رسالة من طالباني إلى خصوم المالكي تؤكد تعهده بسحب الثقة إذا انضموا للحوار الوطني

«الشرق الأوسط» تنشر نصها

TT

تكشف رسالة وجهها الرئيس العراقي، جلال طالباني، إلى قادة الكتل السياسية المعارضة لرئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، المعروفين بأطراف اجتماعات أربيل - النجف، أن طالباني تعهد أمام هؤلاء القادة بالانضمام إلى صفهم لسحب الثقة من المالكي، في حال وافقوا على المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه، وفقا لمبادرته المعروفة بالنقاط الثماني للخروج من الأزمة السياسية الحالية.

ويؤكد طالباني في رسالته التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة مصورة منها أنه «إذا رفض التحالف الوطني الاتفاقات السابقة والطلبات المشروعة الأخرى المقدمة من قادة الكتل الثلاث، عندها سيعمل على سحب الثقة من المالكي دون الحاجة إلى تواقيع نواب البرلمان العراقي».

ويجيز الدستور العراقي لرئيس الجمهورية أن يدعو إلى طرح مسألة سحب الثقة من رئيس الوزراء على البرلمان العراقي، في حال استدعت الضرورة ذلك.

وبين الرئيس طالباني موقفه الصريح من الأزمة السياسية التي أكد حياديته كرئيس للجمهورية في التعامل معها، مشيرا إلى أن «التركيز كان على ضرورة تنفيذ الاتفاقات السابقة والمطالب الجديدة للإصلاحات والشراكة وعدم الإنفراد بالحكم، ولكن الذي حدث هو تحويل الموضوع برمته إلى سحب الثقة». وفيما يلي نص الرسالة التي مهرها الرئيس طالباني بتوقيعه وبعثها إلى قادة الأطراف الثلاثة، وهم «التحالف الكردستاني والقائمة العراقية والتيار الصدري»: «تسلمت شاكرا رسالتكم المؤرخة (أربيل - 10/ 6/ 2012) وأرى من الواجب أن أجيب عليها بكل صراحة، راجيا سعة صدركم وأستميحكم عذرا لما لا يرضيكم منها: إن رسالتكم تتضمن سوء فهم وعدم الدقة في سرد المواقف.

أولا: موضوع سحب الثقة من رئيس الوزراء:

ورد موضوع سحب الثقة من رئيس الوزراء في اللقاء التشاوري، الذي انعقد في أربيل. فكان موقفي الواضح هو أنني محايد في الاجتماع، بحكم كوني رئيسا للجمهورية، لذلك لم أوقع الورقة التي هيأها الأستاذ فخري كريم، ولم أسمح لرفاقنا القياديين الموجودين بالتوقيع عليها. ولكني، والحق يقال، قلت في معرض التعليق على اعتبار سحب الثقة ورقة ضغط وتخويف: إذا رفض التحالف الوطني أو رئيس الوزراء الالتزام بالمبادئ والأطر الواردة والاتفاقات السابقة فسأطلب من مجلس النواب سحب الثقة. ولا شك أنكم تتذكرون أن التركيز كان على ضرورة تنفيذ الاتفاقات السابقة والمطالب الجديدة للإصلاحات والشراكة وعدم الانفراد بالحكم. ولكن الذي حدث هو أنكم حولتم الموضوع برمته إلى سحب الثقة. علما بأن التحالف الوطني أبلغوني رسميا، كما أكد رئيس الوزراء أيضا استعدادهم لاحترام وتنفيذ الاتفاقات السابقة، والنظر بعين الاحترام والاعتبار لجميع الفقرات الواردة من الرسالة، ما عدا فقرة سحب الثقة.

وعلى أثر ذلك، وجهت نداء بالدعوة إلى الحوار الجاد الذي رفض من قبلكم. كما سبق للعراقية مقاطعة اجتماعات اللجنة التحضيرية التي هيأ أجندة حوارها الدكتور روز نوري شاويس، باسم التحالف الكردستاني، وبذلك حصرتم الموضوع في نقطة واحدة، هي سحب الثقة.

لذلك فليس صحيحا ما تفضلتم بكتابته (فإن فخامتكم التزمتم بوضوح، حتى في آخر لقاء عقد بدوكان، أنكم ستوجهون رسالة سحب الثقة إذا ما توافر العدد المنصوص عليه من تواقيع النواب، والبالغة 164 نائبا).

أما في اجتماع دوكان فقد كنت واضحا معكم وقبلكم مع الأخ مسعود البارزاني والأخ نيجيرفان البارزاني بأنني لن أستعمل صلاحياتي في الدعوة إلى سحب الثقة معلنا استعدادي لإرسال الرسائل التي يرسلها النواب المحترمون حول سحب الثقة إلى البرلمان. وهذا ما فعلته إذ وقعت النص المقترح من قبل الأخ الرئيس البارزاني لإرسال رسالتي إلى البرلمان داعيا إلى جلسة استثنائية وتاركا الحرية للنواب الكرام باتخاذ القرار اللازم وفق الدستور.

ثانيا: العدد المرسل إلي:

ليس صحيحا ما ورد في رسالتكم أنكم أرسلتم (تواقيع النواب البالغ عددهم 164 نائبا) بل إن الرسائل التي سلمني إياها الأخ آزاد برواري كانت تحمل توقيع (160) مائة وستين نائبا. وعندما أعلن خبر تشكيل لجنة رئاسية للتدقيق في التواقيع انهالت علينا برقيات وتليفونات من نواب يطلبون حذف تواقيعهم. فقامت اللجنة الرئاسية بإدارة الأستاذ نزار محمد سعيد، مدير مكتب الرئيس، مع زملائه بالتحقيق والتدقيق، فتبين بعد المكالمات التلفونية مع النواب أن هناك 12 نائبا يطلبون سحب التواقيع واثنين يطلبان تجميد توقيعيهما. وبعد ذلك اتصلت نائبة دكتورة مدعية أن توقيعها معروف لكثيرين بحكم كونها طبيبة لذلك تطالب شطب ما ادعي أنه توقيعها.

فإذا جمعنا وطرحنا نجد أن هناك (145) مائة وخمسة وأربعين توقيعا صحيحا، سلمت رسائلها إلينا. ونحن أضفنا توقيع (11) نائبا من الاتحاد الوطني الكردستاني فبلغ العدد (156) توقيعا فقط. ويؤسفني أنني لا أستطيع الارتكاز على قناعاتكم المستقبلية لأنها ستتأكد عند انعقاد البرلمان وإجراء التصويت.

ثالثا: ملاحظات أخرى:

1 - لو كنا راغبين في إفشال مشروع سحب الثقة لما أضفنا تواقيع نواب الاتحاد الوطني الكردستاني.

2 - طيلة فترة رئاستي لم يتمكن أحد من اتهامي بالانحياز، إلا إلى العراقية والكتل المنضوية تحت لوائها، كما يشهد بذلك السيدان عادل (عبد المهدي) وطارق (الهاشمي)، اللذان سمعا من دولة رئيس الوزراء الاتهام لي بالانحياز إلى الحزب الإسلامي. كما يشهد بذلك وقوفي ضد الاجتثاث للأساتذة صالح مطلك وعدنان الجنابي واسكندر وتوت الذين أصبحوا نوابا بعد تدخلاتي المتكررة.

3 - هناك نقاط أخرى في رسالتكم لا أريد الرد عليها الآن، ولكني أرجوكم منع الناطقين باسمكم أو الصحف القريبة منكم عن الاستفزاز والإهانة حينما يزعمون بأنني أنفذ الأوامر الإيرانية سابقا ولاحقا. أرجو علمكم بأنني أملك الرد المفحم الذي أترفع عنه الآن.

والآن فإنني أجدد الدعوة إلى الاجتماع الوطني الذي سبق وأن اتفقنا عليه مع التحالف الوطني مع الوعد المكتوب مني بأنني سأقف معكم إذا رفضوا الاتفاقات السابقة وطلباتكم المشروعة الأخرى، وأرجو سحب الثقة حينئذ من دولة رئيس الوزراء وحدي دون الحاجة إلى تواقيع النواب.

رابعا: أسباب رفض سحب الثقة:

لقد آن الأوان لأصارحكم بالأسباب الحقيقية التي تدفعني إلى رفض تقديم طلب سحب الثقة، والتي ليس بينها أبدا سبب الدفاع عن الأستاذ المالكي أو تزكية جميع فعالياته.

1 - رئاسة الوزراء من نصيب الأكثرية العربية الشيعية الممثلة بالتحالف الوطني. فلا يجوز القفز عليها بطلب سحب الثقة، بل يجب بذل الجهود معها لإقناعها بتبديل ممثلها لرئاسة الوزراء.

2 - إنني لم ولن أقف ضد الأكثرية الشيعية ومطالبها واستحقاقاتها ومع كل الاحترام للتيار الصدري فهم لا يمثلون إلا ربع عدد نواب الشيعة في البرلمان.

3 - إن التحالف الوطني أبلغني استعداده التام لتنفيذ الاتفاقات والأخذ بنظر الاعتبار والاحترام أوراق أربيل الأولى والثانية.

4 - إن الرئيس يجب أن يظل محايدا وراعيا للاجتماع الوطني ولم الشمل وتوحيد الصف، هذا هو دوره الذي سيفقده إذا وقف مع طرف ضد طرف آخر. لذلك فإني إذا أجبرتني الظروف على مخالفتي قناعاتي المبدئية هذه فسأقدم الاستقالة من رئاسة الجمهورية وأعود أمينا عاما فقط للأوك (الاتحاد الوطني الكردستاني)لأمارس حريتي الكاملة.

وتقبلوا احتراماتي الفائقة».