إسرائيل تستأنف بناء الجدار بعد توقف 5 سنوات.. والسلطة تفكر في مجلس الأمن

الخطيب لـ «الشرق الأوسط»: هذا سيوصلنا إلى نقطة اللاعودة

صورة جوية لقطاع من الجدار («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن الجيش الإسرائيلي عن عزمه استئناف أعمال البناء في الجدار الفاصل في الضفة الغربية خلال الأسابيع المقبلة، بعد توقف دام خمس سنوات. وحسب الجيش فإنه سيتم استكمال بناء مقاطع إضافية منه حول مستوطنات كبيرة في قلب الضفة.

وقال العقيد عوفر هندي، للإذاعة الإسرائيلية، أمس «الأشغال ستستأنف في مرحلة أولى حول تكتل (عتصيون)، الذي يعد واحدة من كبرى الكتل الاستيطانية قرب بيت لحم جنوب الضفة الغربية، على أن تتواصل الأشغال العام المقبل حول مستوطنة معاليه أدوميم شرق القدس المحتلة».

وأوقفت إسرائيل بناء الجدار المثير للجدل القانوني والسياسي، منذ 5 سنوات، بسبب نقص في الميزانية وقضايا مرفوعة في محكمة العدل العليا من فلسطينيين حول مساره، وبسبب ضغوط دولية كبيرة. وأكد الضابط المسؤول عن بناء الجدار استئناف الأعمال به، خلال جلسة أمام المحكمة العليا، مؤخرا.

وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا قد أصدرت أوامر بتغيير مسار الجدار عند عدد من القرى الفلسطينية. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن المسؤولين الإسرائيليين يتوقعون أن يثير استئناف الأشغال انتقادات في العالم. وفعلا وصفت السلطة الفلسطينية الخطوة بالتصعيدية، وقالت إن إسرائيل تسير في طريق اللاعودة في ما يخص عملية السلام.

وقال غسان الخطيب، الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، إن «إسرائيل تستغل إلى أقصى درجة ممكنة انشغال العالم بقضاياه لأجل تسريع سياسة فرض الأمر الواقع الاحتلالي بشكل غير مسبوق وخطير». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «بهذا الشكل، إسرائيل ستوصل الأمر إلى نقطة اللاعودة في موضوع حل الدولتين. والمجتمع الدولي يناقش ويدعم ويعمل بناء على أساس الدولتين، وإذا ما استمرت إسرائيل بهذا الطريق فسيكتشف المجتمع الدولي أن الموضوع انتهى».

واعتبر الخطيب أن قرار استئناف بناء مقاطع من الجدار الفاصل والعازل خطير على المستوى الاستراتيجي، ويشكل تحديا كبيرا للإرادة الفلسطينية والدولية. وتابع القول «آن الأوان لكي نقول لإسرائيل كفى». وفي ما يخص الخطوات الفلسطينية الممكنة، قال الخطيب «علينا أن نشجع أكثر كل أشكال المقاومة الشعبية ضد الاستيطان والجدار، وعلينا أن نبذل جهدا أكبر من أجل دعم الصمود في المناطق القريبة من الجدار».

وكانت إسرائيل قد باشرت بناء الجدار الفاصل عام 2002، بحجة منع الفلسطينيين من دخول إسرائيل وتنفيذ عمليات تفجيرية، غير أن الجدار راح يقضم الأرض الفلسطينية ويدخل فيها بعمق يصل في بعض المناطق إلى 22 كيلومترا ويعزل تجمعات كثيرة ويحمي المستوطنين.

ويتشكل الجدار في بعض القطاعات من سياجات إلكترونية وفي بعض آخر من مكعبات إسمنتية ضخمة بارتفاع يتراوح بين 4.5 و9 أمتار، وبنت إسرائيل منه نحو 402 كيلومتر، بمسار متعرج يحيط بمعظم أراضي الضفة الغربية، ويحول بعضها إلى معازل. وبناء على الخطة التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية في 30 أبريل (نيسان) 2006، فإن طول الجدار المعدل سيبلغ 703 كيلومترات عند نهاية البناء.

ويمر مسار الجدار، كما تقول منظمة «بتسيلم» الحقوقية الإسرائيلية، عبر أراض مأهولة وزراعية في الضفة الغربية، ويعزل آلاف الفلسطينيين في مناطق «مغلقة» بين الخط الأخضر والجدار، وقامت السلطات الإسرائيلية بتأسيس شبكة من البوابات في الجدار ونظام تصاريح مرور للتحرك خلال الجدار، والتي أثبتت عدم جدواها في توفير حياة عادية للسكان.

وقال الخطيب «إن استئناف بناء الجدار الآن يدخل على خط السباق على السيطرة على مناطق (ج)». وثمة صراع فلسطيني إسرائيلي كبير للسيطرة على هذه المناطق، ويقول الخطيب إن بناء الجدار هناك يسهم في تعديل الوضع الديموغرافي في مناطق (ج) ويجعل حياة الفلسطينيين صعبة، ويسهم في تهجيرهم وإحلال مستوطنين مكانهم. ويفكر الفلسطينيون الآن في تفعيل أحكام دولية سابقة بشأن الجدار.

وكانت محكمة العدل الدولية في لاهاي في هولندا قد أصدرت في يوليو (تموز) 2004 رأيا استشاريا ينص على أن الجدار الذي يتم بناؤه في الضفة الغربية يخالف القانون الدولي، وطالبت بتفكيكه وتعويض المتضررين. وأكدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على القرار الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية. وردت محكمة العدل العليا الإسرائيلية بعد عام، وقالت إن الجدار لا يخالف القانون الدولي، وإنها ستواصل فحص تأثير مقاطع من الجدار على السكان الفلسطينيين، وذلك في تناقض صارخ مع قرار محكمة العدل الدولية.

وعلى الرغم من أن قرار محكمة العدل الدولية غير ملزم لإسرائيل، فإن الخطيب أكد أن السلطة ستبني عليه. وأضاف «نفكر الآن في اللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، واستغلال كل الإمكانيات على المستوى الدولي، كما سندعو الأطراف العربية إلى تحرك مشترك». وتابع القول «سنبني على قرارات لاهاي.. هذا يعزز الموقف الفلسطيني الذي يقول إن الجدار جزء مكمل للسياسات الاستيطانية على الأرض الفلسطينية».