أنان يصل دمشق.. وبان كي مون يلوح بقرار دولي إذا لم تحترم الخطة

كلينتون: الوقت أصبح ضيقا أمام النظام السوري.. ويتعين وقف العنف لتجنب كارثة

المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان الى سوريا مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد في دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد إعلانه أول من أمس عن فشل مهمته، يقوم المبعوث العربي - الدولي كوفي أنان إلى سوريا بزيارة إلى دمشق، في محاولة، ربما تكون الأخيرة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد تردي الأوضاع الداخلية إلى الدرجة التي دفعت كلا من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إلى التحذير - المتزامن - من أن العنف الذي يجتاح سوريا اتخذ منحى أسوأ، ويتجه إلى اكتساب طابع طائفي، كما أنه قد يؤدي إلى «وضع كارثي».

وأشارت وكالة «رويترز» الإخبارية أمس إلى أن شاهد عيان قال إن أنان وصل إلى دمشق عصر أمس، وشوهد مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، متوجها إلى فندق في العاصمة، حيث يقيم أعضاء بعثة المراقبين التابعين للأمم المتحدة، منذ تعليق دورياتهم بسبب تصاعد حدة أعمال العنف في البلاد.

كما أعلن المتحدث باسم أنان، أحمد فوزي، في بيان وزع على وسائل الإعلام أن «الموفد الخاص المشترك وصل إلى دمشق هذا المساء (أمس) لإجراء محادثات مع الرئيس بشار الأسد»، من دون تفاصيل إضافية. وهذه هي الزيارة الثالثة لأنان في إطار مهمته مبعوثا خاصا إلى سوريا، وكانت الزيارة السابقة في 29 مايو (أيار) الماضي.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية، جهاد مقدسي، قد قال لوكالة الصحافة الفرنسية صباح أمس: «من المؤكد أن السيد أنان سيزور دمشق غدا (قبل الإعلان لاحقا عن وصوله أمس). والزيارة تأتي في إطار مهمته، والنقاش مع القيادة السورية للبحث في موضوع خطة النقاط الست».

يأتي ذلك، بينما قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، للصحافيين أمس، على هامش مؤتمر دولي حول أفغانستان بطوكيو: «يجب أن يكون واضحا أن الأيام أصبحت معدودة بالنسبة للذين يساندون نظام الرئيس السوري بشار الأسد»، لكنها اعترفت بأن ثمة صعوبات تواجه الجهود التي يبذلها أنان لوضع حد للقمع الوحشي للمعارضة في سوريا.

وكان أنان نفسه اعترف بفشل مهمته في لقاء مع صحيفة «لوموند» الفرنسية أول من أمس، حيث قال: «هذه الأزمة اندلعت منذ 16 شهرا، لكني بدأت التعامل معها منذ ثلاثة أشهر، وتم بذل جهود كبيرة لمحاولة حل هذه المشكلة بالطرق السلمية والسياسية»، وتابع: «من الواضح أننا لم ننجح.. ويمكن أن لا تكون هناك أي ضمانات بأننا سننجح».

وأشارت كلينتون إلى أن «ما قاله أنان يجب أن يجعل الجميع ينتبهون إلى أنه يعترف بأنه لم يتم أي تحرك من قبل النظام السوري؛ لاحترام اتفاق النقاط الست»، وأضافت: «ما إن يتم وضع حد للعنف، والشروع في مرحلة انتقالية سياسية، لن يكون هناك عدد أقل من القتلى فحسب؛ بل ستكون هناك فرصة لتجنيب الأمة السورية اعتداء كارثيا يكون خطرا على البلد والمنطقة أيضا».

وطالبت كلينتون الجمعة في اجتماع أصدقاء سوريا بباريس بإصدار قرار أممي حول الانتقال السياسي في سوريا، مصحوبا بالتهديد بعقوبات.. وذلك قبل أن تقول أمس إنه «لا يوجد أدنى شك أن المعارضة أصبحت أكثر فعالية في دفاعها، وهي تواصل هجومها». كما ذكرت أن الانشقاقات في أعلى مستوياتها بالنظام السوري، محذرة الرئيس الأسد من أن «الرمل يتناقص في الساعة الرملية».

في غضون ذلك، حمل الرئيس السوري بشار الأسد الولايات المتحدة المسؤولية عن الهجمات التي يشنها المعارضون في بلاده. وأشارت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إلى أن الأسد قال في مقابلة مع القناة الأولى بالتلفزيون الألماني (إيه آر دي) - كان من المقرر أن تذاع مساء أمس بعد مثول الجريدة للطبع - إنه «ما دامت (الولايات المتحدة) تقدم الدعم بطريقة أو بأخرى (للإرهابيين)؛ فإنها تعد بذلك شريكا لهم».

وأشار الرئيس السوري خلال الحديث الذي أجراه معه الكاتب والمفكر الألماني يورغن تودنهوفر لبرنامج «فيلت شبيغل» (مرآة العالم)، ومدته نحو 20 دقيقة، إلى أن هذه المساعدات تمثلت في تقديم السلاح والأموال، وكذا الدعم السياسي داخل منظمة الأمم المتحدة.

وأعرب الأسد عن رفضه دعاوى التنحي الموجهة إليه، قائلا إنه ينبغي على الرئيس أن لا يهرب من التحديات الوطنية، مؤكدا أن السوريين في اللحظة الراهنة يواجهون تحديا وطنيا، مضيفا أنه ليس بوسع الرئيس الانسحاب من مواجهة مثل هذا الموقف.

وأشارت الوكالة إلى أن هذه المقابلة تم تسجيلها بمقر ضيافة الأسد بالعاصمة دمشق في 5 يوليو (تموز) الحالي، موضحة أن تودنهوفر، النائب الأسبق في البرلمان (بوندستاغ) عن حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، كان قد قدم طلبا قبل ثمانية أشهر لإجراء حديث مع الأسد، ولكنه لم يتلق موافقة من الجانب السوري إلا مؤخرا.

وفي رؤية موازية للأحداث، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، من أن العنف الذي يجتاح سوريا اتخذ منحى أسوأ، ويتجه إلى اكتساب طابع طائفي. وقال مون للصحافيين على هامش مؤتمر طوكيو: «تدهور الوضع بدرجة كبيرة، واكتسب طابعا عسكريا متزايدا. لا تزال انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان تحدث. القتل والعنف اكتسبا طابعا طائفيا مثيرا للقلق الشديد».

وفي ما اعتبره البعض إشارة ذات دلالة على قرارات مستقبلية، أو على تحرك دولي عبر مجلس الأمن، قال مون: «يجب على حكومة سوريا وجميع الأطراف الالتزام من جديد بخطة النقاط الست بالكامل. إذا استمرت الأطراف في الاستهانة بقرارات مجلس الأمن الدولي، فسيكون على المجلس القيام بالتحرك الجماعي اللازم ».