أسر «شهداء كنيسة القديسين» يطلبون وساطة كلينتون لدى الرئيس المصري لإنهاء معاناتهم

اشتكوا من تجاهل مؤسسة الرئاسة لهم وإهمال مطالبهم وعلاج المصابين في الحادث

TT

«سأكون رئيسا لكل المصريين، مسيحيين ومسلمين، من قالوا لي لا ومن قالوا لي نعم»، «دماء الشهداء في رقبتي».. لم تستطع إيمان واصف (50) عاما أن توقف دموعها وهي تستمع لهذه الوعود التي أطلقها الرئيس المصري الجديد محمد مرسي عبر التلفزيون، متابعة خطابه الذي ألقاه بميدان التحرير منذ أسبوعين بينما، وبعفوية احتضنت ابنتيها نادين وشيرين اللتين أصيبتا معها بإصابات خطيرة في الحادث التفجير الإرهابي الشهير الذي تعرضت له كنيسة «القديسين» بالإسكندرية في مستهل عام 2011، وهز الرأي العام المصري والعالمي.

كلمات الرئيس مرسي ووعوده أعادت إلى أذهان الأسرة مشهد الوالد الذي سقط قتيلا جراء إصابته بشظية في المخ، بينما راحت الأم إيمان في غيبوبة وأجريت لها 27 عملية جراحية ونجت من الموت بأعجوبة، إلا أنها فقدت بصرها تماما بالعين اليسرى، في حين أصيبت الفتاتان بإصابات مختلفة بأنحاء الجسد.

دموع إيمان اختلطت بالأمل في غد مشرق بعد استماعها لكلمات الرئيس الذي توسمت أن تحمل نهاية لمعاناة أسرتها و116 أسرة أخرى من أسر المصابين في حادث تفجير الكنيسة، فضلا عن 20 أسرة أخرى هم أسر الشهداء، بعدما أعيتهم السبل في المطالبة بحقوقهم وعلى رأسها القصاص من مرتكبي الحادث، والذين ما زالوا مجهولين حتى الآن بسبب قيام الأجهزة الأمنية والقضائية بغلق ملف القضية نهائيا.

تقول إيمان: «لقد توجهنا عبر القنوات الرسمية المصرية بطلبات للرئيس الجديد ومن قبله للمجلس العسكري ومن قبلهما للنائب العام لفتح التحقيق واستكمال التحريات في القضية دون أي استجابة، وكأن الأمر يحمل لغزا لنا وهو لماذا ترفض كل الجهات في مصر إجراء التحريات والتحقيقات في هذه القضية التي هزت الرأي العام العالمي قبل المصري». وتتابع: «ومع ذلك صبرنا حتى تولي الرئيس الجديد الذي فاجأنا بقيامه مشكورا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول أسباب مقتل شهداء الثورة دون أن يشمل القرار تشكيل لجنة لذات الغرض بالنسبة لحادث تفجير كنيسة (القديسين) وهو ما نعتبره كيلا بمكيالين لا نعرف له سببا».

تقول الأم إيمان، إن رجال أعمال أقباطا يعيشون خارج مصر يتكفلون بنفقات علاج مصابي حادث تفجير الكنيسة، وإن الدولة لم تقم بعلاج أي منهم ولم تعرض القيام بذلك من الأصل وذلك على خلاف ما حدث مع شهداء ثورة 25 يناير، حتى أننا لم نصرف تعويضات من الدولة مثل أي شهيد يلقى مصرعه، سواء في أحداث الثورة أو غيره.

وتضيف: «المدهش أننا فوجئنا بتجاهل كامل لقضيتنا من قبل الرئيس الجديد، وحقنا في القصاص والعلاج والتعويض، بل إن التجاهل وصل إلى حد أنه لم يدعنا للقائه أسوة بأسر شهداء 25 يناير، ووالدة الشهيد خالد سعيد الذي نراه مثلما كان أيقونة للثورة، كانت أيضا دماء شهدائنا العشرين ومصابينا الـ116 وقودا للثورة خاصة أن حادث تفجير الكنيسة وقع قبل اندلاع الثورة بأيام وتسبب في غضب واحتقان بالشارع المصري.

تلتفت إيمان باكية: «شهداء الثورة نزلوا في أحداثها وهم يعلمون أنهم قد يعودون إلى منازلهم وقد لا يعودون، أما نحن فقد كنا نهنئ بعضنا البعض في عيدنا وداخل مكان للعبادة، ومع ذلك قتلنا وأصبنا وعجز الكثيرون منا.. لقد خذلنا الرئيس بعدما خذلتنا كل أجهزة الدولة».

جوزيف ملاك، محامي شهداء كنيسة «القديسين»، التقط طرف الحديث، كاشفا عن قيام أسر شهداء كنيسة «القديسين» بمخاطبة وزارة الخارجية الأميركية أول من أمس (الاثنين) طالبين من مسؤوليها وعلى الأخص هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، القيام بدور الوسيط بين الرئيس محمد مرسي وأسر شهداء كنيسة «القديسين» من أقباط مصر ليأمر بفتح ملف القضية، وذلك – كما يقول - : «بعدما قمنا بمخاطبة مؤسسة الرئاسة ولم نتلق أي رد أو اهتمام، بل فوجئنا بتجاهل شهداء حادث تفجير الكنيسة وصدور قرار بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول أسباب وفاة شهداء ثورة 25 يناير فقط». وتساءل المحامي: «ألسنا كلنا مصريين كما قال الرئيس، أليس هو رئيسا كما قال لكل المصريين؟ كيف يقول ذلك ثم يتجاهل دماء شهدائنا؟!».

وأكد المحامي ملاك أن لجوء ضحايا تفجير الكنيسة للخارجية الأميركية للتوسط لدى الرئيس للاهتمام بملفهم ليس استقواء بالخارج، حيث إنه لا يتعدى كونه طلب وساطة فقط وليس شكوى، خاصة أن هيلاري كلينتون ستتقابل خلال أيام قليلة مع الرئيس محمد مرسي في القاهرة، ويعقب ذلك زيارة يقوم بها مرسي للولايات المتحدة لمقابلة الرئيس الأميركي أوباما.

وقال ملاك، إنه تقدم بأكثر من 20 بلاغا للنائب العام، كما أصدر نيابة عن أسر الشهداء 30 بيانا للرأي العام لكن دون جدوى، واصفا الأمر بأن به لغزا غير مفهوم.

وكشف المحامي ملاك عن أنه في حال تجاهل الولايات المتحدة طلب أسر شهداء الكنيسة فإنه لن يكون أمامهم سوى اللجوء لمنظمة الأمم المتحدة لبحث شكواهم وأخذ حقوقهم.