مؤسس حزب الأمة الليبي لـ «الشرق الأوسط»: لم نتوقع تراجع الإسلاميين بهذه الصورة

سامي الساعدي الفقيه الشرعي الأسبق للجماعة المقاتلة: فائزون في دائرة «طرابلس المركز»

الشيخ سامي الساعدي
TT

قال الشيخ أبو المنذر الساعدي (سامي مصطفى الساعدي) مؤسس حزب الأمة الوسطي الليبي، إنه لم يتوقع التراجع الكبير في نتائج الانتخابات بالنسبة للإسلاميين بهذه الصورة التي شهدتها النتائج الجزئية التي ظهرت حتى الآن.

وأضاف الساعدي، الداعية الإسلامي عضو مجلس أمناء هيئة علماء ليبيا الفقيه والمنظر الشرعي السابق في «الجماعة الليبية المقاتلة»، والمعارض الأبرز في سنوات حكم نظام العقيد القذافي الصادر ضده حكم بالإعدام مرتين، أن «الليبيين سواء اكتسح الإسلاميون أو الليبراليون وهم درجات في الطيف السياسي، لكن جميعهم غدهم أفضل من حاضرهم، كما كان حاضرهم أفضل من الماضي». وأشار إلى أن حزبه (تجمع الأمة الوسطي) شارك ضمن 400 حزب، في أول انتخابات ليبية منذ 6 عقود، تأتي كمرحلة فارقة بعد 42 عاما من حكم الديكتاتور الراحل معمر القذافي، مضيفا «إن الانتخابات لا يوجد بها خاسر أو فائز، وأيا كان الفائز فإن ليبيا هي الفائز الحقيقي».

وقال إنه على الرغم من وجود قيود على تصريحاته باعتباره أحد المرشحين في الانتخابات، فإنه يستطيع القول إن «الشعب الليبي محافظ ومحب للدين، وإذا رأى الليبيون كلمة الإسلام فقط في برنامج أو مطويات حزب يستريحون له، وقد يصوتون له أيضا، وقد لا تتبين لهم الفروقات أو المصطلحات، فإذا قال حزب ما الإسلام دين المجتمع، أو نعتز بالإسلام كدين فهم لم يقدموا شيئا جديدا، بل هو يخبر عن واقع، لا يقدم ولا يؤخر، بل نريد أن يقدموا في طروحاتهم ما يعزز حقيقة هذا الدين».

وأوضح أن أحزاب غير منتمية للتيار الإسلامي رفعت هي الأخرى شعارات تطبيق الشريعة من أجل حصد أصوات الليبيين. وأشار إلى أنه يتابع صفحات «فيس بوك» ويستشعر بالندم بين الناس للذين صوتوا لقوائم أحزاب غير إسلامية.

وقال في دائرة طرابلس المركز وهي مقسمة إلى 5 دوائر فرعية تنافس 38 كيانا سياسيا على 3 مقاعد فقط، إلا أنه يعتقد أن حزب الأمة بعون الله تعالى فائز في هذه الدائرة.

وقال «دعوتنا تعتمد على المنهج الوسطي الذي ليس فيه تشدد أو تطرف، ويهمنا في المقام الأول إصلاح ليبيا وبناؤها وجعلها دولة حديثة»، مؤكدا أن «منهج الوسطية هو سمة من سمات هذه الأمة، والذي ضمن لها الاستمرار والبقاء، وأنه لا وجود ولا بقاء للمغالين والمجافين».

وقال الشيخ الساعدي، إنه «على الرغم من المؤاخذات على طريقة الاقتراع في دائرة طرابلس المركز التي ترشح عنها، ثماني وثلاثون قائمة كيان سياسي مترشح عن هذه الدائرة التي حرمت من (الفردي) من دون أي مبرر، فإنه واثق في قدرة الله عز وجل، وإن حزب تجمع الوسط سيفوز في هذه الدائرة رغم عدم إعلان النتائج النهائية»، مشيرا إلى أن معظم دوائر انتخابات ليبيا، بها نظاما الترشح الفردي والقائمة، باستثناء دائرتي طرابلس المركز وجنزور، اللتين حرمتا من الترشح الفردي. وقال «أثر هذا بالتالي على نسب التصويت لحزب الأمة، وعموما لم يكن هناك تكافؤ فرص بين الأحزاب، حيث إن بعضها كان له حضور قوي في الحملات الانتخابية من خلال وسائل الإعلام، وأخرى لم تحظ بمثل هذا النصيب».

وأضاف الساعدي «لم يكن أمامنا وقت كبير للاستعداد للانتخابات سوى شهر واحد بعد تشكيل الحزب، وإعلان الكيانات السياسية، ولكن الحزب يفتح أبوابه لكل أطياف المجتمع»، مضيفا «لدينا مقرات رئيسية في طرابلس وبنغازي وسبها وسبراتة».

وعن حزب الأمة الوسطي يقول الشيخ الساعدي «هو تجمع وطني بمرجعية إسلامية، وفق المفهوم القرآني: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا لتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ويكُون الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا)، وهو يضم ويمثل القوى الوطنية المخلصة والمترابطة التي تحمي وتدافع عن قضايا الوطن والمواطنين والمساواة بينهم في الحقوق والوجبات التي أساسها المواطنة، فلا تمييز بين الليبيين بسبب المذهب أو اللون أو الجنس أو العرق أو القبلية أو الانتماء السياسي أو الاجتماعي»، مؤكدا على ضرورة تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص والتكافل.

وعن أهم برامج حزب الأمة قال الساعدي: «المحافظة على حق الشعب في اختيار السلطة عن طريق الانتخاب الحر المباشر والحيلولة دون الاستبداد بها أو سوء استغلالها، والتأكيد على استقلالية القضاء والمحافظة على هيبة مؤسسات الدولة».

ويقول «شباب ليبيا هو الذي صنع الثورة، وهو الذي يحافظ على مكتسباتها، وهو الذي يستحق أن يفسح له المجال للمساهمة في بناء بلده وتحقيق طموحاته ورسم خريطة ليبيا الجديدة المتحررة من الاستبداد والمستشرفة للعدالة، فالشباب هم محرروها وبانوها والمدافعون عن ترابها وهويتها وثورتها».

والشيخ الساعدي عضو مؤسس في تنظيم معارض لنظام القذافي منذ الثمانينات سلمته المخابرات الأميركية لنظام القذافي في صفقة مشبوهة عام 2004، بعد اعتقاله في هونغ كونغ مع زوجته وأبنائه ثم سلم إلى المخابرات الليبية في صفقة مشبوهة، وأفرج عنه في مارس (آذار) 2010، ثم اعتقل من قبل النظام الليبي في فبراير (شباط) 2011 عند اندلاع الثورة الليبية لمنعه من المشاركة في الثورة، خاصة أنه يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط الليبية الإسلامية وغير الإسلامية، بما عرف عنه من مروءة وأخلاق وأدب مع المخالف، بالإضافة إلى تاريخه الجهادي والنضالي منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي.

ويعتبر الشيخ أبو المنذر (سامي الساعدي) الشخص الوحيد الذي وصفه الملا عمر بأنه شيخ العرب في أفغانستان، بحسب القيادي السابق في الجماعة المقاتلة نعمان بن عثمان، كبير محللي مؤسسة كويليام البريطانية لمكافحة التطرف. وأظهرت النتائج الجزئية لانتخابات المؤتمر الوطني الليبي تقدم تكتل حزبي يقوده محمود جبريل، رئيس وزراء ليبيا السابق، فيما يعكس أن أداء الأحزاب الإسلامية جاء أضعف من المتوقع. وإذا تأكد هذا الاتجاه، فإنه يميز ليبيا عن غيرها من دول الربيع العربي مثل مصر وتونس، حيث أبلى الإسلاميون بلاء حسنا في الانتخابات رغم أن جبريل يصر على أن تحالفه متعدد الأحزاب ليس علمانيا أو ليبراليا، وأن الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية أحد مبادئه الرئيسية.

يذكر أن آخر انتخابات عامة على المستوى الوطني أجريت في ليبيا كانت في عام 1965، وهي انتخابات كانت نتيجتها معروفة سلفا نظرا لقيام النظام الملكي آنذاك بالحيلولة بين الأحزاب وبين حرية المشاركة فيها، وهو ما دعا في ذلك الحين معمر القذافي، لقيادة انقلاب بعد ذلك التاريخ بأربعة أعوام على الملك إدريس السنوسي وإلغاء الملكية.