إيران تضيف المشاركة في المباحثات حول سوريا لشروط مفاوضاتها النووية

عقوبات الغرب تجبرها على إغلاق آبار في حقولها النفطية مما أفقدها إيرادات بالمليارات

TT

كشفت صحيفة «كوميرسانت» الروسية عن شروط إيران التي طرحتها لاستئناف المباحثات مع المجتمع الدولي حول ملف برنامجها النووي. ونقلت الصحيفة عن مصادر الإدارة الأميركية وصفها لهذه المقترحات بـ«القاسية التي تستهدف تمكين مؤيدي أحمدي نجاد من تحقيق الفوز في الانتخابات الإيرانية المرتقبة». وتتضمن قائمة هذه الشروط ما سبق أن أعلنه سعيد جليلي، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، خلال لقاءاته في موسكو مع كاثرين أشتون، مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، وممثلي مجموعة «5+1» التي تضم البلدان الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وألمانيا. وكان جليلي أشار إلى ضرورة رفع كل العقوبات المفروضة ضد إيران والاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم بالنسب التي تحتاجها لتشغيل مفاعلاتها النووية، إلى جانب رفع الحظر المفروض على التكنولوجيا اللازمة لها وقطع غيار الطائرات، دون أن يعرب عن أي استجابة لما تضمنته قائمة السداسية حول إغلاق منشأة فوردو بالقرب من مدينة قم الإيرانية ونقل اليورانيوم الذي جرى تخصيبه بنسبة 20% إلى الخارج. وقالت الصحيفة الروسية إن طهران أضافت إلى هذه الشروط طلب المشاركة في المباحثات الدولية الجارية حول الأزمة السورية.

وفي غضون ذلك قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي أمس إن مسؤولي التكتل وإيران سوف يلتقون في 24 يوليو (تموز) الجاري في إسطنبول من أجل محادثات بشأن برنامج إيران النووي المثير للخلاف.

وكانت إيران قد رفضت الطلب الرئيسي للقوى الكبرى، وهو تعليق تخصيب اليورانيوم - بمستويات 3.5% و20% - وغلق موقع تخصيب جديد بالقرب من طهران، وتفتيش مجمع عسكري يزعم إجراء الاختبارات النووية فيه، حسب وكالة الأنباء الألمانية.

ويأتي اللقاء المزمع في إسطنبول بين نائبي المفاوضين: هيلغا شميد عن الاتحاد الأوروبي، وعلي باقري عن الجانب الإيراني.

إلى ذلك قالت رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب إن تزويد إيران بكومبيوترات ومعدات إلكترونية «يضع في أيدي أولئك البلطجية أسلحة خطيرة»، ومن جانبها أعلنت الخارجية الأميركية أنها تحقق فيما إذا كانت المنظمة العالمية للملكية الثقافية (ويبو) التابعة للأمم المتحدة ساعدت إيران في تحاشي العقوبات الدولية بتزويد إيران بكومبيوترات ومعدات إلكترونية.

وكانت تقارير إخبارية قالت: إن المنظمة، ورئاستها في جنيف وتضم 185 دولة، فعلت ذلك، على الأقل في سنة 2010. حسب وثائق نشرتها منظمات الملكية الثقافية. وحدث ذلك بعد سنتين من قرار مجلس الأمن سنة 2008، بفرض عقوبات دولية على إيران بسبب رفضها الالتزام بتعهدات بوقف برنامجها النووي العسكري.

وأمس، قال باتريك فينتريل، متحدث باسم الخارجية الأميركية، إن الخارجية الأميركية تتابع الموضوع.

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن المعدات الإلكترونية كانت في نطاق الحد من خرق قانون الملكية الثقافية، لكن يعتقد أن بعضها يمكن أن يستعمل لأغراض عسكرية. وإن هذا يعطي «ويبو» ميزة وقاية دبلوماسية، بينما تتحاشى شركات ومؤسسات خاصة التعامل مع إيران في هذا المجال خوفا من كشف خروقاتها للقوانين، مقاطعة إيران.

وفي الوقت نفسه، بدأت لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب الأميركي التحقيق في الموضوع. وأمس، قالت آليانا روس ليتينن، رئيسة اللجنة: «تزويد أولئك البلطجية بالتكنولوجيا الحساسة يساعدهم على تنفيذ خططهم الخطرة. هذه جريمة خطرة لا يمكن أن يستمر تجاهلها دون عقاب». ومن جهته حث مشرع أميركي بارز دولة توفالو الصغيرة في جنوب المحيط الهادي على الكف عن رفع علمها على ناقلات النفط الإيرانية، وحذر حكومتها من مخاطر مخالفة العقوبات الأميركية.

ويخفي رفع العلم على سفينة ملكيتها، الأمر الذي قد يجعل من السهل على إيران الحصول على تأمين وتمويل للشحنات، وكذلك العثور على مشترين للشحنات دون لفت أنظار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وكانت شركة ناقلات النفط الوطنية الإيرانية غيرت أسماء ناقلاتها والأعلام التي ترفعها قبل بدء نفاذ حظر الاتحاد الأوروبي، وهو جزء من عقوبات اقتصادية كاسحة تهدف إلى الضغط على طهران لإنهاء برنامجها النووي.

وفي سياق مختلف دعت الولايات المتحدة ليل أول من أمس إيران للإفراج عن القس يوسف ندرخاني الذي سجن في 2009 وحكم عليه بالإعدام لاعتناقه المسيحية. وقالت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، في بيان: «إن القس ندرخاني ما زال تحت تهديد الإعدام لأنه كان وفيا لإيمانه، ونكرر دعوتنا للسلطات الإيرانية للإفراج عنه فورا».

ولفت البيان أيضا إلى إعدام أربعة من الأهوازيين الإيرانيين من دون محاكمة حقيقية، وتشير «معلومات ذات مصداقية» إلى اختفاء الكاتب محمد سليماني نيا بعد الإفراج عنه في مايو (أيار) إثر الحكم عليه بالسجن لخمسة أشهر.

إلى ذلك تضطر إيران تحت وطأة العقوبات الغربية الصارمة لاتخاذ إجراءات استثنائية تتمثل في إغلاق آبار في حقولها النفطية الشاسعة الأمر الذي دفع الإنتاج لمستويات لم يبلغها منذ أكثر من عقدين وأفقد طهران إيرادات بالمليارات.

وجاهدت إيران لبيع نفطها قبل بدء سريان حظر أوروبي في الأول من يوليو وأبقت في الوقت ذاته على إنتاجها النفطي عند مستويات عالية تتجاوز ثلاثة ملايين برميل يوميا بعد أن خزنت الكميات غير المطلوبة في صهاريج على البر وناقلات في البحر.

لكن المبيعات النفطية تراجعت الآن إلى نصف ما كانت عليه قبل عام كما أن أماكن التخزين تكاد تنفد. وكملاذ أخير تجري إيران صيانة «اضطرارية» للمكامن النفطية المتقادمة حسبما تقول مصادر نفطية إيرانية وغربية وهو ما من شأنه خفض الإنتاج لما دون ثلاثة ملايين برميل يوميا.

وقال مصدر نفطي إيراني طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات «نحن الآن في وضع مضطرون فيه لتقليل الإنتاج لذا سنطيل أمد إعادة تأهيل حقولنا النفطية». وأضاف: «لكن من الخطأ الظن أن هذا سيجعلنا نستسلم، إيران لن تستسلم». حسب «رويترز».

وليس من المتوقع أن تبوح إيران بالكثير. فحين بدأت مبيعات النفط في التراجع في مارس (آذار) بسبب القيود التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم تقر إيران إلا في يونيو (حزيران) بأن صادراتها انخفضت انخفاضا كبيرا.

وفيما يتعلق بتراجع الإنتاج - وهو نتيجة حتمية لاستمرار تراجع الصادرات - استمرت إيران في التزام الصمت وبات الحصول على معلومات دقيقة أمرا في غاية الصعوبة.

وقال مسؤول نفطي إيراني أصر على عدم نشر اسمه «في العمليات - سواء عمليات المنبع أو المصب - الصيانة ليست بالأمر غير المتوقع.. من الطبيعي جدا إجراء بعض الصيانات».

وأحجم عن التعليق عما إذا كانت إيران تغتنم الفرصة لإجراء صيانة في حقولها النفطية مع تراجع الصادرات الآن بنحو مليون برميل يوميا عن مستواها في العام الماضي.

ويرى خبراء نفط غربيون أن عدم توافر أماكن التخزين وهبوط المبيعات النفطية ربما أجبرا طهران على خفض الإنتاج بمئات الآلاف من البراميل يوميا على الأقل.