مؤكدا أن «المسألة ليست رسالة وليست عملية تخويف بل هي محاولة اغتيال مرت بسلام، والحمد لله لم يحصل شيء لسكان البناية وهم أبرياء، ولكن من الضروري أن تعالج الدولة هذا الموضوع بالسياسة وعلى الصعيد الأمني يجب أن تكون جدية، أما على الصعيد القضائي فآمل أن تكون التحقيقات جدية لمعرفة من وراءها ونضع حدا لهذه الحالة من الانفلات وانعدام المسؤولية لدى المسؤولين، وهذا الأخطر لأن المواطن اللبناني ليس لديه شعور بأن هناك من هو مسؤول عنه».

بدوره، أكد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل أن «جميع الشخصيات في لبنان مستهدفة»، وقال في حديث للإعلاميين من منزل حرب «نحن نتابع الموضوع ومن المهم أخذ الاحتياطات الذاتية وأي معلومات تصل إلينا نتابع الأمر بشأنها». وأشار إلى أن «(داتا) الاتصالات مهمة في الكشف عن تفاصيل العمليات الإجرامية، ونحن نأخذ (داتا) الاتصالات وعندما يكون حادث مثل هذا الحادث المفروض أن تعطى (الداتا) كاملة»، موضحا أن «ما تم العثور عليه في منزل حرب هو صاعقان».

وفور شيوع الخبر توافد عدد كبير من السياسيين والمناصرين إلى منزل حرب في الحازمية تضامنا معه واستنكارا لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها. كما تلقى حرب اتصالات من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي، إضافة إلى عدد كبير من الوزراء والنواب وقيادات أمنية وعسكرية وإعلامية.