نتنياهو يسعى لتسوية أزمته الائتلافية على حساب الشبان العرب من فلسطينيي 48

حتى بيريس يعمل لتجنيد العرب في الجيش أو الخدمة الوطنية

موفاز ونتنياهو يتصافحان بعد الإعلان عن انضمام «كديما» إلى الائتلاف الحكومي في 9 مايو الماضي (أ.ب)
TT

قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طرح مشروع تسوية لأزمته الائتلافية يرضي فيه جميع الأطراف الخلافية، وذلك على حساب الحقوق الوطنية والمدنية للشبان العرب من مواطني إسرائيل (فلسطينيي 48).

فعقب تهديد عدة أحزاب بالانسحاب من الائتلاف الحكومي الذي يقوده، باشر نتنياهو سلسلة لقاءات، أمس، مع رؤساء الأحزاب وكتل الائتلاف الحكومي، سعيا لبلورة نص قانون يشمل عناصر أساسية من تقرير لجنة «بلاسنر»، التي كان قد أعلن عن حلها ورفض توصياتها، وفي مقدمتها التسريع في إقرار قانون لتجنيد الشبان العرب في الجيش الإسرائيلي. وقال نتنياهو خلال تصريحات صحافية، أمس، إن ما سيقترحه «يضعنا أمام تغيير تاريخي في المجتمع الإسرائيلي». وأضاف: «لا يمكن للوضع القائم أن يستمر. على الحريديم (اليهود المتدينين) الاندماج في الخدمة العسكرية، وعليهم سوية مع (عرب إسرائيل)؛ (فلسطينيي 48)، الانخراط في الخدمة العسكرية أو إن شاءوا ففي خدمة مدنية بديلة».

واعتبر نتنياهو أن العقوبات التي اقترحتها اللجنة (حتى 2700 دولار أميركي) على كل شاب متدين يتهرب من الخدمة العسكرية، تنطوي على مبادئ مهمة في هذا الاتجاه، لكنها تتطلب تعاملا أكثر منهجية، «إنني مصمم على ضمان ارتفاع كبير في نسبة مشاركة (الحريديم) والعرب في العبء. لن نقبل باستمرار الوضع القائم بأن يواصل من لا يخدمون بالحصول على نفس ما يحصل عليه من يخدمون في الجيش».

وتدل هذه التصريحات على الاتجاه الذي يقترحه نتنياهو لتسوية الأزمة. فهو يرضي نوابه الثلاثة الذين يطالبون بفرض الخدمة العسكرية أو المدنية؛ شاؤول موفاز، رئيس حزب «كديما»، ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، ووزير الدفاع، إيهود باراك، رئيس حزب «الاستقلال»، ومن ورائهم يرضي ضباط وجنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الذين هددوا بحملة مظاهرات ضده ابتداء غدا. وهي ترضي المتدينين، لأنه يتحدث عن حلول منهجية وعن ضرورة منحهم حق الاختيار بين عدة حلول مناسبة لطلباتهم، وقد وضع عدة اقتراحات عملية للتهدئة من خواطرهم مثل الاقتراح أن يتجند المتدين حتى 28 عاما (بدلا من 18 عاما).

ويتبنى نتنياهو، بهذا الموقف، آراء وزير خارجيته العنصرية تجاه العرب، ويضرب عرض الحائط بموقف المواطنين العرب في إسرائيل، الذين يؤكدون رفضهم أداء أي خدمة عسكرية، طالما أن الجيش الإسرائيلي يحارب شعبهم الفلسطيني وأمتهم العربية ويحمي احتلال الأرض الفلسطينية وسياسة الاستيطان والتهويد.

واللافت للنظر أن الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، الذي يتبنى في السنوات الأخيرة مواقف معتدلة، خصوصا فيما يتعلق بالمواطنين العرب في إسرائيل، أطلق أمس تصريحا يؤيد فيه تجنيد الشبان العرب بدعوى المساواة في الأعباء في سبيل المساواة في الحقوق.

وجدير بالذكر أن واحدا من كل أربعة شبان يهود لا يتجند للجيش الإسرائيلي اليوم، سواء لأسباب دينية كانت أو لأسباب صحية، أو لأسباب أخرى. وحسب معطيات نشرتها، أمس، صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو، فإن 13 في المائة من الشبان الذين لا يتجندون في الجيش، لا يتجندون بدواعٍ دينية، وإنهم منشغلون بدراسة التوراة، بالإضافة إلى أن 6.3 في المائة منهم لا يتجندون لأسباب صحية، بينما اختلفت أسباب النسبة المتبقية من الشبان الإسرائيليين الرافضين للتجنيد في الجيش. وما يلفت الانتباه أن 4.9 في المائة من الفتيات الإسرائيليات لا يتجندن في الجيش الإسرائيلي، وأن 35 في المائة منهن لا يتجندن لأسباب دينية.

وأشارت الصحيفة إلى قلق مصادر رفيعة في الجيش الإسرائيلي من تدني خدمة الشبان اليهود المتدينين خلال الأعوام الماضية، مقارنة مع الأعوام التي سبقتها، حيث شهد عام 2007 تجند نحو 2000 متدين، مضيفة أن تجنيد الشبان المتدينين يكلف الجيش أربعة أضعاف تجنيد الإسرائيلي العادي، لأن أغلب الشبان الإسرائيليين متزوجون، الأمر الذي يرفع من أجورهم وبدل مصاريفهم التي يدفعها الجيش.

في المقابل، يرفض 97 في المائة من الشبان العرب الخدمة العسكرية، علما بأن الجيش لا يجبرهم وليس معنيا بهم، إذ يخشى من أن يتحولوا إلى عبء داخل الجيش. وأما أبناء الطائفة العربية الدرزية، الذين يجبرهم الجيش على الخدمة، فإن أكثر من نصفهم يرفضها بالأساس لمختلف الأسباب، ومنها الضميرية والقومية والدينية.