ملف المخاوف من عودة الانفلات الأمني على مكتب الرئيس مرسي

قتلى ومصابون في اشتباكات بالدلتا.. وتصعيد بين المحامين والشرطة بالقاهرة

مظاهرة مؤيدة للمجلس العسكري في مدينة نصر بشرق القاهرة، أول من أمس (أ.ب)
TT

خلال أيام قليلة تفجرت عدة حوادث في مصر أعادت إلى الأذهان حالة الاحتقان التي ظهرت في الفترة الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وقالت مصادر الرئاسة المصرية أمس إن ملفات عن حوادث عنف في عدة مناطق في البلاد تم وضعها على مكتب الرئيس الجديد محمد مرسي، خاصة بعد أن وقع مواطنون ضحايا للعنف بينهم قتلى ومصابون في اشتباكات بالدلتا، إلى جانب ما تشهده محافظتا القاهرة والبحيرة من تصعيد بين المحامين والشرطة بعد تبادل الاتهامات بينهما بشأن اعتداءات داخل أقسام للشرطة.

وبعد ساعات من محاولة الرئيس مرسي التدخل لفك الاشتباك بين المحامين ووزارة الداخلية التي اندلعت قبل يومين بعد اعتداء قوة قسم شرطة أول مدينة نصر (شرق القاهرة) على عدد من المحامين، واصل المحامون اعتصامهم لليوم الثاني أمس أمام القسم، للمطالبة بسرعة محاكمة الضباط جنائيا، في حين وقعت اشتباكات دامية في محافظات مصرية، أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين، تزامن معها تظاهر مسيحيين أمام قصر الرئيس لرفض «الاعتداءات المتكررة على الفتيات غير المحجبات».

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن «حالة الانفلات الأمني في الشوارع أصبحت تحتاج لتدخل شخصي من الرئيس، وإن الكثير من المصريين لم يعد يرضيهم قرارات وسلوكيات السلطات المحلية المسؤولة في التعامل مع الأزمات».

وواصل عشرات المحامين أمس اعتصامهم أمام قسم أول مدينة نصر، لليوم الثاني. وقرر اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، إجراء تحقيقات عاجلة ومحاسبة المتسببين في أحداث مدينة نصر، محددا 48 ساعة للانتهاء من التحقيقات، وناشد الوزير في بيان له، المحامين بالانتظار لحين انتهاء التحقيقات، نظرا لما وصفه بالروابط الوثيقة بين المحامين وهيئة الشرطة.

ووصف سامح عاشور، نقيب المحامين، بيان الداخلية بـ«الجيد»، قائلا: إنه «لأول مرة في التاريخ، استطاع المحامون إسقاط غرور الوزارة»، وأعلن عاشور أن المحامين ومجلس نقابتهم في انتظار نتائج التحقيقات التي تجريها الوزارة والنيابة العامة، ليقرروا الخطوة المقبلة، مشددا على أن موقف النقابة ثابت من الواقعة، ولن تقبل فيها أي قرار سوى محاسبة المعتدين، لافتا إلى أن اعتصام المحامين مستمر لحين تنفيذ مطالبهم. وأوضح أبو العلا مكي، أمين عام نقابة محامي القاهرة، وأحد المصابين في الأحداث لـ«الشرق الأوسط» أن «بيان الداخلية غير مجد»، مشيرا إلى أن المحامين لن يتراجعوا عن موقفهم؛ إلا بمحاكمة الضباط المتهمين. وأضاف مكي أنه سيقوم برفع دعوى قضائية لعزل هؤلاء الضباط، لافتا إلى أنهم تعرضوا لضرب مبرح عندما طلبوا تحرير محضر باعتداء الضباط على زميلهم، وأن لديهم تسجيلا مصورا بالواقعة ليثبت حقيقة ما حدث وإدانة الضباط.

في المقابل، انتقد المقدم محمد نبيل عمر، الأمين العام للنقابة العامة للضباط الشرطة (تحت التأسيس)، أسلوب المحامين التصعيدي بأنه مثل إهانة لهم، مشيرا إلى أن نقابة الضباط ستضطر للرد بنفس الأسلوب. وقال عمر لـ«الشرق الأوسط »: «وجهنا الدعوة للاجتماع مع ائتلاف أمناء وأفراد الشرطة على مستوى محافظات مصر، للرد على إهانة المحامين (لرجال الشرطة)».

وبعد ساعات من حادث مدينة نصر، قالت مصادر حقوقية إن محافظة البحيرة (شمال غربي القاهرة) شهدت اعتداء مماثلا قام به عدد من أمناء الشرطة على محام شاب عقب خروجه من قسم شرطة دمنهور. وقالت المصادر إن سوء تفاهم بين المحامي وعدد من رجال الأمن داخل قسم الشرطة أدى إلى الحادث الذي أصيب فيه المحامون مما فجر الاحتجاجات بين المحامين في المدينة، وقال مصدر أمني إن الشرطة تحقق في الموضوع، وإنها لا تسمح بإهانة المحامين.

وسيطرت أزمة المحامين وضباط الشرطة على إجراءات المحاكمات أمام المحاكم، بعد أن طلب المحامون أمس تعليق الجلسات في عدة محاكم لحين انتهاء الأزمة بين وزارة الداخلية ونقابة المحامين.

وفي الدلتا فرضت قوات مشتركة من الجيش والأمن المركزي حظر التجول أمس على قرية ميت العامل التابعة لمركز أجا في محافظة الدقهلية (شمال القاهرة) بعد اشتباكات بالرصاص الحي وأسطوانات الغاز وقنابل المولوتوف بين عائلتي «عوف والأشقر».

وقال السلطات المحلية إن «الاشتباكات أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة العشرات وتحطيم عدد من المحال والسيارات وإحراق عدد من المنازل». وأشارت إلى أن الاشتباكات بين العائلتين وقعت بسبب خلاف على ماكينة مياه لري الأراضي الزراعية.

وقال محمد عوف، عضو مجلس الشعب المنحل عن دائرة أجا بمحافظة الدقهلية، إن «مجهولين قاموا بإحراق منزله ومنازل أشقائه وأعمامه بسبب قيامه بإبلاغ السلطات المحلية عن مشكلة بين العائلتين». وأضاف عوف لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة بدأت منذ أيام بسبب خلافات على ماكينة ري».

كما شهدت محافظة القليوبية (شمال القاهرة) أمس اشتباكا بين الأهالي والشرطة بالأسلحة النارية والسنج والمطاوي، مما أدى إلى إصابة 5 من أفراد الشرطة، أثناء محاولة أسرة متهم تهريبه أثناء عرضه على النيابة.

ومن ناحية أخرى، تظاهر اتحاد شباب ماسبيرو (الذي يضم نشطاء من حركات قبطية) أمس أمام القصر الرئاسي بمصر الجديدة (شرق القاهرة) للتنديد بما سموه «الاعتداءات المتكررة على الفتيات غير المحجبات». وقال مينا ثابت، عضو مؤسس بالاتحاد لـ«الشرق الأوسط »: «جئنا للتعبير عن استنكارنا لما حدث مع أكثر من فتاة غير محجبة في شوارع مصر، من تهديدات تارة وتحرشات بألفاظ نابية من قبل أشخاص ملتحين، وهو ما يخالف الحريات الشخصية».

وقال الناشط الحقوقي، صفوت جرجس إن «الحالة التي تشهدها مصر الآن تحتاج لتدخل شخصي من الرئيس محمد مرسي، وإن الكثير من المصريين لم يعد يرضيهم تصرفات السلطات المحلية»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس أصبح مضطرا للتدخل في حل أمور عادية في الشارع نتيجة عدم ثقة المواطن في الحكومة والفوضى الأمنية».