داعية سوري يفتي بوجوب انشقاق الضباط عن الجيش النظامي.. «حتى لو تعرضوا للقتل»

حبش لـ«الشرق الأوسط»: النظام انتهى.. وهو مسؤول عن أكثر من مليون عائلة منكوبة

الداعية السوري محمد حبش
TT

دعا عضو مجلس الشعب السوري السابق والداعية الإسلامي محمد حبش الضباط في الجيش السوري للانشقاق عن النظام السوري والهروب منه «لأن هذا الجيش تحول لقتل الشعب».. معلنا أنه يفتي بانشقاق الضباط والعناصر عن الجيش السوري النظامي وترك السلاح والهروب إلى مكان آمن على الأقل، ومعتبرا أن النظام السوري قد انتهى ولم يعد يمتلك المشروعية لحكم سوريا.

وجدد حبش دعوته للرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي عن الحكم على غرار ما حدث في اليمن، مؤكدا أن النظام «مسؤول عن أكثر من مليون عائلة منكوبة في سوريا، بيوت مهدمة، أبناء مقتولون، مهجرون.. لذلك من غير المعقول أن يستمر النظام».

ورغم مرور نحو شهر واحد فقط على خروجه من سوريا، قال حبش لـ«الشرق الأوسط» «أنا أفتي بوجوب انشقاق الضباط في الجيش السوري عن النظام»، معتبرا أن «ذلك لا يعني بالضرورة أن يحملوا السلاح ويواجهوا به قوات النظام.. عليهم ترك السلاح والالتجاء إلى مكان آمن على الأقل».

ويعتبر محمد حبش أن «انشقاقات جديدة وكبيرة في الجيش قادرة على أن تغير حسابات القوى»، مؤكدا أن لديه «موقفا واضحا وللإنسان الحق في التمرد على الحرب الظالمة، ولا يجوز أن تشارك في حرب لا تؤمن بها.. ولا يجوز لأحد أن يقود الناس إلى حرب لا يؤمنون بها، أنا أعتقد أن 90 في المائة من جنود جيشنا وضباطه لا يؤمنون بهذه الحرب وضدها».

وحول طبيعة دعوته للانشقاق، قال حبش: «هذا موقف شرعي، فعندما تجبر على القتل فهذا لا يجوز.. كل من يؤمر بمعصية يجب أن يتمرد. ليس بالضرورة أن يغير اتجاه البندقية، يكفي أن يعلن أنه خارج هذا العنف.. فأنا لا أستطيع أن أغير مبادئي، أنا ضد العنف». معتبرا أن «كل من يؤمر بقتل المدنيين يجب أن ينشق ولو قتل.. وهذا واجبه الديني والشرعي والوطني والأخلاقي».

وأوضح حبش أنه لا يؤيد عسكرة الثورة، قائلا: «كنت أتمناها أن تبقى سلمية، أما أنا فلو كنت في الجيش لتركته، ولو كان عندي ابن ما أرسلته.. فالتمرد على الجيش في هذه الأحوال أمر طبيعي».

ويرى حبش أن معظم من يحملون السلاح لا يريدون ذلك، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام ضرورة حمله. لافتا إلى أنه - من الباب الشرعي - من حق الناس أن تحمل السلاح من باب حكم أن «من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد»، مستطردا بالقول: «لكن في الوقت نفسه أي تجاوزات من قبل الثوار يجب أن نشير إليها، فلا يجوز القتل من باب (الظنة) لمن يعرفون العواينية».

ويذهب حبش للقول إلى أنه لا يجوز للإنسان أن يشارك في الجيش السوري، «ويجب على كل من كان في الجيش الآن أن يغادر هذا الجيش لأنه يؤمر الآن بالقتال في المكان الخطأ.. أنا أتألم على كل شهيد لأنه يقتل في المكان الخطأ، هناك 2000 شهيد في الجيش كان يجب - إن كان لا بد - أن يموتوا في الجولان؛ وليس في حمص وباب الدريب وفي الحولة وجسر الشغور بفعل النظام».

ويؤكد حبش أنه يحرم شرعا طاعة أي شخص في قتل الناس. ويضيف: «أنا أفتي بوضوح بالانشقاق عن الجيش، بمعنى الانسحاب، لأن ذلك سيفقد هذا الجيش القدرة على قصف المدن».

ويؤكد حبش أنه لم يكن قريبا يوما من النظام، «ولم أكن موظفا عند هذا النظام لا في الماضي ولا في الحاضر.. وعندما قمنا بتشكيل التيار الثالث في بدايات الأزمة، قال لي بشار الأسد شخصيا في إحدى المناسبات: أنت شخص غير منضبط. وبعد ذلك تعرضت للاعتداء من قبل الشبيحة، وتمكنت من الفرار من تحت أيديهم».

وأكد حبش، خلال زيارته مكتب «الشرق الأوسط» في دبي، أنه طالب الرئيس بشار الأسد بالتنحي وإتاحة الفرصة للشعب السوري ليقرر مصيره، متمنيا الحل اليمني لسوريا «وبأقل قدر من الدماء.. وأعرف أن مواقفي قد لا تعجب بعض أطياف المعارضة.. لكني في الوقت نفسه أؤكد أنه من غير المعقول أن يستمر النظام الحالي، فالنظام مسؤول عن أكثر من مليون عائلة منكوبة في سوريا.. بيوت مهدمة.. أبناء مقتولون.. مهجرون، لذلك من غير المعقول أن يستمر النظام».

واعتبر حبش أنه ممن يدعون إلى التغيير السلمي في سوريا، قائلا: «مذهبي وعقيدتي هي اللاعنف، وأنا تلميذ لجودت سعيد (غاندي العرب)، وهو الداعية الإسلامي المعروف بمواقفه في اللاعنف، وأتمنى أن تستمر الضغوط الاقتصادية والسياسية على هذا النظام حتى يستجيب للطلب الصحيح؛ وهو الرحيل».

إلى ذلك، تمنى حبش أن تقوم بريطانيا بتقديم مبادرة للحل من خلال إعطاء اللجوء السياسي لبشار الأسد وزوجته، على اعتبار أنها تحمل الجنسية البريطانية، كما أن بشار الأسد عاش مدة من الزمن في بريطانيا. مضيفا: «أعتقد أن بريطانيا لديها وزن كاف للقيام بهذا الدور، وأعتقد أن هذا سيجنب السوريين مزيدا من الدماء.. ولكن المشكلة في الفكرة الملعونة وغير الصحيحة لدى الأسد بأنه يواجه مؤامرة وحربا كونية».

وأشار حبش إلى أنه في سوريا «كانت لدينا مدينة القنيطرة مدمرة بفعل الحرب مع إسرائيل، أما اليوم فلدينا عشرون قنيطرة مدمرة وكله بفعل النظام، والعنف يولد العنف»، لافتا إلى أنه «كلما ذهب الجيش إلى مكان انشق هذا الجيش، وازداد المسلحون، وبالتالي الكارثة تكبر يوما بعد يوم». معربا عن أمله في أن «يقف بشار أمام شعبه ويقول إنه فشل، وأنه مستعد لتسليم السلطة لأي مؤسسة.. ولا أعتقد أن الجيش السوري قادر على أن يأخذ نفس الدور الذي أخذه الجيش المصري، لأن الجيش صار طرفا في المشكلة.. قد يكون نائب الرئيس أو البرلمان قادرين على الإمساك بالمرحلة الانتقالية».

ويؤكد الحبش أن «بشار الأسد هو المسؤول عن كل ما يجري في سوريا، وهو يمسك بخيوط كل شيء ويرفض أن يقال إن هناك من يحكم سوريا معه.. هو يصدر الأوامر، وهناك أشخاص نافذون ومقربون لأنهم يأتمرون بأمره». معتبرا أن «النظام أخذ البلد إلى الهاوية، ويعلن أنه يخوض حربا ضد الشعب».. لافتا إلى أن الحل في يد الدول الكبرى، «وعندما يتوحد المجتمع الدولي على الفصل السابع - دون أن يتدخل مباشرة - ستحل الأزمة في سوريا، فمزيد من الضغط السياسي يمكن أن ينهي الأزمة».

وبرأي الحبش النظام انتهى «حقوقيا وقانونيا، ولا يملك النظام المشروعية للحكم.. وأتمنى الحل اليمني، ولا بد من مصالحات، ولا يمكن فتح محاكم تطهير ثوري. وإذا تمكنا من الحل اليمني، نكون أنقذنا البلد، وأعلم أن هذا الموقف قد يعرضني للهجوم من النظام والمعارضة، ويكفيني أنه قد يكون سببا في حقن دماء كثير من السوريين».

ويشير الحبش إلى أنه لم يمنع من الخروج من سوريا، لافتا إلى أنه أب لخمس بنات، «ومن واجبي أن أحمي بناتي.. ففي الفترة الأخيرة لم يعد من المنطقي أن أرسل بناتي إلى المدرسة أو الجامعة وسط هذا السيل من التهديدات»، موضحا أنه «واجهت مصاعب، وبعد ذلك تمكنت من الحصول على الإقامة في الإمارات، وأنا أمارس الآن عملي الأكاديمي».