تقرير قضائي إسرائيلي لا يعتبر الضفة الغربية أرضا محتلة

اليمين الإسرائيلي يطالب نتنياهو بضمها في أعقاب «فتوى» قضائية

TT

رحب قادة أحزاب اليمين الإسرائيلي بتقرير لجنة قضائية حكومية يعتبر الضفة الغربية «منطقة غير محتلة»، ويوصي بمنح الشرعية للاستيطان اليهودي في كل بقعة منها. وتوجه كثيرون منهم إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، كي يتبنى التوصيات. وفي المقابل، خرج عدد من كبار رجال القانون الإسرائيلي وقادة أحزاب اليسار والوسط، يحذرون من مغبة قبول هذه التوصيات «لأنها ستعود على إسرائيل بكوارث سياسية وأمنية».

وكانت الحكومة قد شكلت لجنة قضائية برئاسة قاضي محكمة العدل العليا المتقاعد، إدموند ليفي، وعدد آخر من خبراء القانون الدولي، لفحص إمكانية تخفيف الضغوط القضائية على المستوطنين ومنع إمكانية إخلاء مستوطنين من البؤر الاستيطانية، التي أقيمت من دون تراخيص. وعملت اللجنة طوال 8 شهور وأصدرت «فتوى قضائية» تجيز فيها الاستيطان في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة.

ويدعي ليفي أن هذا الحق يلائم بنود القانون والمواثيق الدولية، وذلك «لأن لليهود حقوقا تاريخية على أرض إسرائيل ولا يجوز اعتبارهم محتلين عسكريين فيها». ويدعي أن الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، هي ليست أرضا محتلة، لأن الأردن احتفظ فيها من سنة 1948 وحتى 1967 بحكم الأمر الواقع الذي خلفته الحرب. وأضاف: «هذا يعني أن المادة الرابعة من ميثاق جنيف التي تأمر بحظر الاستيطان للمحتل في الأرض المحتلة، لا ينطبق على إسرائيل في الضفة الغربية».

ويضع ليفي محاذير على هذا الاستيطان، وهي محاذير القانون الإسرائيلي، أي أن الاستيطان يجب أن يكون بقرار من الحكومة وبمصادقة من لجان التنظيم والبناء التي تخولها بذلك. وعليه؛ فإن ليفي يوصي الحكومة بتطبيق القانون في إقامة المستوطنات. وفي الوقت نفسه يحظر على الحكومة أن تهدم بيوتا لمستوطنين، حتى لو تبين أنهم أقاموها بالخداع والوثائق المزورة، ويوصي بأن تدفع الحكومة تعويضات لأصحاب الأرض لا أكثر، كما يوصي ليفي الحكومة بأن تجري مسحا لأراضي الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة إسرائيل (60 في المائة من الأراضي في الضفة الغربية)، وتعطي للفلسطينيين والمستوطنين اليهود مهلة زمنية محددة للاعتراض، ومن لم يعترض فقد يخسر حقوقه.

وتعتبر هذه التوصيات خلفية قانونية، حسب المنطق الإسرائيلي، لم يسبق لها مثيل في تشجيع الاستيطان وسلب الأراضي الفلسطينية. وهي حتى الآن بمثابة توصيات للحكومة، ولا يستبعد تحويلها إلى قانون إسرائيلي.

وكانت اللجنة قد أصدرت توصياتها وسلمتها إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير القضاء، يعقوب نئمان، قبل 3 أسابيع. ولكنها حافظت على الأمر بسرية تامة، ولم ينشر في الصحف الإسرائيلية إلا يوم أمس (نشرت «الشرق الأوسط» خبرا حول ذلك في يوم الخميس الماضي). وما إن نشرت التوصيات، أمس، حتى هب قادة معسكر اليمين الحاكم في إسرائيل مرحبا ومطالبا بتطبيق التوصيات. وقال وزير البيئة وعضو اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، جلعاد أردان، إنه يأمل أن يقوم رئيس الحكومة نتنياهو بتقديم «تقرير إدموند ليفي» في أسرع وقت للحكومة للمصادقة عليه، كما عبر عن أمله في أن تكون روح التقرير هي الموجه لممثلي الدولة الذين يتخذون القرارات بشأن البناء الاستيطاني في الضفة الغربية. وفي حديثه مع الإذاعة الإسرائيلية، قال أردن إن «التقرير يذكر بحقيقة منسية بموجبها لا يمكن أن الضفة الغربية محتلة لأنه لم يكن هناك كيان فلسطيني»، على حد تعبيره.

وتوجه رئيس كتل الائتلاف الحاكم في إسرائيل، النائب زئيف ألكين، إلى رئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، بالدعوة إلى إعادة النظر في موقف الحكومة الرافض لتطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية وطالب بضم الضفة إلى تخوم السيادة الإسرائيلية فورا.

وقال ألكين، إن «وجود حكومة يمينية قوية جدا في إسرائيل يعبر عن إرادة الشعب الإسرائيلي في رؤية مستقبل المنطقة. وهذه الرؤية مبنية على وحدة أرض إسرائيل بكل مناطقها الجغرافية، ومن غير المعقول إن ينفذ اليمين سياسة اليسار الإسرائيلي، الذي يضع مسألة النظرة الأوروبية لإسرائيل فوق كل الاعتبارات الوطنية، خصوصا بعد تقرير ليفي»، وأضاف أن العالم ينظر إلى حكومة إسرائيل على أنها ضعيفة لأنها لا تجرؤ على اتخاذ قرارات بعيدة المدى، ومن يوم لآخر تزداد طلبات الغرب من إسرائيل لتقديم التنازلات لإسرائيل. وعليه؛ فإنه يطرح فكرة ضم الضفة الغربية لإسرائيل «.. حتى نضع حدا لمطالب الغرب الغريبة».

في المقابل ردت المحامية طالي ساسون، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، بالقول إن «تقرير لجنة ليفي يفتقر إلى أي صفة رسمية ملزمة للحكومة، وأنه يبقى مجرد تقرير كتقارير لجان أخرى كثيرة أقيمت في إسرائيل، لا صبغة ولا مكانة قانونية له». وأشارت ساسون إلى أن التقرير يتجاهل قرارات محكمة العدل العليا المختلفة في كل ما يتعلق بالبؤر الاستيطانية غير القانونية وأعمال البناء الاستيطاني غير القانوني في الضفة الغربية، وأكدت أن التقرير يناقض بصورة فظة كل التشريعات الدولية والقانون الدولي، لأن القضية هي قضية قانونية بحتة وليست قضية سياسية، وبالتالي لا يمكن حتى للمستشار القضائي للحكومة إعلان قبول هذا التقرير وتبنيه، لأن ذلك سيكون مخالفا للقانون.