مجلس الأمن يدعو لعقوبات ضد المتمردين المرتبطين بـ«القاعدة» في مالي

الأمم المتحدة تدعم الجهود الإقليمية لحل الأزمة لكن دون تزكية لخيار نشر قوات

TT

دعا مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات على المتمردين المتحالفين مع «القاعدة» في شمال مالي، وذلك في قرار أصدره بإجماع أعضائه أمس. ويدعو القرار «الدول الأعضاء إلى تسليم أسماء الأفراد والجماعات والكيانات المرتبطة بـ(القاعدة)، على أن يشمل ذلك منطقة الساحل خصوصا شمال مالي»، بهدف فرض عقوبات دولية على من يدعمون «القاعدة».

ويطلب القرار أيضا «بإلحاح من الجماعات المتمردة في مالي الامتناع عن أي شكل من الارتباط بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتصدي للخطر الذي تمثله الجماعات الإرهابية في مالي». ويؤكد «دعمه الكامل» لجهود المنظمات الإقليمية، وبينها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) والاتحاد الأفريقي، لتسوية الأزمة في مالي. لكنه لا يمنح هاتين المنظمتين تفويضا دوليا لنشر قوة أفريقية تتصدى للمتمردين الذين يسيطرون على شمال هذا البلد.

ويأخذ القرار الذي تقدمت به فرنسا «علما بطلب المجموعة الأفريقية والاتحاد الأفريقي تفويضا من مجلس الأمن يتيح نشر القوة» المذكورة، ويكتفي المجلس «بإعلان استعداده لبحث هذا الطلب ما إن يحصل على معلومات إضافية حول أهداف ووسائل وتفاصيل الانتشار المطلوب». وتستعد مجموعة «الإيكواس» منذ أسابيع لإرسال قوة إلى مالي تضم 3300 عنصر. وكان مسؤولوها دعوا يوم الجمعة الماضي مجلس الأمن الدولي إلى «الإسراع» في تبني قرار يسمح بنشر هذه القوة.

واعتبر السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارو أن «القرار ليس سوى مرحلة أولى تحدد إطار حل سياسي في شمال مالي، وتثبت تعبئة المجتمع الدولي بناء على طلب فرنسا». وفي ما يتعلق بالقوة الأفريقية، قال ارو «لن نمنح المجموعة الأفريقية الضوء الأخضر»، لكن الخطة العملانية التي ينبغي أن تتسلمها المنظمة الدولية قريبا «سنتعاطى معها بإيجابية كبيرة».

كما حذر قرار مجلس الأمن الذي صدر أمس، المتشددين الذين دمروا أضرحة لأولياء مسلمين في تمبكتو من احتمال مثولهم أمام المحكمة الجنائية الدولية. وأكد نص القرار أن هجمات مماثلة على التراث الثقافي أو الديني «يمكن أن تشكل انتهاكات للقوانين الدولية» انسجاما مع معاهدة روما التي نصت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وكذلك معاهدات جنيف. وفي هذا السياق، يدعو القرار «كل الأطراف في مالي إلى اتخاذ كل التدابير الملائمة لضمان حماية» المواقع المدرجة على التراث العالمي.

وتعليقا على هذه الخطوة، رحب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بقرار مجلس الأمن، وأكد مطالبة بلاده لكل الدول في شمال وجنوب الصحراء «بتكثيف تعاونها لمكافحة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وقال فابيوس في بيان «أرحب بتبني مجلس الأمن الدولي اليوم القرار رقم 2056 حول مالي بناء على مبادرة من فرنسا». وأضاف أن «مالي وبشكل أعم الساحل غارقان في أزمة خطيرة للغاية تضر بأمن السكان وتسرع الأزمة الإنسانية السائدة في المنطقة وتزيد التهديد الإرهابي وباتت تضر بالتراث العالمي». وقال فابيوس أيضا إنه يتعين «على المجتمع الدولي أن يفعل كل ما في وسعه لمكافحة الإرهاب في مالي والساحل والذي يهدد بزعزعة استقرار كل المنطقة». وتابع فابيوس أن باريس «تحشد كل قواها لمساعدة السلطات المالية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي على تطبيق المسارات السياسية» الواردة في قرار الأمم المتحدة الذي ينص على حل المجلس العسكري ويطالب بوضع خريطة طريق حول العملية الانتقالية في مالي.

وجاءت هذه التطورات غداة صدور دعوة من «الجمعية الوطنية» في باماكو، للمواطنين الماليين بشن «مقاومة شرسة ضد احتلال» شمال بلادهم من قبل المجموعات المسلحة. وفي إعلان «لاستعادة وحدة أراضي البلاد»، دعا مكتب الجمعية الوطنية «الشعب المالي بكامله إلى مقاومة شرسة للاحتلال وزيادة تعزيز التضامن بكل الوسائل الممكنة». وقال الإعلان أيضا «منذ شهر يناير (كانون الثاني) 2012، موعد بدء الأزمة الخطيرة التي تمر بها البلاد، أعربت الجمعية الوطنية مرارا عن الضرورة التي تشعر بها كل الأمم لإقامة وحدة مقدسة وقبول كل التضحيات الضرورية لاستعادة وحدة الأراضي والحفاظ على الطابع العلماني لجمهوريتنا». وغرقت مالي في الأزمة منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح في 22 مارس (آذار) بالرئيس أمادو توماني توريه الذي اتهمه الانقلابيون بالتهاون حيال مختلف المجموعات المسلحة.