مؤتمر طوكيو: 16 مليار دولار لأفغانستان بحلول 2015

المساعدة المالية تأتي استعدادا لانسحاب «الناتو».. وكلينتون: مستقبل كابل في يد شعبها

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تصافح الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمام وزير الخارجية الياباني كويشيرو قبل الجلسة الافتتاحية لمؤتمر طوكيو حول أفغانستان في طوكيو أمس (أ.ب)
TT

قررت أكثر من 80 دولة ومنظمة دولية أمس خلال اجتماع في طوكيو لدعم أفغانستان، منحها مساعدة مدنية بقيمة إجمالية قدرها 16 مليار دولار بحلول عام 2015، والاستمرار في تمويلها حتى 2017 على الأقل.

وقال المشاركون في «إعلان طوكيو» الذي تم تبنيه في ختام مؤتمر دام يوما واحدا إنه «في العقد الأول من التغيير (2015 - 2024) تعهدت الأسرة الدولية بمنح أكثر من 16 مليار دولار بحلول 2015، والاستمرار في تقديم الدعم حتى 2017 بمستوى مماثل أو قريب من المساعدات التي خصصت في العقد الماضي لأفغانستان»؛ ففي 2016 و2017 ستتلقى أفغانستان مساعدة سنوية قريبة من معدل الأموال التي تتلقاها كل سنة، منذ سقوط نظام طالبان في نهاية 2001، ومن شأن هذه الأموال المدنية أن تسمح لأفغانستان بأن تتحمل بشكل أفضل الصعوبات الناجمة عن انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي، المقرر في نهاية 2014، يضاف إلى ذلك 4.1 مليار دولار سنويا وعد بتقديمها للشق الأمني خلال مؤتمر سابق عقد في شيكاغو.

وترافقت هذه التعهدات الجديدة بشروط صارمة على الأفغان، احترمت خلال تنظيم انتخابات شفافة وديمقراطية في 2014، فضلا عن تقديم ضمانات باحترام حقوق الإنسان والمرأة ومكافحة الفساد المتأصل في إداراتها.

وأضافت الأطراف في البيان: «للتحقق من التقدم المحرز قررت الحكومة الأفغانية والأسرة الدولية وضع آلية متابعة لتقييم احترام التعهدات المتبادلة؛ ولهذه الغاية ستنظم اجتماعات متابعة على مستوى وزاري كل عامين».

وأنفقت عشرات مليارات الدولارات من المساعدة المدنية منذ 10 سنوات لدعم أفغانستان التي ما زالت تواجه تمرد حركة طالبان، وتريد الجهات المانحة تفادي انهيار الاقتصاد، الهش أصلا، في أفغانستان لدى انسحاب قوات الحلف الأطلسي وتسليم المهمة الأمنية للأفغان، بسبب عدم توفر الأموال من الخارج، مما قد يزعزع النظام القائم.

وجاء في البيان: «جدد المشاركون تصميمهم على محاربة الإرهاب والتطرف بأشكاله، وعدم السماح بتحول أفغانستان مجددا إلى معقل للإرهاب الدولي». فقد نفذت اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، عندما كان أسامة بن لادن في أفغانستان، حيث كانت حركة طالبان الحاكمة آنذاك تستضيفه.

إلى ذلك، أكدت هيلاري كلينتون في طوكيو أن مستقبل أفغانستان في يد شعبها، وذلك خلال مؤتمر دولي حول المساعدة المطلوبة لهذا البلد بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي، وقالت: «نعلم جميعا أن أمن أفغانستان لن يقاس فقط بغياب النزاع، بل سيقاس أيضا بوجود وظائف وفرص اقتصادية».

وأشارت كلينتون إلى أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ستطلب من الكونغرس الموافقة على الإبقاء على المساعدة المدنية الأميركية لأفغانستان عند المستوى الحالي أو مستوى قريب منه حتى عام 2017.

وأضافت: «علينا المشاركة في التزاماتنا بهدف توفير مستقبل على قدر تضحية الشعب الأفغاني وكثير من البلدان الممثلة حول هذه الطاولة. المستقبل سيكون ما سيتمناه الشعب الأفغاني، وعلينا التأكد من بذل قصارى جهدنا كي يتحقق ذلك».

وتابعت: «من البديهي أن مستقبل أفغانستان في يد حكومتها وشعبها، وأرحب بسعادة بالرؤية الواضحة المقدمة من الرئيس كرزاي والحكومة الأفغانية اليوم».

إلا أن الوزيرة الأميركية وجهت نداء إلى القادة الأفغان يتناول دور النساء بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي من البلاد. وأكدت كلينتون أن «الولايات المتحدة مقتنعة بأنه من غير الممكن لأي أمة أن تصل إلى السلام والاستقرار والنمو الاقتصادي إذا كان نصف شعبها محروما من حقوقه». وشددت على أن «جميع المواطنين يجب أن يحظوا بفرصة الاستفادة من التقدم في أفغانستان والمساهمة فيها؛ فالولايات المتحدة ستواصل الوقوف بحزم إلى جانب نساء أفغانستان».

ومن جهة أخرى، أعلنت هيلاري كلينتون خلال لقاء مع نظيرتها الباكستانية هينا رباني خار، أن الولايات المتحدة وباكستان طوتا صفحة خلافاتهما للتركيز على المستقبل.

وهذا اللقاء الثنائي الذي عقد في طوكيو على هامش مؤتمر دولي حول المساعدة لأفغانستان، هو الأول منذ أن أبرم البلدان، الأسبوع الماضي، اتفاقا حول إعادة فتح باكستان طرق الإمدادات لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، التي أغلقت إثر قصف للأطلسي أسفر عن مقتل 24 جنديا باكستانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وإغلاق هذه الطرق أرغم الحلفاء على استخدام طرق أطول وأكثر تكلفة باتجاه الشمال. وصرحت كلينتون للصحافيين بأنها «أجرت مباحثات مطولة» مع نظيرتها الباكستانية.

وقالت: «نشعر بارتياح لأننا نجحنا في وضع خلافاتنا وراءنا للتركيز على التحديات الكثيرة التي سنواجهها».

وكان هذا الخطأ ساهم في تسميم العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد، التي توترت أصلا بسبب العملية الأميركية التي أدت إلى مقتل أسامة بن لادن في باكستان في مايو (أيار) 2011.

وقالت كلينتون إن البلدين ينويان الإفادة من «الدفع الإيجابي»، إثر توقيع الاتفاق الأسبوع الماضي، للمضي قدما. ومباحثات كلينتون مع خار تركزت أساسا على ضرورة القضاء على الشبكات الإرهابية التي تهدد استقرار باكستان وأفغانستان، وعلى جهود المصالحة بين الأفغان.

وأضافت كلينتون: «كما تطرقنا إلى الدعم الاقتصادي، تحدثنا أيضا عن الرغبة في التقدم نحو مزيد من التجارة، بدلا من المساعدة في علاقاتنا الاقتصادية»، لكنها حذرت من أن هذه العلاقة «المهمة والمفيدة» ستمر أحيانا بصعوبات. وأضافت: «ليس لدي أي سبب يدفعني إلى الاعتقاد بأننا لن نواجه مسائل صعبة، لكني أعتقد أن ذلك من مصلحة الولايات المتحدة وباكستان».

وفي إطار اتفاق إعادة فتح طرق الإمدادات وافقت الولايات المتحدة على تخصيص 1.1 مليار دولار للجيش الباكستاني؛ وتأتي هذه الأموال من «صندوق خاص لدعم التحالف» حتى تسدد لباكستان النفقات التي تتحملها في عمليات مكافحة أنشطة المتمردين، وكانت جمدت بسبب النقاشات المتوترة بين واشنطن وإسلام آباد حول إعادة فتح طرق الإمدادات.