الحدود الأردنية ـ السورية تشهد نزوح 5 آلاف لاجئ سوري هذا الأسبوع

مدينتا الرمثا والمفرق الحدوديتان تشهدان اكتظاظا في مراكز الإيواء

أحد شوارع حمص بعد أن دمره قصف القوات النظامية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت الحدود الأردنية - السورية خلال أسبوع حركة نزوح جماعية لافتة, حيث تشير جمعيات إغاثة تعمل في مدينتي الرمثا والمفرق الحدوديتين مع سوريا إلى أن العدد الإجمالي بلغ نحو خمسة آلاف لاجئ سوري، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، إضافة إلى مجموعة من المصابين الذين حالفهم الحظ بالوصول إلى الحدود الأردنية وتم نقلهم إلى المستشفيات الأردنية بواسطة سيارات الإسعاف التي دائما ما تكون بانتظار هؤلاء.

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، إن نحو خمسة آلاف سوري لجأوا هذا الأسبوع إلى الأردن عبر السياج الحدودي هربا من أعمال العنف في بلدهم.

وقال آندرو هاربر، ممثل المفوضية في عمان، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف سوري عبروا السياج الحدودي هذا الأسبوع، وهذا رقم كبير جدا»، مرجحا أن «ينزح عدد أكبر من السوريين إلى المملكة».

ووصل العدد خلال اليومين الماضيين؛ الأربعاء والخميس نحو 1350 لاجئا ولاجئة سوريا إلى الأردن من خلال قطعهم الساتر الترابي على الحدود بين البلدين.

وقال الناشط عبد الله الزعبي في الرمثا إن المخيمات ومراكز إيواء اللاجئين في الرمثا والمفرق شهدت اكتظاظا ملحوظا خلال الأسبوع، بعد أن شهدت المناطق السورية الحدودية اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي والجيش الحر، حيث كان دوي وصوت المدافع يهز مباني الرمثا قبل أيام، وقد تمكن عدد من المواطنين المصابين من الوصول إلى منطقة الشيك الحدودية، وعبروا الأردن حيث كانت عناصر الجيش الأردني باستقبالهم، كما تم تأمين سيارات إسعاف لهم لنقلهم إلى المستشفيات في الرمثا.

ووفق عدد من اللاجئين السوريين، فإنهم غيروا مسربهم غير مرة للتحايل على أمن الحدود التابعين للنظام السوري، الذين يشددون الرقابة على طول الحدود الواصلة مع الأردن من شرقه وحتى غربه.

وقدم اللاجئون والناشطون السوريون الشكر لأفراد الجيش الأردني الذي يؤمن لهم سيارات إسعاف تقل المصابين بصفوفهم إلى المستشفيات بالسرعة القصوى.

وكان اللاجئون الذين دخلوا إلى الأردن قد اتخذوا عدة أماكن وجهات مختلفة لعبور الحدود البرية بالطريقة غير الشرعية، خوفا من الكمائن التي يرصدها الأمن السوري برفقة قوات من الجيش والحرس الحدودي.

ووفق صاحب سكن البشابشة نضال البشابشة، فقد تم استقبال أكثر من 1300 لاجئ سوري فجر أمس وتأمينهم في خيم بالقرب من السكن، في حين تم نقل أكثر من 250 لاجئا إلى ملعب الأمير هاشم من أجل تمكين المخيم من استيعاب هذه الأعداد.

وأشار إلى أنه تبرع بالسكن بالمجان من أجل إيواء اللاجئين السوريين إلى حين إيجاد حل لمشكلتهم، متوقعا أن يصل فجر أمس المئات من اللاجئين السوريين هربا من الأحداث التي تشهدها سوريا، واضطرار كثير من العائلات السورية للهرب إلى الأردن.

وأوضح أن الغالبية العظمى من النازحين السوريين دخلوا عبر الحدود بين الأردن وسوريا من منطقتي تل شهاب وحدود جابر، إضافة لمناطق أخرى.

وقال إن عدد الموجودين في سكن البشابشة تجاوز 2600 فرد حاليا على الرغم من أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 1200 في أفضل الأحوال، لافتا إلى أن اللاجئين ينتمون لمختلف المناطق السورية في الجنوب والوسط والشمال، وهو ما يشير إلى موجات نزوح جماعية من مختلف المحافظات السورية.

إلى ذلك، أكد مصدر أمني أن متصرفية الرمثا تقوم يوميا بتكفيل أكثر من 200 سوري لتمكينهم من الخروج من سكنات اللجوء والعمل في المدن الأردنية.

وأشار المصدر (الذي فضل عدم ذكر اسمه) إلى أن عملية تسريع في الكفالات تجري من أجل التخفيف من الضغط الذي يواجه الإسكانات الأربعة التي تم تخصيصها للاجئين السوريين، مؤكدا أن التدفق الكبير للسوريين أربك العمل في المتصرفية التي اضطرت إلى تمديد الدوام. وتشرف على سكن البشابشة جهات أمنية، فيما تقوم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وجمعية العون الإنساني وجمعيات خيرية داخل مدينة الرمثا بتقديم الخدمات للاجئين.

وكانت ممثلة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في المفرق، هدى شابسوغ، أشارت في تصريحات صحافية سابقة إلى أن أعداد السوريين اللاجئين الذين سجلوا أسماءهم لدى المفوضية بلغ نحو 26300 لاجئ.

وكشفت المصادر أمنية عن أن نحو 750 ألف سوري دخلوا إلى الأردن منذ اندلاع الأحداث في سوريا منتصف شهر مارس (آذار) 2011، مشيرة إلى أن 450 ألف سوري عادوا إلى بلادهم، بينما غادر 240 ألفا إلى بلاد أخرى، في حين بقي بالمملكة زهاء 110 آلاف لاجئ، عبروا الحدود الفاصلة بين البلدين بشكل شرعي، يضاف إليهم نحو 35 ألفا عبروا إلى الأردن بطريقة غير مشروعة.

يشار إلى أن معظم اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن يقيمون في مدن الرمثا وإربد والمفرق (شمال المملكة).

ويوجد معبران حدوديان بين الأردن وسوريا هما «جابر» من الجانب الأردني و«نصيب» من الجانب السوري، و«الرمثا» من الجانب الأردني، و«درعا» من الجانب السوري.

على صعيد ذات صلة، أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردني سميح المعايطة، أن الأردن يتعامل مع كل اللاجئين المقبلين من سوريا بطريقة واحدة، وعلى أسس عادلة، فيما يتعلق بلجوئهم الإنساني من حيث «توفير المأوى والخدمات» بغض النظر عن جنسية اللاجئ أو الوثيقة التي يحملها.

ولفت المعايطة في تصريح لصحيفة «الغد» الأردنية ردا على تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، الذي اتهم الأردن بـ«التمييز في معاملة اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا»، أن أي زائر لمناطق استقبال اللاجئين، يرى ويشعر بعدم وجود تمييز بين لاجئ سوري وغيره، باعتبار أنه «لاجئ إنساني».

وشدد على أنه «لا ترحيل للاجئين الإنسانيين»، وأن الأردن لا يمارس الترحيل على أساس الجنسية، لكن الدولة لها حقوق، وعندما يوجد لاجئ في دولة، فيجب أن يعامل وفق قوانينها.

وأكد قائلا: «إننا في الأردن، نعرف أن هؤلاء اللاجئين قادمون بسبب ظروف أمنية، والواجب الذي يقدمه الأردن إنساني، فهم لجأوا للمملكة بحثا عن الأمان نتيجة الوضع في سوريا».

وكان تقرير «هيومان رايتس»، ادعى أن السلطات الأردنية أعادت فلسطينيين إلى سوريا بعد فرارهم منها مؤخرا، وأنها «هددت آخرين بالترحيل». كذلك ادعى التقرير أن «السلطات اعتقلت فلسطينيين هاربين من سوريا تعسفيا في مركز للاجئين، من دون أن توفر لهم أي خيارات لإطلاق سراحهم سوى العودة من حيث جاءوا».

وطالب التقرير الحكومة بمعاملة جميع الفلسطينيين الفارين من سوريا بحثا عن اللجوء في الأردن، كمعاملة طالبي اللجوء السوريين الذين يُسمح لهم بـ«البقاء والتنقل بحرية داخل الأردن، بعد أن يخضعوا لاختبار أمني، وبعد عثورهم على ضامن».

وعلى الرغم من إشادة التقرير باستقبال الأردن لعشرات آلاف اللاجئين السوريين، والسماح لهم بالتنقل بحرية، فإنه اعتبر أنه «عامل الفلسطينيين الفارين للأسباب نفسها، وبطريقة مختلفة تماما»، وفقا للباحث جيري سمسون من المنظمة.

وقال سمسون إن «جميع الفارين من سوريا؛ سوريين كانوا أم فلسطينيين، لهم الحق في طلب اللجوء للأردن، والتنقل داخله بحرية، ويجب أن لا يُجبروا على العودة إلى منطقة الحرب».

وأشار التقرير إلى أن الفلسطينيين الوافدين للأردن، جاءوا في الظروف نفسها، التي فر منها السوريون، وهي: العنف وانعدام الأمن في مكان سكناهم، لذلك يجب أن لا يتعرضوا للتهديد بالترحيل إلى المكان الذي قدموا منه.

وقالت «هيومان رايتس» إنه «إذا كانت لدى السلطات الأردنية مخاوف من أن الفلسطينيين الفارين من سوريا يشكلون تهديدا لأمنها الوطني، فيتعين عليها العمل بالقانون الدولي وتقديم تبريرات فردية، تثبت ضرورة كل عملية احتجاز على حدة، بما يتفق مع القانون الأردني، وبما يسمح لخضوعها للمراجعة القضائية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحكم على مجموعة كاملة من الأشخاص على أنهم يشكلون تهديدا ما».

وكان الأردن قد تسلم مستشفى ميدانيا إيطاليا لمواجهة التداعيات الإنسانية للأزمة السورية.