أنان يلتقي الأسد في دمشق ويعلن الاتفاق على منهجية لوقف العنف

غليون لـ «الشرق الأوسط»: أي مساع جديدة لن تؤدي إلى نتيجة.. والثوار هم من سيحسمون المعركة

الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله كوفي أنان في دمشق أمس.. ويبدو وزير الخارجية السوري وليد المعلم (أ.ف.ب)
TT

أكد المبعوث الأممي إلى سوريا كوفي أنان أنه أجرى «نقاشا صريحا وواضحا وبناء مع الرئيس السوري بشار الأسد» في دمشق، مشيرا إلى «أننا تحدثنا عن أهمية إيقاف العنف، والسبل والطرق المفضية إلى ذلك، واتفقنا على منهجية ستتم مشاركتها مع المعارضة المسلحة». في موازاة ذلك، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، عبر حسابه على «تويتر»، الاجتماع بأنه «بناء وجيد».

وقال أنان إنه شدد على «أهمية السير قدما من خلال حوار سياسي، وهو أمر حظي بقبول الرئيس السوري»، ناقلا تأكيد الأسد له «مجددا التزام الحكومة (السورية) بخطة النقاط الست، التي بالتأكيد علينا التحرك لتنفيذها على نحو أفضل من السابق»، وذلك بعد يومين على إقرار أنان نفسه في حديث صحافي بأنه «لم ينجح في مهمته بعدما بقيت خطته للخروج من الأزمة حبرا على ورق».

ورغم ذلك الاعتراف، قال أنان أمس: «رغم أنني سأغادر سوريا، لكننا سنواصل حوارنا وسوف نتشاطر المنهجية التي ناقشناها حول إيقاف العنف مع المعارضة المسلحة». وأضاف: «لدي فريق هنا على الأرض سوف يواصل اليوم بذلك، وأود أيضا تشجيع الحكومات والجهات المؤثرة على أن تبذل جهودا في هذا الاتجاه». وكان أنان قد أعرب عن رغبته في وقت سابق في إشراك إيران في المحادثات، باعتبارها «جزءا من الحل».

وأعلن أحمد فوزي، المتحدث باسم أنان، أمس، أن أنان سيتوجه إلى طهران، وبالفعل، نقلت عدة مواقع إخبارية إيرانية بعد ذلك بساعات نبأ وصول أنان إلى إيران. وأشارت قناة «العالم» الإيرانية إلى أن أنان سيلتقي وزير الخارجية علي أكبر صالحي، إضافة إلى سعيد جليلي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، كما أعلنت الخارجية الإيرانية أن مؤتمرا صحافيا مشتركا سيعقد اليوم (الثلاثاء) بين أنان وصالحي.

وقال أنان بعيد وصوله، بحسب ما أعلن أحمد فوزي: «أنا هنا لمناقشة الوضع في سوريا - كما تعرفون حصل اجتماع لمجموعة الاتصال حول سوريا في نهاية الشهر الماضي في جنيف - ولنرى كيفية العمل معا للمساعدة في تسوية الوضع في سوريا».

من جانبها، قالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن الاجتماع بين أنان والأسد، إن «أجواء المباحثات إيجابية وبناءة، أكد خلالها الجانب السوري التزام سوريا بتنفيذ خطة البنود الستة، وأن نجاح هذه الخطة يتوقف إلى حد كبير على وقف تسليح وتمويل الأعمال الإرهابية، وكذلك وجود التزام دولي وإرادة صادقة لوقف العنف في سوريا وتنفيذ الخطة كاملة». وأضافت الوكالة أنه «تم الاتفاق على استمرار التنسيق مع بعثة المراقبين والحكومة السورية من أجل التوصل للهدف المنشود».

كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي عبر حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي على الإنترنت أن «اجتماعا بناء وجيدا» حصل بين الأسد وأنان. وذكر مقدسي أن أنان التقى أيضا وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وقال: «في الاجتماعين، أكدنا لأنان التزام سوريا بتطبيق خطة النقاط الست، وعبرنا عن أملنا أن يكون الطرف الآخر ملتزما أيضا».

وبينما لم يفسر أنان ما يعنيه حول طرحه الخاص «بإشراك المعارضة المسلحة» في المحادثات، شكّلت مواقفه مفاجأة للمعارضة السورية، وقال رئيس المجلس الوطني السوري السابق ورئيس المكتب السياسي الدكتور برهان غليون لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة «فوجئت بذهاب أنان إلى دمشق ولقائه الأسد، بعد ما أعلنه في تصريحات سابقة لناحية مسؤولية النظام السوري في عدم تطبيق خطته وإقراره بفشلها»، لافتا في الوقت عينه إلى «إننا لم نطلع بعد على أي خطة أو خطوات جديدة من قبل أنان».

وسأل غليون: «هل مواقف أنان تعني أن ثمة ضغوطا جديدة يتعرض لها؟ وهل خطته المقبلة هي جزء من الجهود الروسية لإعادة النظر في الخطة السابقة أو بدء خطوات جديدة من قبل المجتمع الدولي لتجنب دفن خطة أنان والحلول السياسية التي رفضها الأسد باستمرار؟»، وحذر من العودة مجددا إلى «سياسة المهل الإضافية للنظام والتسويف وإضاعة الوقت»، معتبرا أن الأمر بات «مثل أغنية الشيطان، بمعنى أنه كلما أفشل الأسد خطة فتحوا له بابا جديدا».

وأعرب غليون عن اعتقاده أن «أي خطة أو مساع جديدة لن تؤدي إلى نتيجة، لأن من سيحسم هم الشباب الذين يقاتلون على الأرض، ولم تعد لديهم أوهام تجاه الحلول السياسية وتعنت النظام ووجود آليات جديدة للضغط على الأسد»، مشيرا إلى أن «الثوار مصرون على أن يحسموا المعركة بأيديهم، وهذه هي الطريق الصحيحة».

وأعرب غليون عن اعتقاده أنه «لدى الدول التي لم تقم بواجبها تجاه الشعب السوري شعور ربما بملء الفراغ والعودة إلى نفس الطريق بانتظار تغيير لميزان القوى ميدانيا خلال الأسابيع المقبلة»، مجددا الإشارة إلى أن «أي مناورة جديدة ليست ذي قيمة وأن محاولات الروس الدخول في تسوية جديدة لن تتحقق».

كما شددت مصادر قيادية رفيعة في «الجيش السوري الحر» لـ«الشرق الأوسط» على أن «خطط أنان ومن سواه لم تجد نفعا في سوريا»، وقالت إن «ما يجدي نفعا هو التحرك العسكري تحت الفصل السابع، إذ لم يعد من الممكن إعطاء النظام السوري المهلة تلو الأخرى».

وأشارت المصادر عينها إلى أنها «لم تبلّغ بعد بآلية عمل أنان الجديدة»، وذكرت «بأننا تجاوبنا مع خطته الحالية، بينما كانت آلة القتل تمعن فينا ووافقنا عليها رغم إدراكنا سلفا بأنها لن تجدي لأننا أردنا التأكيد على رغبتنا في الوصول إلى حل». وسألت هذه المصادر: «هل من العدل والمنطق أن نقول للنظام الذي يقتل ويرتكب المجازر ابق في مكانك»، مشددة على أن «هناك أزمة نظام قمعي يتكون من منظومة معقدة من أجهزة الأمن والحرس الجمهوري والجيش». وكان «المجلس الوطني» قد أصدر بيانا فجر أول من أمس، قال فيه إن إقرار أنان أن خطته للتعامل مع الوضع في سوريا «لم تنجح وقد لا يكون من ضمانة أنها ستنجح»، يتزامن مع تأكيد منظمات حقوقية أن «نحو أربعة آلاف سوري قتلوا على أيدي النظام الدموي منذ إعلان وقف إطلاق النار في الثاني عشر من أبريل (نيسان) 2012، إضافة إلى استخدامه الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدفعية وطيران في قصف المناطق المأهولة وقتل وإبادة أسر بكاملها».

وبينما انتقد «اختيار أنان الاجتماع مع رموز النظام السوري، وقوبل غيابه عن مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس باستغراب ودهشة الدول المشاركة»، أكد المجلس الوطني أن «عدم التزام النظام بأي من بنود المبادرة المشتركة يقتضي عدم القفز على الالتزامات التي أقرت في الجامعة العربية ومجلس الأمن، والعمل على وضع المجتمع الدولي أمام التزاماته وفي المقدمة منها اتخاذ مجلس الأمن قراراته تحت الفصل السابع وفرض عقوبات ملزمة على النظام، وإقرار الخطوات المطلوبة لحماية المدنيين السوريين بكل الوسائل المتاحة».

واستغرب المجلس الوطني «دعوة أنان إيران للمشاركة في مجموعة العمل حول سوريا»، معتبرا أن «الدعم الذي يقدمه نظام طهران لحلفائه في النظام السوري يجعلهم شركاء في العدوان على الشعب السوري ولا يمكنهم من أن يكونوا جزءا من الحل ما لم تتغير مواقفهم بصورة جذرية ويؤكدوا دعمهم واحترامهم لكفاح الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة».