شرم الشيخ.. من ملتقى للزعماء إلى مصيف شعبي

بعد تراجع حركة السياحة الأجنبية وانخفاض أسعار الفنادق

شرم الشيخ في انتظار إقبال الأفواج السياحية من أوروبا («الشرق الأوسط»)
TT

على شاطئ خليج نعمة، أرقى شواطئ مدينة شرم الشيخ السياحية في مصر وعلى بعد أمتار قليلة من قاعة المؤتمرات الفخمة بها حيث التقى لسنوات الكثير من زعماء العرب والعالم لصنع قرارات مصيرية تتعلق بالإرهاب الدولي ومستقبل الشرق الأوسط، وقفت سيدتان مصريتان بجلابيب شعبية سوداء في المياه وسط أطفالهما الذين يلعبون في المياه المليئة بالشعب المرجانية بأكياس بلاستيكية، في مخالفة قانونية، تسبب الاختناق للشعب المرجانية، وهو مشهد ضمن مشاهد أخرى غريبة وجديدة على المدينة التي تربعت على قائمة المدن السياحية في مصر عبر سنين، خصوصا أنها كانت المقر المفضل للرئيس المصري السابق حسني مبارك، ما حوّلها في النهاية إلى مصيف شعبي رخيص بسبب قلة السياحة الأجنبية للبلاد.

وعبر سنين، تميزت مدينة شرم الشيخ بارتفاع أسعار الإقامة والخدمات بها بسبب الإقبال الكبير للسياح الأجانب عليها، ما جعلها بعيدة عن متناول ملايين المصريين وساعد على احتفاظها بطابع خاص وراقٍ، خصوصا أنها كانت مقصدا دائما للرئيس المصري السابق.

واعتادت مدينة شرم الشيخ استقبال ملايين الأجانب سنويا في الموسم الشتوي الذي يبدأ من أكتوبر (تشرين الأول) وحتى فبراير (شباط) والموسم الصيفي من أبريل (نيسان) وحتى سبتمبر (أيلول)، ويشكل السائحون الروس والإيطاليون الغالبية العظمى من السياح في المدينة التي تعرف بمدينة السلام.

وأدت الأحداث السياسية المتعاقبة في مصر وما صاحبها من أحداث عنف إلى تراجع عدد السائحين الأجانب بشكل كبير، وأكد أسامة العشري، وكيل أول وزارة السياحة، المشرف على قطاع الفنادق، أن نسبة الإشغالات في فنادق شرم الشيخ والغردقة وصلت إلى أعلى معدلاتها في شهر أبريل (نيسان) الماضي بعدما وصلت إلى 60% بعدما كانت 100% قبل ذلك، وقبل أن تنخفض مجددا.

وكشف أحمد بلبع، رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال، عن مخاوف اللجنة من تأثير تراجع إيرادات قطاع الفنادق على السياحة، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار بيع الليالي الفندقية بنسبة تتراوح بين 40 و50% يؤدي إلى نوعية من السائحين نسبة إنفاقها أقل بكثير من النوعية التي كانت تتدفق على مصر قبل الثورة، سواء من المصريين أو الأجانب.

وتتميز شرم الشيخ بتعدد الأنشطة التي يمكن للسائحين ممارستها بها من ألعاب ورحلات بحرية ومائية متعددة إلى رحلات للسفاري بالصحراء وأماكن ترفيهية للسهر، وهو ما كان نسبة كبيرة من السياح الأجانب يقبلون عليه، لكن محمد عبد الله، 45 عاما، منظم رحلات قال لـ«الشرق الأوسط»: «نوعية السائحين اختلفت سواء من الأجانب أو المصريين.. الكل لا يريد أن يدفع شيئا إضافيا على مصاريف الإقامة»، وتابع عبد الله بينما كان سائحا أجنبيا يفاصله باستماتة في ثمن رحلة بحرية: «خفضنا كثيرا في أسعارنا لكن دون جدوى».

ووفقا لعدد من مسؤولي الفنادق بمدينة شرم الشيخ، فإن متوسط سعر الليلة في المدينة انخفض بنحو النصف، ما جعلها في متناول الكثير من المصريين، وهو ما ساعد على زيادة الرحلات التي تنظمها شركات السياحة المحلية لزبائنها.

وخلاف المعتاد، يشكل المصريون حاليا معظم السياح بالمدينة، ناقلين معهم عادات المصطافين المصريين في الشواطئ الشعبية مثل عدم الالتزام بملابس البحر وعدم الاهتمام بنظافة الشواطئ، بالإضافة إلى الاستهلاك المفرط للطعام في مطاعم الفنادق بشكل يفوق الحاجة الطبيعية، وهو ما علق عليه ماجد كريم (32 عاما)، موظف بمطعم بالمدينة/ بقوله: «أستمتع بالعمل في شرم الشيخ منذ عشر سنوات، لكنني الآن أشعر أنها تحولت لمصيف شعبي».

وبينما كان يخرج زجاجة مياه معدنية تركها طفل في حمام السباحة، قال معتز ماجد (27 عاما)، مدير ببنك استثماري: «لا أعترض على وجود المصريين هنا بالتأكيد.. لكن عليهم المحافظة على الطبيعة الخاصة بشرم الشيخ كمدينة سياحية راقية».

ورغم القوانين الصارمة، يصر مئات السياح المصريين على النزول بالجلابيب والفانلات في حمامات السباحة والبحر، ما يثير استياء السياح الأجانب غير المعتادين على ذلك، كما تحول الممشى السياحي بخليج نعمة إلى شارع مزدحم بالسياح المصريين دون التردد على مقاهيه ومطاعمه رغم انخفاض أسعارها مقارنة بالسنين الفائتة، كما تتعرض السائحات الأجانب، خصوصا الروسيات، لمضايقات وتحرشات من قبل الشباب المصري، وهو ما يعد أمر شاذا على المدينة التي اعتادت الترحيب بالسياح الأجانب من كل الجنسيات.

وقالت نسرين عاطف (26 عاما)، التي اعتادت قضاء عطلتها الصيفية بشرم الشيخ منذ سنوات: «الممشى السياحي بخليج نعمة تحول إلى صورة كربونية من شارع خالد بن الوليد (شارع شعبي للمصطافين بمدينة الإسكندرية).. زحام كبير وسلوكيات شاذة من المصريين».