انشقاق العميد مناف طلاس.. وتركيا لا تؤكد ولا تنفي

قائد اللواء 105 في الحرس الجمهوري وابن وزير الدفاع الأسبق

مناف طلاس
TT

بعد تضارب الأنباء يوم أمس عن انشقاق نجل وزير الدفاع السوري الأسبق العماد مصطفى طلاس، العميد مناف طلاس، أكدت مصادر عدة انشقاقه. وبينما أفادت مصادر لـ«الشرق الأوسط» مناف طلاس قد وصل الى تركيا، لم يظهر أو يؤكد ذلك رسميا. وفي حال تأكد الخبر، سيكون طلاس الابن وهو أكبر الضباط المنشقين قربا من النظام منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في مارس (آذار) 2011.

وبينما لم تذكر وسائل الإعلام الرسمية السورية أي معلومات عن الانشقاق، نقل أكثر من موقع إخباري قريب من النظام أن طلاس، وهو قائد الفرقة 105 في الحرس الجمهوري الذي يعتبر عصب النظام، قد فر إلى تركيا «بعد اكتشاف اتصالاته مع المعارضين». وفيما أكدت وكالة «رويترز» فراره إلى تركيا، أبلغ الناطق باسم وزارة الخارجية التركية سلجوق أونال، «الشرق الأوسط»، بأن «جنرالين من الجيش السوري انشقا خلال الأيام الثلاثة الماضية»، موضحا أن «السلطات التركية تتحفظ عن ذكر اسميهما حفاظا على سلامة أقاربهما في سوريا». وردا على سؤال عما إذا كان العميد مناف طلاس بينهما، أجاب «لا أستطيع أن أنفي أو أؤكد».

وأفاد مصدرين سوريين معارضين لـ«الشرق الأوسط» انه بالفعل قد انشق بناء على معلومات المقربين منه. ونقلت المواقع الإلكترونية عن مصدر أمني رفيع المستوى في سوريا أن العميد طلاس «كان متابَعا من قبل المخابرات السورية، وثبت تورطه في أكثر من قضية مع الإرهابيين وتسهيله لعمليات إرهابية داخل سوريا، وهي التهمة الرسمية ضد المنشقين منذ اندلاع الاحتجاجات». وقال المسؤول الأمني إن «المخابرات السورية لو شاءت احتجازهُ لفعلت»، مؤكدا أن فراره جاء بعد تأكده من أن المخابرات السورية تمتلك معلومات كاملة عن اتصالاته مع الإرهابيين وجهات خارجية. واعتبر المصدر أن فرار طلاس كان متوقعا بعد أن تأكد أن الحسم بدأ يميل لمصلحة النظام السوري. وختم المصدر بالقول إن «فراره لا يؤثر بشيء».

من ناحيته، أكد العقيد عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في الجيش الحر، أنه يستبعد ان يكون العميد مناف طلاس قد وصل إلى الأراضي التركية حيث معسكرات الجيش الحر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن موجودون على الحدود التركية على بعد 5 كيلومترات من سوريا، ونستقبل كل المنشقين من الجيش الذين يصطحبهم حرس الحدود التركية ليملأوا استمارات قبل دخولهم المخيم، ولغاية الآن لم يصل إلينا طلاس»، لافتا إلى أن «90 في المائة من الضباط الذين انشقوا عن الجيش في الأسبوع الماضي هم من منطقة الرستن التي لم يتوقف النظام عن قصفها وقتل أبنائها، لذا لا نستبعد إمكانية انشقاق مناف طلاس ابن الرستن»، مضيفا «نحن كضباط لا نصدق أنه انشق إلا عندما نراه أمام أعيننا».

وفي حين أشار الحمود إلى العلاقة الوثيقة التي تربط العميد طلاس بعائلة الأسد منذ أن كان والده يتولى وزارة الدفاع، وكان صديقا مقربا من باسل الأسد، لفت إلى أنه «في الفترة الأخيرة تم تقليص مهماته كغيره من الضباط الذين لا ينتمون إلى الطائفة العلوية خوفا من أي عملية انشقاق أو انقلاب، وكان من بين ضباط الحرس الجمهوري الذين كانوا على خلاف مع شقيق الرئيس بشار الأسد، العميد ماهر الأسد».

وردا على سؤال عن احتمال وجوده لدى السلطات التركية، قال الحمود «من الممكن أن تكون السلطات التركية قد تعاملت معه وفق ترتيبات من دون إعلامنا نظرا إلى موقعه، لكن ما أستطيع تأكيده أنه منذ بدء الثورة وحتى الآن تتعامل السلطات السورية مع المنشقين على اختلاف رتبهم بالطريقة نفسها، من دون أن تميز بين ضابط وآخر». وأوضح الحمود أن منطقة الرستن تعرف بعدد ضباطها الكبير وذلك نظرا إلى الدور الذي كان يلعبه وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس في إدخالهم إلى الجيش ومن بعده ابنه العميد مناف طلاس. وعن دور طلاس في اتخاذ قرارات لقمع الثورة وإعطاء أوامر بالقتل، قال الحمود «كان طلاس يقود اللواء 105 في الحرس الجمهوري، بعد أن قاده الراحل باسل الأسد ومن بعده الرئيس بشار الأسد، وهذا اللواء كان له الدور الأساسي في قمع المظاهرات في ريف دمشق، مع العلم بأن قرارات كهذه لا يتولاها طلاس أو غيره، بل يتم اتخاذها بشكل مركزي». مع العلم بأنه قد ترددت معلومات في وقت سابق عن فرار مصطفى طلاس الذي تولى وزارة الدفاع بين عامي 1972 و2004 إلى باريس، وذلك بعد خلافه مع نائب رئيس الأركان، آصف شوكت، صهر الرئيس السوري بشار الأسد. وكانت هذه المعلومات قد أشارت إلى أن طلاس اصطحب معه إلى فرنسا زوجته وابنه رجل الأعمال فراس، في حين ظل ابنه الآخر مناف في دمشق.

ويبدو أن قرار العميد مناف طلاس بالانشقاق أتى بعد أن رفع شقيقه الأكبر، رجل الأعمال فراس، صوته عاليا ضد النظام السوري، رغم أنه كان يمتنع على صفحته على «فيس بوك» عن التطرق إلى المواضيع السياسية، مؤكدا أنه رجل أعمال ولا علاقة له بالسياسة وأعماله تتطلب منه السفر والتنقل بين دول عدة. لكن يوم الاثنين الماضي في الثاني من يوليو (تموز) كتب فراس طلاس على صفحته على «فيس بوك» بحسب ما نقل عنه أصدقاؤه، ما يلي «تنجو سوريا بالوصول إلى جمعية وطنية تأسيسية منتخبه بإشراف دولي وفق آلية محددة. هذا هو الهدف. والطريق لتحقيقه يتم بدمج تيارات من الحراك السلمي السياسي مع تيارات ممن تعسكروا (الجيش الحر بمكوناته المختلفة) للوصول إلى جهة واحدة منظمة، عندها سترون كيف يتهافت المجتمع الدولي للمساعدة في إنهاء الأزمة (أنا لا أسميها نزاعا بين طرفين). عليكم العمل لتحقيق ذلك. وبلا جنيف وبلا القاهرة وبلا اسطنبول وبلا (بلوط كمان). الدم السوري (مو مي لينهدر هيك). وتفهم كل الطوائف أن كل نقطة دم سورية (إلها) نفس القيمة عندي».

كذلك، وفي الوقت عينه، فقد لوحظ انضمام طلاس إلى مجموعة تحمل عنوان «دعوة للمشاركة في تأسيس مجلس تأسيسي سوري وطني»، وجاء في نص الدعوة التي تحمل توقيع «سوريا الوطن والشعب»: «نتيجة عجز النظام القائم عن التجاوب مع أي حل ممكن لعدم قدرته على إصلاح نفسه بسبب الفساد المزمن الذي استشرى في جميع مفاصله وحرص الفاسدين على الحكم على التفرد والتسلط والاستبداد والكذب والجشع والطمع مما يجعل الحوار معهم عقيما والجدل واقعا والحق ضائعا، فإن هذا الواقع قد أدى إلى سقوط النظام القائم في مستنقع الفوضى وتخبطه بين سياسات خارجية ضالة وسياسات داخلية مُضلة تقود النظام إلى الانتحار التدريجي وتقود سوريا الوطن والشعب إلى المجهول. ونتيجة عجز المعارضة السياسية عن التجمع والتوحد في إطار وطني جامع لعدم قدرتها على التوافق في ما بينها على برنامج سياسي انتقالي ومستقبلي واضح المعالم، يُمكن العالم من الاعتراف بهذا الإطار الوطني الجامع كبديل شرعي وحيد عن النظام القائم بحيث يكون قادرا على مخاطبة الداخل والخارج بلغة العلم والعمل والقول والفعل والحكمة والعقل، فإن هذا الواقع أدى إلى تحمل الشعب السوري عموما والحراك الشعبي الثائر خصوصا المزيد من المآسي والآلام وبذل الكثير من التضحيات التي لا تقدر بثمن. ونتيجة العجز الإقليمي والدولي حتى تاريخه وعدم قدرة هذا العالم على التوافق على حل سياسي حازم وجازم ورادع يُنقذ سوريا الوطن والشعب ويحول دون أخطار التقسيم والتمزيق والحرب الأهلية والطائفية التي أصبح النظام القائم يجر الوطن السوري إليها كحل أخير ومخرج لبقائه، مما سيؤدي إلى تحول سوريا إن تم هذا إلى مركز استقطاب ومحور للتطرف والإرهاب بجميع أشكاله وألوانه، مما سينعكس سلبا على المحيط الإقليمي والدولي.. فإننا نحن أبناء سوريا الوطن والشعب على اختلاف توجهاتنا الفكرية والعقدية والمذهبية والطائفية نجد أنفسنا أمام واجب تاريخي ومسؤولية وطنية في اتخاذ قرار جامع لأبناء سوريا الوطن والشعب».