واشنطن: الخطوة القادمة بعد اجتماع باريس هي مجلس الأمن

الصين ترفض انتقادات كلينتون.. وأنان يؤكد أن إيران «جزء من الحل»

سوريون يتظاهرون ضد نظام الرئيس بشار الأسد في باريس أمس (أ.ب)
TT

قال مصدر في الخارجية الأميركية أمس إن الخطوة التالية بعد مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس هي مجلس الأمن، وذلك لإصدار قرارات اعتمادا على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بمعاقبة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وعن الأنباء التي أشارت إلى أن كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، سيقدم استقالته بعد أن غاب عن مؤتمر باريس، قال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يتوقع استقالة أنان.

وأشار المصدر إلى أن أنان كان انتقد كلا من الولايات المتحدة وروسيا بأنهما تضعان مصالحهما واستراتيجياتهما الدولية فوق حل سريع في سوريا، وقال إن هناك اتصالات بين الخارجية الأميركية وأنان حول نقل الموضوع مرة أخرى إلى مجلس الأمن، وأن أنان سيكون «رأس الحربة» عندما يحدث ذلك، موضحا أن أنان سيقدم تقريرا متكاملا عما وصلت إليه التطورات في سوريا.

وكان أنان قد قال لصحيفة «لوموند» الفرنسية أمس إن «الجهود التي تبذل في سوريا لإيجاد حل سياسي، قد فشلت حتى الآن»، و«الدلائل تشير إلى أننا لم ننجح»، مؤكدا أنه ينبغي توجيه مزيد من الاهتمام نحو الدور الإيراني في حل الأزمة. وأكد أنان أن دور روسيا محوري كحليف ومورد للسلاح إلى سوريا، لكنه أكد أن إيران أيضا «لاعب»، وأنها «يجب أن تكون جزءا من الحل»، كما يقول التقرير الذي نقلته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية عن الصحيفة الفرنسية.

وقال أنان: «هذه الأزمة مستمرة منذ 16 شهرا، لكن تدخلي بدأ قبل 3 أشهر. تم بذل جهود كبرى لمحاولة إيجاد حل لهذا الوضع بالسبل السلمية والسياسية. من الواضح أننا لم ننجح. وقد لا تكون هناك أي ضمانة بأننا سوف ننجح».

وتابع: «لكن هل قمنا بدرس حلول بديلة؟ هل طرحنا الخيارات الأخرى على الطاولة؟ هذا ما قلته لمجلس الأمن الدولي»، مشيرا إلى أن «هذه المهمة ليست مفتوحة زمنيا، مثل دوري أنا».

ورغم أن المصدر الدبلوماسي الأميركي الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» لم ينتقد أنان، فإنه قال إن الولايات المتحدة لا تتحمل مسؤولية العراقيل أمام حل الوضع في سوريا، وإن روسيا هي التي تتحملها، موضحا أن «أنان يستطيع أن يذهب إلى روسيا ويقول للروس إنهم هم المسؤولون.. أو أن يعقد مؤتمرا صحافيا في جنيف أو في الأمم المتحدة في نيويورك، ويقول فيه ذلك». وأضاف المصدر أن «أنان - في نهاية المطاف - دبلوماسي دولي متمرس، ويمكن الاعتقاد بأنه لا يزال يأمل في حل سلمي وسريع لمشكلة سوريا. ولهذا، يعرف أن استقالته ستعقد الوضع أكثر»، مشيرا إلى أن أنان يريد مرحلة انتقالية سريعة وسهلة، وهذا جزء أساسي من خطته، وأن غيابه أو استقالته لن تلغي خطته، وهو ما يجعله يستبعد أن يغيب أنان بينما يعمل المجتمع الدولي على تنفيذ خطته، خاصة بعد أن وافق مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة على الاستمرار في محاولة تنفيذ الخطة.

وأشار المصدر إلى تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، أول من أمس في باريس، بأن روسيا والصين تتحملان مسؤولية عرقلة مجلس الأمن حتى لا يتخذ قرارات حاسمة حول سوريا. وقال إن «هذه التصريحات جزء من خطة أميركية وضعت مسبقا، بأن الخطوة التالية بعد مؤتمر باريس هي الانتقال إلى مجلس الأمن».

لكن الصين رفضت من جانبها هذه الاتهامات أمس، وبخاصة جزئية أنه ينبغي «التوضيح لروسيا والصين أنهما ستدفعان ثمن مساعدته (الأسد) على الاحتفاظ بالسلطة». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو وي مين إن تصريحات كلينتون «غير مقبولة بالمرة». وأضاف مين في بيان نشر على موقع الوزارة الإلكتروني «في ما يتعلق بمشكلة سوريا.. نال موقف الصين العادل والبناء، ومساهماتها على صعيد الجهود الدبلوماسية، تفهما واسعا وتأييدا من الأطراف المعنية في المجتمع الدولي. وأي كلمات أو أفعال تشوه صورة الصين وتزرع الخلاف بين الصين ودول أخرى ستذهب هباء».

كما ردت روسيا على تلك الانتقادات أول من أمس، وقالت إن تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية «غير صائبة».

وفي سياق ذي صلة، دعت الخارجية الأميركية مزيدا من العسكريين والمسؤولين في نظام الأسد إلى ترك النظام، وذلك على ضوء هروب العميد مناف طلاس من الجيش السوري الحكومي. وقال باتريك فينتريل، المتحدث باسم الخارجية الأميركية «نحن نرحب بالذين تمردوا، ونعتبرهم شجعانا في معارضة الأعمال البشعة التي يقوم بها نظام الأسد».

وردا على سؤال، خلال المؤتمر الصحافي اليومي، حول «كيف يكون شجاعا من اشترك لخمسة عشرة شهرا في قتل الشعب السوري؟»، قال فينتريل: «من الصعب أن نعرف أين يقف كل واحد من هؤلاء الأفراد الذين تمردوا، وأي موقع كانوا فيه خلال هذه الفترة.. لكن، الشيء الأكثر أهمية هو أنهم انسحبوا من هذا النظام القاتل. ومع مرور الوقت، سنرى المزيد من الأشخاص ينسحبون، ونحن نعرف أن مثل هذه القرارات الشخصية ليست قرارات سهلة.. فهناك شواغل عائلية، والموضوع معقد بالنسبة لكل فرد. لكننا، من جانبنا، نشجع استمرار المزيد من الانسحابات».

وقال فينتريل إن التكنوقراطيين في نظام الأسد، إذا انسحبوا «يمكن أن يشاركوا في المرحلة انتقالية»، وأضاف «نتوقع تزايد عمليات الفرار.. لكن، أنا لا أملك كرة بلورية، ولا أستطيع التكهن حول ما ستكون عليه الأرقام غدا، أو بعد غد»، وذلك ردا على سؤال حول توقعاته بانشقاق مزيد من «المسؤولين الكبار» في النظام السوري.

وتعليقا على تصريحات نسبت إلى الأسد في صحيفة تركية بأنه ربما يتنازل عن السلطة إذا طلب الشعب السوري ذلك، قال فينتريل «ظل موقفنا منذ وقت طويل هو أهمية التنحي، لكن الأفعال أهم من الأقوال. بطبيعة الحال، نحن نرحب بهذه التصريحات، ونريد أن نراها وقد صارت واقعا. على أي حال، صار واضحا أن الأسد فقد شرعيته، وخسر احترام الناس، وخسر تأييد الشعب له. وصار هذا واضحا جدا بالنسبة لنا».

وحول دور أنان، لم يتطرق فينتريل إلى أنباء احتمال استقالته، وقال «لدينا خطة انتقالية. ونعتقد أنه من المهم جدا أن نستمر في العمل حسب الخطة. ونحن ننسق ذلك مع شركائنا، ومع كوفي. نحن نعتقد أنه من المهم جدا أن تكون هناك خطة انتقالية مكتوبة ومنسقة ومؤرخة».

وقال فينتريل إن روبرت فورد، سفير الولايات المتحدة لدى سوريا، الذي ترك منصبه ويعمل من رئاسة الخارجية وكان مراقبا في مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة، يعمل «في هذه الجهود التنسيقية»، وإن «هناك بوادر مشجعة للغاية». وأشاد بجهود المعارضة السورية لتوحيد صفوفها «بمن في ذلك الأكراد، وزعماء القبائل، والمسيحيون، والعلويون».

وقال فينتريل إن الحكومة الأميركية، التي ظلت «لفترة طويلة» تدعو المعارضة لتوحيد صفوفها، ترى الآن أن المعارضة «للمرة الأولى، وافقت على إقامة دولة ديمقراطية يحكمها دستور جديد يحترم حقوق الإنسان للشعب السوري». وأضاف «نعرف أن بعض تقارير وسائل الإعلام أشارت إلى مشاجرات على هامش مؤتمر المعارضة.. لكن، الموضوع الأهم هو أن ما حدث وراء الأبواب المغلقة كان تطورا إيجابيا جدا».