موسكو تستقبل معارضين سوريين.. وتوقف تسليم شحنة أسلحة للنظام

بوتين يدعو إلى حل سلمي للأزمة.. وضرورة اللجوء لمجلس الأمن في حال الحاجة إلى تدخل عسكري

TT

فيما يبدو أبرز تغيير في الموقف الروسي، الذي داوم على مساندة نظام الأسد منذ بدء الأزمة السورية، استقبلت موسكو أمس ممثلين عن المعارضة السورية، في الوقت الذي نقلت فيه وكالة أنباء روسية عن مصدر عسكري قوله إن «موسكو لن تسلم مقاتلات أو أي أسلحة جديدة أخرى لسوريا، مادام بقي الوضع هناك دون حل»، متحدثا عن شحنة من 40 طائرة مقاتلة طراز «ياك 130»، التي ذكرت تقارير أنه تم توقيع عقد بشأنها نهاية العام الماضي.

ويتزامن ذلك مع دعوة روسيا إلى «حل سياسي سلمي» في سوريا، رافضة مجددا أي تدخل في هذا البلد، ومشددة على ضرورة أن يكون أي قرار التدخل بالتدخل العسكري، لو دعت الحاجة إلى مثل ذلك القرار، عبر بوابة مجلس الأمن. وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة متلفزة: «إني مقتنع بأن علينا بذل كل الجهود لإقناع أطراف النزاع بحل سياسي سلمي لتسوية كل الخلافات».

وأضاف بوتين، أمام سفراء روسيا إلى الخارج في مقر وزارة الخارجية: «هي بالطبع مهمة أكثر صعوبة ودقة» من اللجوء إلى «تدخل بالقوة من الخارج»، مؤكدا معارضة موسكو لأي تدخل مسلح من دون الموافقة المسبقة لمجلس الأمن الدولي حيث تتمتع روسيا، كدولة دائمة العضوية، بحق الفيتو، إلى جانب الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وتابع: «سنتحقق في حال دعت الحاجة إلى تدخل عسكري من أن يتخذ هذا القرار ضمن إطار مجلس الأمن»، معتبرا أن «استبدال مثل هذه القرارات واتخاذ عقوبات أحادية سيأتي بنتائج عكسية».

وأدلى بوتين بخطابه بعد ساعات على دعوة ميشيل كيلو، أحد أبرز المعارضين السوريين، روسيا إلى الإسهام في «استقرار الوضع في بلاده»، وذلك أثناء محادثات أجراها في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وقال كيلو إن «سوريا أصبحت ساحة نزاع دولي.. ونعتبر بصفتنا ممثلين عن القوى الديمقراطية أن من مصلحة روسيا (التوصل) إلى استقرار الوضع». وأضاف: «إننا جزء لا يتجزأ من الحوار الوطني الذي أطلق في 2001. للأسف لا يستجيب النظام لمطالبنا».

كما قال كيلو لإذاعة «صوت روسيا» إن العميد مناف طلاس، الذي انشق الجمعة عن الجيش السوري، قد يقوم بدور أساسي في سوريا، موضحا أن «العميد مناف طلاس الشخص المناسب للعب دور أساسي في سوريا».

وقال لافروف من جهته بحسب وكالة «ايتار تاس»: «إن روسيا من البلدان القليلة، إن لم تكن الوحيدة، التي تعمل بشكل ناشط مع الحكومة السورية ومختلف قوى المعارضة (السورية) سعيا لتطبيق خطة كوفي أنان». وأضاف: «نراهن على أن يكون لقاء اليوم (مع كيلو) خطوة على طريق تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جنيف (في 30 يونيو/ حزيران) حول مبادئ عملية سياسية انتقالية في سوريا اقترحها أنان». ويأتي ذلك في وقت ينتظر فيه وصول الرئيس الجديد للمجلس الوطني السوري المعارض الكردي عبد الباسط سيدا غدا (الأربعاء) إلى موسكو لإجراء محادثات أيضا بعد مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في باريس، الذي قاطعته روسيا والصين.

وقبيل زيارته المقررة، دعا سيدا أمس روسيا إلى وقف تسليح النظام السوري إذا أرادت «الحفاظ على علاقات جيدة مع الشعب السوري». وقال سيدا في مقابلة مع إذاعة «صوت روسيا» الروسية بثت أمس على موقعها الإلكتروني: «نعلم أن روسيا تزود سوريا بالأسلحة. سنتحدث عن هذا الأمر في موسكو».

وأضاف: «نريد التوضيح أن النظام الديكتاتوري الذي يحكم سوريا منذ أكثر من أربعين عاما شارف على نهايته. المطلوب من روسيا الحفاظ على علاقات جيدة مع الشعب السوري، عبر وقف تزويد نظام بشار الأسد بالسلاح».

وبالتزامن مع مطالب سيدا، نقلت وكالة أنباء روسية عن هيئة التعاون العسكري الروسية قولها أمس إن موسكو لن تسلم مقاتلات أو أي أسلحة جديدة أخرى لسوريا، ما دام الوضع هناك «دون حل».

وذكرت وكالة «إنترفاكس» للأنباء أن فياتشيسلاف جيركالن، نائب مدير الهيئة، قال للصحافيين في معرض «فارنبره» الجوي في بريطانيا: «ما دام الوضع في سوريا غير مستقر، فلن تسلم شحنات أسلحة جديدة إلى هناك».

ويمكن أن تكون هذه أجرأ خطوة من جانب موسكو لتنأى بنفسها عن الرئيس السوري بشار الأسد، الذي دافعت عنه في الأمم المتحدة وحمته من عقوبات أشد يفرضها مجلس الأمن الدولي.

وصرح جيركالن بأن روسيا لن تسلم سوريا شحنة من الطائرات المقاتلة طراز «ياك 130»، التي ذكرت تقارير أنه تم توقيع عقد بشأنها نهاية العام الماضي. وجاء في التقرير أن روسيا وقعت عقدا بتسليم 40 مقاتلة.. وأضاف جيركالن: «في ظل الوضع الحالي، فإن الحديث عن تسليم طائرات لسوريا أمر سابق لأوانه».

وتعرضت روسيا، الشهر الماضي، لانتقادات من الغرب بعد أن قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن لديها معلومات تفيد بأن طائرات هليكوبتر هجومية في طريقها من روسيا إلى سوريا. بينما قالت موسكو إن طائرات الهليكوبتر كانت جزءا من عقد قديم. وقال جيركالن أمس: «من قبل كنا ننفذ عقودا قديمة، منها عمليات صيانة لمعدات.. وحتى يستقر الموقف لن نسلم أي شحنات أسلحة جديدة».