«إخوان» ليبيا لم يحصدوا حصاد نظرائهم في مصر وتونس.. بسبب ماضيهم مع القذافي

سيف الإسلام أطلق سراح بعضهم وعرض عليهم مناصب ضمن جهوده لخلافة والده

TT

على الرغم من أنه ما زالت تفصلنا عدة أيام عن إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الليبية، التي جرت يوم السبت الماضي، فإن المؤشرات غير الرسمية والجزئية الصادرة عن كبريات المدن الليبية تشير إلى تقدم الفصائل الليبرالية على جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من بقية الأحزاب الإسلامية، في أول انتكاسة كبيرة محتملة للصعود السياسي للقوى الإسلامية منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في العام الماضي.

وفي حال جاءت النتائج النهائية للانتخابات الليبية شبيهة بالمؤشرات الأولية، فسوف يمثل ذلك تحديا لصعود القوى الإسلامية عقب سقوط الأنظمة العربية المتحالفة مع الغرب في تونس ومصر، وقد يشير أيضا إلى وجود قوى سياسية مختلفة على الساحة السياسية في ليبيا، حيث تتغلب الانتماءات القبلية على ما سواها وينظر إلى بعض الجماعات، مثل جماعة الإخوان المسلمين، على أنها قامت بالتعاون، في بعض الأوقات، مع نظام حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والجزء الأخير يعتبر الرد على الكثير من الأسئلة التي دارت حول سبب تعثر الإخوان المسلمين، حتى الآن، في التقدم في تلك الانتخابات.

ويقول فتحي الفضالي، وهو محلل سياسي ليبي موال للإسلاميين والذي عاش في المنفى لمدة 30 عاما: «يحظى أي شخص كانت له علاقات في الماضي مع النظام القديم بالكراهية وحتى بالاحتقار»، مضيفا: «أي أسماء سياسية كانت مرتبطة بالنظام يتم حرقها سياسيا على الفور من قبل هؤلاء الناخبين».

وانقسمت بطاقات الاقتراع في ليبيا إلى فئتين رئيسيتين، حيث تتنافس القوائم الحزبية للحصول على 80 مقعدا من أصل 200 مقعد من مقاعد البرلمان، بينما يتنافس المرشحون المستقلون للحصول على المقاعد الـ120 المتبقية.

وفي الفئة الأولى، يبدو أن التحالف الليبرالي الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق محمود جبريل في طريقه للحصول على أكثر من نصف عدد المقاعد في العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي، معقل الثورة، وفقا للكثير من ممثلي الأحزاب.

وفي غربي ليبيا، حيث تعد قبيلة ورفلة التي ينتمي إليها جبريل من أبرز القبائل هناك، أكد المسؤولون السياسيون أن البيانات الأولية تشير إلى تقدم حزب جبريل. وفي مدينة مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية، والتي قامت قوات معمر القذافي بحصارها لعدة أسابيع، أشارت النتائج الأولية إلى تقدم فصيل حديث يتكون من بعض الساسة المحليين، في ضربة أخرى محتملة للإسلاميين.

وحسب تقرير لوكالة الأسوشييتدبرس فإنه على عكس مصر - حيث كان ينظر إلى جماعة الإخوان المسلمين على أنها البديل للحكم الاستبدادي للرئيس السابق محمد حسني مبارك - تشتهر جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بسمعتها في عقد صفقات مع نظام معمر القذافي، حيث وصف فضل الله هارون، أحد قادة الثوار في ليبيا هذا الأمر بـ«ماضيهم الأسود».

كما قام سيف الإسلام القذافي، نجل القذافي القوي، بعقد بعض الصفقات مع جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها، في إطار جهوده الرامية لتمهيد الطريق لخلافة والده في الحكم، حيث قام بإطلاق سراح أكثر من 150 إسلاميا من المعتقلين السياسيين بداية من عام 2003، ثم عرض عليهم مناصب في المؤسسات ووسائل الإعلام المختلفة التي يديرها.

وبسبب هذه الصفقات، قامت جماعة الإخوان المسلمين بمقاطعة أول مؤتمر للمعارضة الليبية أقيم في لندن في عام 2005، والذي دعا إلى لإسقاط نظام القذافي، في الوقت الذي كانت فيه ليبيا تقوم بإصلاح علاقاتها مع الغرب.

ويعترف عبد اللطيف كرموس، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا والذي كان واحدا من بين المعتقلين الذين قام نجل القذافي بإطلاق سراحهم، بأن هناك تصورا عاما بأن الجماعة كانت حليفة للنظام السابق. ويضيف كرموس، الذي يعمل أستاذا في جامعة طرابلس: «لم نزج بأنفسنا في النظام.. قمنا فقط بالاحتفاظ بقنوات الاتصال مفتوحة لتحقيق التعبئة السياسية».

وتكتظ ليبيا بالكثير من الجماعات الإسلامية المتنافسة، بما في ذلك الجماعات السلفية أو الجهادية المستوحاة من تنظيم القاعدة، والذين قد يحاولون مستقبلا الحصول على السلطة، بعض النظر عن نتائج الانتخابات. ويصف فتحي بن عيسى، محلل سياسي بارز، الانتخابات بأنها مجرد «بروفة» لمعرفة «من يمتلك القوة الحقيقية في الشارع».

وبالإضافة إلى حزب العدالة والبناء الذي يمثل الإخوان المسلمين فإن هناك جماعة الأصالة الإسلامية السلفية التي لم تحقق نتائج بارزة حتى الآن في الانتخابات، بينما حصل حزب الوطن الذي يقوده عبد الحكيم بلحاج، قائد المجلس العسكري في طرابلس، على نتائج مخيبة للآمال كذلك.