أزمة البرلمان المصري تهيمن على المحاكم والميادين.. والدستورية العليا تلغي قرار الرئيس مرسي

كلينتون استبقت زيارتها للقاهرة بدعوة الفرقاء لتحول سياسي دون مشكلات

مؤيدو الرئيس المصري محمد مرسي يتظاهرون أمام المحكمة الدستورية في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

هيمنت أزمة البرلمان المصري أمس على المحاكم والميادين، بعد يومين من إصدار الرئيس المصري محمد مرسي، القادم من جماعة الإخوان المسلمين، قرارا بعودة البرلمان ذي الأغلبية الإسلامية للعمل رغم إبطاله قضائيا من المحكمة الدستورية العليا. وعقد نواب التيار الإسلامي جلسة خاطفة أمس قرروا بعدها اللجوء إلى محكمة النقض، لكن فقهاء قانونيين قالوا إنه «لا طائل من ورائه»، في وقت دعت الولايات المتحدة الأميركية، أمس، الفرقاء بالقاهرة للتحول السياسي دون مشكلات.

وأعربت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن تطلعها للقاء الرئيس محمد مرسي والمسؤولين المصريين خلال زيارتها لمصر في الرابع عشر من الشهر الحالي، وحثت على ضرورة إجراء حوار بين جميع الأطراف لحل أزمة عودة البرلمان المنحل، بينما طالب البيت الأبيض القادة في مصر باحترام المبادئ الديمقراطية. وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني دعوة الرئيس أوباما للرئيس المصري محمد مرسي للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، نافيا عقد أي لقاءات واجتماعات ثنائية بين الرئيسين. وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي مع نظيرها الفيتنامي الثلاثاء حول رؤيتها لعودة البرلمان المصري المنحل: «أعتقد أنه من المهم أن ننظر إلى الأمور في سياقها، فقد كانت هناك ثورة سلمية إلى حد كبير والانتخابات تنافسية، والآن هناك رئيس جمهورية منتخب لأول مرة في تاريخ مصر الطويل جدا، والولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالعمل مع مصر وكل من الحكومة والمجتمع المدني لمساعدتها في استكمال التحول الديمقراطي، والتعامل مع الكثير من القضايا الصعبة الاقتصادية والأمنية التي على الحكومة الجديدة أن تواجهها».

وفي وقت متأخر من مساء أمس قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار ماهر البحيري بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، وأمرت بتنفيذ حكمها السابق ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب الذي جرت بموجبه الانتخابات، بما يترتب على ذلك من حل المجلس واعتباره غير قائم بقوة القانون. وهتف جانب من الحضور بعد صدور الحكم قائلين: «يسقط يسقط حكم المرشد»، في إشارة إلى مرشد جماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع، وهي الجماعة التي ينتمي إليها الرئيس مرسي.

يشار إلى أن أكثر من خمسين عضوا في مجلس الشعب المنحل، من تيارات ليبرالية ويسارية، رفضوا حضور الجلسة التي دعا إليها رئيس المجلس أمس.

وعلى الرغم من حكم المحكمة الدستورية ببطلان وجود المجلس التشريعي، استجاب المجلس أمس لقرار مرسي بعودته إلى العمل وعقد جلسة سريعة استغرقت نحو عشر دقائق برئاسة الدكتور سعد الكتاتني، وذلك في خطوة يرى مراقبون أنها تعبر عن مزيد من الانقسام بين القوى السياسية، خصوصا بعد هيمنة التيارات الإسلامية الصاعدة على مفاصل مهمة، منها البرلمان والرئاسة وجمعية وضع الدستور الجديد.

وخلال جلسة البرلمان أمس، التي قاطعها عدد من نواب الأحزاب المدنية (الليبرالية واليسارية)، وحضرها نواب جماعة الإخوان والتيار السلفي، قال الكتاتني، وهو قيادي سابق في الإخوان، إن مصر بعد الثورة تؤسس لبنيان وأركان دولة جديدة على مبدأي سيادة القانون واستقلال السلطات. وقرر رفع الجلسة، بعد أن أحال حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، إلى محكمة النقض للفصل في صحة عضوية أعضائه.

وعلق الفقيه القانوني والدستوري الدكتور شوقي السيد على قرار الكتاتني اللجوء إلى محكمة النقض بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس له محل من الإعراب، «لأن انعقاد مجلس الشعب باطل بناء على دعوة باطلة وقرار منعدم»، مشيرا إلى أن إحالة حكم الدستورية لمحكمة النقض «يزيد من إرباكات المشهد السياسي والحلقات الدستورية والقانونية التي لا طائل منها، لأن محكمة النقض لا تملك أن تعقب على حكم الدستورية»، مشيرا إلى أن «الذي أشعل الحرائق هو قرار مرسي». واستمعت المحكمة الدستورية العليا أمس لمرافعات في دعاوى تنازع بشأن تنفيذ حكم المحكمة بإبطال مجلس الشعب. وطالب مقيمو الدعاوى، ومن بينهم الدكتور يحيى الجمل، الفقيه الدستوري، بوقف تنفيذ قرار مرسي، قائلين إن قرار الرئيس «يهدر دولة القانون ويرسخ لشريعة الغاب». وينظر غالبية رجال القانون المروفين بانتمائهم إلى التيار الإسلامي إلى حكم المحكمة بحل مجلس الشعب باعتبار أنه لا يسري على كل أعضاء المجلس، ولا ينفذ بالطريقة التي صدر بها، ويضع عدد منهم تخريجات قانونية، منها الإبقاء على المجلس وإعادة انتخاب ثلث نوابه، أو عرض الحكم بحله على استفتاء شعبي.

وقال المحامي الإخواني صبحي صالح، في جلسة المحكمة الدستورية أمس، إن قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب على ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا هو قرار معيب ويدخل في إطار الخطأ الجسيم على نحو اقتضى معه الأمر إصدار رئيس الجمهورية لقرار جديد يلغي قرار المجلس العسكري.

واتهم المحامي عن التيار الإسلامي، ناصر الحافي، قضاة بالمحكمة الدستورية العليا بالتزوير، ما تسبب في حدوث حالة من الفوضى داخل قاعة المحكمة، وانسحاب هيئتها من فوق المنصة، في وقت كان فيه مؤيدون ومعارضون لقرار مرسي، في عدة مواقع قضائية ونيابية وحزبية أخرى بالقاهرة، يتبادلون الاتهامات في ما بينهم، ووقعت اشتباكات بالأيدي وقررت عدة أحزاب معاقبة أعضائها، بمن فيهم نواب بالبرلمان، ممن لم يلتزموا بمواقفها تجاه الأزمة. ومن جانبها أجلت محكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار عبد السلام النجار نائب رئيس مجلس الدولة، أمس، الفصل في 29 طعنا تطالب ببطلان قرار مرسي إلى يوم الثلاثاء المقبل. وقرر حزب الوفد الليبرالي فصل اثنين من نوابه في مجلس الشعب هما حنان أبو الغيط وأحمد وهدان، وذلك بسبب حضورهما جلسة أمس، كما أحال الحزب نائبه الذي يشغل وكيل مجلس الشعب المنحل، محمد عبد العليم داود، للتحقيق للسبب نفسه.