الأسد يأسف لعنف قواته في قمع أول الاحتجاجات الشعبية ويبدي قلقه على أولاده

معارضون لـ«الشرق الأوسط»: الرئيس السوري كاذب ومجرم.. ويدرك أن رحيله بات في حكم الواقع

TT

أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن أسفه «للأساليب العنيفة التي استخدمتها قواته لقمع أول الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت العام الماضي»، وقال «إننا بشر ويمكن أن نرتكب أخطاء»، متهما في الوقت عينه «جهات أجنبية بدفع المال للمتظاهرين لزعزعة الأمن في سوريا».

ورأى الأسد في حديث لصحيفة «جمهورييت» التركية، أنه «يجب أن يعلم الجميع أنها لعبة مدعومة من الخارج، وهناك أموال كثيرة تأتي من الخارج». وقال: «لو لم أكن أتمتع بدعم الشعب لأطيح بي مثل شاه إيران رضا بهلوي. الجميع كانوا يعتقدون أن مصيرنا متشابه، لكنهم مخطئون». وفي حين دعا القوى الأجنبية «وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى أن تتوقف عن دعم المعارضة»، اتهم دولا في المنطقة لم يسمها، بـ«تقديم دعم لوجيستي إلى الإرهابيين في سوريا».

ونقل تقرير إعلامي عن مدير تحرير صحيفة «جمهورييت» التركية، أوتكو شاكر أوزير الذي أجرى المقابلة، قول الأسد خلال اللقاء الصحافي، إن أطفاله الثلاثة «يشعرون بالصدمة جراء ما يشاهدونه على الإنترنت من مشاهد عنف في سوريا»، مشيرا إلى أن «زملاء أطفاله في المدرسة أعربوا عن خشيتهم من عملية خطف الأطفال».

وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد دعا «الشعب السوري» إلى أن يقرر مصيره «بحرية» و«من دون أن تحاول دول أخرى فرض رأيها عليه»، متهما «الولايات المتحدة وحلفاءها بالسعي لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد لفرض سيطرتها على الشرق الأوسط وحماية إسرائيل».

وقال نجاد، في بيان بعد لقائه أول من أمس رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام، إن «الأعداء الأساسيين يحاولون فرض هيمنتهم على المنطقة وإنقاذ الكيان الغاصب (إسرائيل) من الدمار»، لافتا إلى أن «الولايات المتحدة تسعى فقط وراء مصالحها ومن حق شعوب المنطقة، ومن بينهم الشعب السوري العظيم، أن يقرروا مصيرهم بحرية، ويجب ألا يفرض عليهم الآخرون شروطهم الخاصة».

وحملت المعارضة السورية على مواقف الأسد، الصادرة بعد مضي أكثر من 15 شهرا على اندلاع التحركات الاحتجاجية في سوريا وبعد صدور تقارير عدة عن منظمات حقوقية عالمية حملت النظام السوري مسؤولية ارتكاب انتهاكات وجرائم بحق المتظاهرين المدنيين والأطفال ترقى إلى حد اعتبارها «جرائم ضد الإنسانية». ووصف عضو المجلس الوطني السوري أديب الشيشكلي لـ«الشرق الأوسط» الرئيس السوري بأنه «كاذب ومجرم»، معتبرا أن أي «كلام يصدر عن الأسد اليوم ليس ذا قيمة أو مصداقية ولا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد بأي شكل من الأشكال».

وانتقد الشيشكلي استمرار الأسد «في الكذب والتعامي عن إرادة شعبه وعن الجرائم التي يرتكبها»، لافتا إلى أنه «لو كان يتمتع بواحد في المائة من الحرص على أطفال سوريا وأهلها لجاء منذ اليوم الأول لخروج المظاهرات التي لم تكن تطلب إلا الحرية واستجاب لمطالبها عوض عن ممارسة العنف وقتل المدنيين».

وأعرب خليل الحاج صالح، أحد الناطقين الرسميين باسم لجان التنسيق المحلية في سوريا لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن الأسد «بدأ يدرك أن المظلة الدولية التي كانت تحميه بدلا من أن تنكشف من فوق رأسه، وأنه سواء أطال الزمن أو قصر فإن رحيله بات بحكم الواقع»، مشيرا إلى أن «الأسد بدأ يؤهل نفسه للخروج بالحد الأدنى من الخسائر».

ورأى الحاج صالح أن الأسد «يلقي المسؤولية على كاهل الآخرين ويحاول تقديم الضحايا بدلا عنه، خصوصا أن مواقفه تأتي مع إدراك المعارضة أن تطبيق السيناريو اليمني في سوريا بعيد التطبيق في سوريا، لأنه مع حجم الدمار الحاصل وتخريب المجتمع السوري لم يعد بمقدور أحد أن يغفر للأسد جرائمه أو يقدم له صك براءة وبات المطلوب إحالة الأسد والمرتكبين إلى القضاء».

وختم الحاج صالح بالتأكيد على أن «الأسد يحاول أن يبدي نوعا من الأسف لتخفيف صورة القاتل عنه فيما يدرك كل من يعرف طبيعة النظام الأمني السوري أنه نظام هرمي وشديد التراتبية ولا يمكن أن تحصل أي خطوة على الأرض من دون ضوء أخضر من رأس الهرم».