الرئيس الأسبق لمجلس الدولة المصري: رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان عرضة للحبس والعزل

محمد حامد الجمل لـ «الشرق الأوسط» : مطلوب من «العسكري» منع العدوان على الشرعية الدستورية

استعدادات على قدم وساق بحملات نظافة لعودة مجلس الشعب المصري للانعقاد اليوم (أ.ب)
TT

قال المستشار محمد حامد الجمل، الرئيس الأسبق لمجلس الدولة المصري، إن الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية المنتخب أخيرا، والدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب المنحل (الغرفة الأولى في البرلمان)، أصبحا عرضة للحبس والعزل من الوظيفة، لمخالفتهما الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في البلاد الشهر الماضي بحل مجلس الشعب، ودعا الجمل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي سلم السلطة الأسبوع الماضي لمرسي، إلى التدخل لمنع العدوان على الشرعية الدستورية والقانونية.

ويهيمن على الأغلبية في البرلمان المنحل نواب التيار الإسلامي. وحين صدر قرار ببطلان القانون الذي انتخب على أساسه، وجه المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان يقوم بمهام رئيس الجمهورية قبل انتخاب مرسي، بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية، ما أغضب التيار الإسلامي وقام بتنظيم مظاهرات صاخبة في عدة ميادين في البلاد.

وقال المستشار الجمل عن آلية تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، إن الدستور المعطل نص على وجود المحكمة الدستورية وعلى اختصاصها، الذي يشمل إصدار الأحكام ومدى دستورية القوانين وتفسير ما يكون غامضا من القوانين واللوائح والبت في التنازع بين الأحكام.

وأضاف المستشار الجمل أن هذه «المحكمة منصوص في القانون المنظم لها على أنها تصدر أحكاما باتة ونهائية وحجة على الكافة، يعني أنها ملزمة لجميع سلطات الدولة ولجميع الأفراد في الدولة بمن فيهم رئيس الدولة.. بمجرد نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية».

وأضاف المستشار الجمل أنه «عندما صدر الحكم كان من المفترض أن الجهة التي تتولى تنفيذه هي كل سلطات الدولة، على قمتها من بيده سلطة رئاسة الجمهورية أو رئاسة السلطة التنفيذية، وهذا التنفيذ يتم بذات الحكم وبقوته الدستورية والقانونية ولا يحتاج إلى قرار ينشئ التنفيذ، أي أن هذا التنفيذ الذي صدر به قرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو مجرد تعبير إعلامي وتنفيذي عما انتهى إليه حكم المحكمة الدستورية»، مشيرا إلى أن القرار الذي وقعه المشير بناء على حكم هذه المحكمة بأن مجلس الشعب منحل هو تحصيل حاصل ولا ينشئ أي مركز جديد؛ لأن مجلس الشعب باطل بمقتضى الحكم ذاته دون الحاجة إلى أي قرار.

وقال المستشار الجمل: «وبالتالي ما فعله رئيس الجمهورية من يومين بأنه أصدر قرارا بإعادة مجلس الشعب للانعقاد وإجراء انتخابات بعد عدة أشهر، هذا كلام باطل ولا أثر له ومعدوم الأثر ولا سند له دستوريا أو قانونيا؛ لأنه يتعارض ويتناقض مع حكم المحكمة الدستورية ويلغيه، بالإضافة إلى أنه يعدل الإعلانات الدستورية النافذة، ومنها ما نسميه الدستور المكمل والدستور المؤقت، ويحدد (موعد) انتخابات جديدة لمجلس الشعب بعد عمل الدستور، ويفض المجلس الحالي».

وتابع الجمل قائلا: «هذه كلها سلطات لا سند لها في الدستور النافذ القائم ولا يملكها رئيس الجمهورية، وليس لمجرد أنه رئيس الجمهورية يستطيع أن يفعل أي شيء، لأن سلطاته محددة طبقا للدستور والقوانين النافذة، ولذلك فهذا القرار باطل ومعدوم الأثر وفيه اعتداء على السلطة القضائية واعتداء أيضا على سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة».

وعما إذا كان كل من سينفذون قرار الرئيس مرسي سيقعون تحت طائلة القانون وعقوبة عدم تنفيذ حكم المحكمة الدستورية، قال المستشار الجمل: «طبعا.. هناك أولا نص في الدستور المؤقت، يقول إن الأحكام يجب احترامها وتنفيذها، ومن لم ينفذها يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون.. قانون العقوبات يعاقب في المادة 123 بالفقرة الثانية، أي موظف عمومي أو شاغل لمنصب عام يعطل أو يوقف أو يلغي تنفيذ الأحكام، بعقوبة الحبس والعزل من منصبه.. طبعا المسؤول عن ذلك بالدرجة الأولى الآن من أصدر القرار الصادر عن رئيس الجمهورية، وكذلك من ينفذ هذا القرار على خلاف أحكام الدستور والقانون، ومنهم الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب الباطل».

وعن مسؤولية موظفي البرلمان وحراسه الأمنيين ممن تسلموا مرسوما من الرئاسة وأوامر من الكتاتني بعودة مجلس الشعب للانعقاد، قال إن «هؤلاء الموظفين، إذا نفذوا أوامر مرسي والكتاتني يقعون أيضا تحت طائلة القانون»، مشيرا إلى أن «المبدأ الأساسي في الشرعية القانونية والدستورية أنه لا طاعة لرئيس يصدر أمرا مخالفا للدستور والقانون.. وبالطبع لا بد أن يعترض الموظف العام كتابة على تنفيذ هذا، فإذا لم يفعل ذلك ونفذ القرار المخالف للدستور والقانون، فإنه يكون مرتكبا للجريمة، ويوجب ذلك العقاب عليه».

وقال المستشار الجمل إنه لا بد للمجلس العسكري أن يتدخل لكي يحمي نفاذ الحكم الصحيح النهائي من المحكمة الدستورية العليا، ويمنع هذا العدوان على الشرعية الدستورية والقانونية في البلاد، لأن ما يحدث يحرض على الفوضى وعدم احترام القانون والدستور وأحكام القضاء.

وعما سيترتب عليه حضور النواب جلسة مجلس الشعب، ومدى قانونية ما سيحصلون عليه من رواتب وبدلات مالية مقابل الحضور، قال الجمل إن كل ما يتم في هذا الشأن باطل، بما في ذلك «إجراء أو ممارسة إعداد قوانين أو صرف مبالغ مالية مقابل العمل الذي يزعمون أداءه».

وعما يتوقعه من إجراءات في الأيام المقبلة قال المستشار الجمل أتوقع أحد احتمالين.. «الأول أن يرجئ المجلس العسكري أي تدخل له لحين الفصل في القضايا الموجودة في القضاء الإداري والقضايا المنظورة أيضا أمام المحكمة الدستورية العليا بسبب قرار مرسي، وهذا فيه قدر من الصبر غير العادي في هذه الحالة.. والاحتمال الثاني أن هذا المجلس (العسكري) سوف يعتمد على نفاذ حكم حل مجلس الشعب وشرعيته وحجيته ويعطي الأوامر بمنع دخول البرلمان اغتصابا واقتحاما كما يريد ذلك أعضاء هذا المجلس من (الإخوان) والسلفيين».