2.7 مليون ليبي ينتخبون غدا أول مجلس تشريعي منذ 60 عاما

وسط إجراءات أمنية مشددة يشرف عليها 40 ألف شرطي و13 ألف جندي

رجل إطفاء ليبي يعمل على إخلاء مخزن المواد والمستلزمات الخاصة بالانتخابات الليبية في مدينة أجدابيا الشرقية أمس (أ.ف.ب)
TT

توقفت صباح اليوم الحملات الدعائية في أول انتخابات تشريعية ستشهدها ليبيا غدا، منذ نحو 60 عاما، وسط إجراءات أمنية مشددة.

واختتم المرشحون وفقا لقانون الانتخابات حملاتهم أمس، أي قبل 24 ساعة من توجه الناخبين وعددهم 2.7 مليون ناخب إلى مراكز الاقتراع غدا لانتخاب مؤتمر وطني يتولى وضع دستور جديد للبلاد، وتشكيل الحكومة. ويتنافس نحو 2500 مرشح على مقاعد الانتخاب المباشر وعددها 120 مقعدا، و1202 على القوائم الحزبية وعددها 80 مقعدا.

وأعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي رفع درجة الاستعداد إلى الدرجة الكاملة اعتبارا من أمس وحتى يوم الاثنين القادم لتأمين انتخابات المؤتمر الوطني في جميع الدوائر. وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الأركان العقيد علي الشيخي، إن «رئاسة الأركان العامة تدعو الله بهذه المناسبة أن تتم العملية الانتخابية بكل نجاح وتحقق ما يرغبه الشعب الليبي». وقالت السلطات إنها اتخذت الاحتياطات اللازمة وأعدت خطة أمنية لنشر أربعين ألف عنصر في أجهزة الأمن يدعمهم 13 ألفا من الجيش الليبي الجاري تأسيسه.

من جانبه، أوضح عمر الخضراوي، نائب وزير الداخلية رئيس لجنة أمن الانتخابات، أن قوات الأمن الليبية «في حالة استنفار قصوى»، مشيرا إلى استحداث مركز قيادة في طرابلس.

ويتوقع أن تتوتر الأجواء خصوصا في شرق البلاد حيث يطالب أنصار النظام الفيدرالي بمزيد من المقاعد في المجلس التأسيسي، لا سيما أن دعاة الفيدرالية دعوا إلى مقاطعة الانتخابات وهددوا بعرقلة العملية الانتخابية. وحذرت منظمة «مجموعة الأزمات الدولية» من خطر محدق بالاقتراع يتمثل في وجود «متظاهرين مسلحين يهددون بتعطيل الانتخابات خصوصا في الجزء الشرقي من البلاد».

وأعلنت وزارة الداخلية مؤخرا أنها تلقت تقارير من أجهزة الأمن تفيد بوجود مخططات لأنصار نظام الزعيم الراحل معمر القذافي تهدف إلى تعطيل سير الاقتراع. وتثير القلق المواجهات الدامية التي تقع باستمرار بين مجموعات وميليشيات مسلحة، بعضها من الثوار الذين قاتلوا ضد نظام معمر القذافي، خصوصا في جنوب البلاد وغربها.

وحذرت منظمة العفو الدولية أمس من أنه لا توجد أي سيطرة حقيقية على تلك المجموعات المسلحة التي غالبا ما تتناحر بين بعضها البعض وقد تخرب العملية الانتقالية التي هي أصلا متداعية. غير أن سالم قنان، نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي، رغم إقراره أول من أمس بوجود «مشاكل هنا وهناك، لكننا نظن بأنها لن تؤثر على الانتخابات». وأضاف «نحن متفائلون جدا».

إلى ذلك، دعا الناطق باسم الحكومة الانتقالية ناصر المانع «كل الليبيين، رجالا ونساء، إلى المشاركة في هذه الانتخابات وحمايتها والافتخار بها لأنها تشكل مرحلة نحو الاستقرار والتنمية».

على صعيد آخر، أوصى المجلس الوطني الانتقالي أمس المؤتمر التأسيسي، بأن تكون الشريعة الإسلامية «المصدر الرئيسي للتشريع» في ليبيا، مؤكدا أن هذا الأمر «ليس قابلا للاستفتاء». وقال المتحدث باسم المجلس صالح درهوب للصحافيين في طرابلس «نذكر أن الشعب الليبي يتمسك بالإسلام عقيدة وتشريعا، وأن المجلس يوصي المؤتمر بأن تكون الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع وليست قابلة للاستفتاء».

على صعيد آخر، أكد محمد صوان، رئيس حزب «العدالة والبناء»، أنه سيسعى لتشكيل حكومة ائتلافية بالمشاركة مع أحزاب ذات مرجعية إسلامية، إذا ما حقق تقدما في نتائج الانتخابات. وقال في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «لو كان لنا دور فاعل في تشكيل الحكومة فلا شك أن مبدأ التوافق مع مختلف الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية هو مبدأ مطروح.. لكن الأقرب لنا من لنا معه قواسم مشتركة أكثر من غيره، أي الأحزاب الإسلامية بطبيعة الحال»، مشددا على أن هوية الدولة وقضية المرجعية الإسلامية ستكون ضمن أولويات حزبه عند المشاركة في كتابة الدستور. وأوضح «نحن نسعى لتأسيس دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية.. تحترم الحريات وتكفل الحقوق وتضمن التداول السلمي للسلطة وتحترم سيادة القانون وتدعو لإقامة علاقات متوازنة مع كل الأطراف». وانتقد صوان ما يثار من مخاوف من أن فوز الإسلاميين بالسلطة قد تعقبه تصفية للحسابات مع باقي التيارات السياسية أو إقصاء أعضائها من المناصب العليا بالدولة، وقال «العملية السياسية كانت متعطلة بليبيا منذ 60 عاما، وليس لنا كحزب أي حسابات مع أي تيار.. أما المقاعد الوزارية والمشاركة بالسلطة بشكل عام فإنهما تحددان طبقا لنسبة حصول كل حزب على المقاعد».

ونفى صوان أن يكون أغلب مرشحي حزبه هم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بليبيا، وقال «تقدمنا بما يقرب من 150 مرشحا بكل أنحاء ليبيا بالتساوي ما بين الفردي والكيانات السياسية، بعضهم من (الإخوان) لكن الأكثرية من خارج الجماعة». واستنكر صوان دعوات المقاطعة للانتخابات وأحداث العنف التي واكبتها، وقال «الأرقام تقول إن ما يقرب من 80 في المائة من الشعب الليبي يؤيدون إجراء الانتخابات عبر تسجيل أسمائهم.. نحترم الاعتراضات على توزيع مقاعد المؤتمر الوطني لكننا نرفضها تماما إذا ما ارتبطت بالعنف.. والشارع ببنغازي رفضها، ولذا أعتقد أنها لن تؤثر على الانتخابات». وشدد صوان على أن الحل لكل مشكلات ليبيا يكمن في «اعتماد نظام اللامركزية بما يضمن توزيع عادل للخدمات والثروات».