روائي جزائري زار إسرائيل يثير جدلا في فرنسا

صنصال فاز بجائزة يرعاها السفراء العرب ثم منع من تسلم قيمتها

بوعلام صنصال يحمل نسخة من روايته «شارع داروين» (أ.ف.ب)
TT

تعرض دبلوماسيون عرب في فرنسا إلى انتقادات في هذا البلد، بسبب سحبهم أموال جائزة أدبية كان من المقرر منحها إلى روائي جزائري شهير، وذلك لزيارته إسرائيل. فقد تصاعدت حالة الغضب في الصحافة الفرنسية منذ منحه الجائزة، مع حرمانه من قيمتها المالية، من قبل إحدى دور النشر الشهر الماضي. وقدم رئيس لجنة التحكيم استقالته بشكل مفاجئ احتجاجا على هذا الإجراء.

ولم تتحدث المجموعة المؤلفة من 22 دبلوماسيا تحت خط النار من دول أعضاء بجامعة الدول العربية، الذين قد تولوا مسؤولية رعاية الجائزة لمدة ثلاث سنوات، كثيرا، باستثناء قولهم إنهم يطبقون سياسات دولهم، التي ما زالت في حالة حرب رسمية مع إسرائيل.

وكان المقرر أن يحصل الفائز، بوعلام صنصال (63 عاما)، المهندس السابق الذي بدأ في كتابة روايات في سن الخمسين، وأصبح ذائع الصيت، على جائزة «الرواية العربية» عن كتابه «شارع داروين». غير أنه في شهر مايو (أيار) الماضي، ألقى كلمة في مهرجان أدبي في إسرائيل، وبعدها، أصدرت حركة حماس الفلسطينية التي تدير قطاع غزة بيانا وصفت فيه زيارته بأنها «خيانة بحق الشعب الفلسطيني».

وكتب السفراء العرب المقيمون في باريس لاحقا خطابا إلى لجنة التحكيم يقولون فيه إنهم قد قرروا إلغاء مراسم الاحتفال وسحب الجائزة، التي تبلغ قيمتها 15000 يورو، أو نحو 19000 دولار، «نظرا للأحداث الجارية في العالم العربي في الوقت الراهن».

وأثار هذا القرار سخط صنصال، الذي قال في محادثة هاتفية يوم الثلاثاء من مدينة بومرداس، القريبة من العاصمة الجزائرية حيث يقيم: «السفراء العرب ليس لهم أي حق في التصرف بهذه الصورة».

وفي وصفه للفترة التي قضاها في إسرائيل، قال إنه كان أحد ضيوف مهرجان الكُتَّاب الدولي الثالث في القدس، وإنه قد تحدث عن المستوطنات الإسرائيلية في مناقشة مع مؤلفين إسرائيليين. وأشار إلى أنه قد وصف المستوطنات بأنها رمز للاحتلال وليست «مستعمرة». وبشكل عام، يستخدم الفرنسيون كلمة «مستعمرين» في وصف المستوطنين.

وصرح مسؤول بمكتب جامعة الدول العربية في باريس، مشددا على عدم الكشف عن هويته، بأن «السفراء توقفوا عن رعاية الجائزة بعد سفر صنصال إلى إسرائيل، حيث قال إنه لا وجود لأي استعمار في الأراضي الفلسطينية المحتلة». وأنكر صنصال ذلك التصريح المنسوب إليه، قائلا إنه تم تحريف كلماته. وقال صنصال: «لا يمكنني التعبير عن نفسي، كما لو أنه لا وجود لي».

وأضاف: «لكن المستقبل يخصنا، لقد سقطت الأنظمة الديكتاتورية العسكرية في العالم العربي، وسوف يسقط الإسلاميون. العالم بحاجة للاستقرار والوضوح».

وقدم أوليفييه بوافر دارفور، رئيس لجنة التحكيم ومدير إذاعة «فرانس كيلتير» استقالته في خطاب مفتوح، ثم انتقد الربط بين تصريح حماس وسحب الجائزة. وكتب أن «بوعلام صنصال» زار إسرائيل في الفترة ما بين ترشحه للجائزة وتسلمها فعليا».

واستكمل بوافر دارفور حديثه قائلا إن «حماس أصدرت على الفور بيانا تصف فيه وجوده في إسرائيل بأنه خيانة بحق الفلسطينيين، وأن رد فعل مجلس السفراء العرب جاء كنتيجة مباشرة لهذا البيان».

وفي يوم 21 يونيو (حزيران) الماضي، منح صنصال الجائزة في النهاية، ولكن من دون قيمتها المالية، في احتفال رمزي في مقر دار النشر «غاليمار». غير أن قرار الدبلوماسيين بإلغاء حفل توزيع الجوائز وسحب قيمة الجائزة حث أعضاء بلجنة التحكيم وكُتاب ومنظمة يهودية بارزة، هي المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا، على إدانة إقحام السياسة في الأدب.

«إذا كنا بحاجة إلى دليل على الرجعية في العالم العربي، فإنها تتضح جليا في هذا السلوك المؤسف»، هذا ما جاء في افتتاحية نشرت مؤخرا على الموقع الإلكتروني الخاص بالمجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية.

وقال أعضاء لجنة التحكيم، ومن بينهم الروائي المغربي طاهر بن جلون، إن الجائزة يجب أن تستمر، وأعلن عن أنه يجري البحث عن رعاة جدد.

وكان صنصال من معارضي الحكم في الجزائر، حيث قد فرضت رقابة صارمة على كتبه. وفي عام 2008، قارن التيار الإسلامي بالنازية في كتابه الذي يحمل اسم «قرية الألماني أو مذكرات الأخوين شيلر»، والذي يروي قصة علاقة ضابط سابق في الجيش النازي بقادة جبهة التحرير الوطني في الجزائر.

* خدمة «نيويورك تايمز»