المتظاهرون السوريون يدعون إلى إسقاط «أنان خادم الأسد وإيران»

معارضون في الداخل يدعون إلى عقد مؤتمر «لإنقاذ الوطن السوري»

أطفال سوريون يحملون لافتات موجهة لأنان أثناء احتجاجات بإدلب أول من أمس (أ.ب)
TT

في ما يبدو إعلانا من «القوى الثورية» السورية الميدانية لموقفها الرافض لمساعي المبعوث الأممي كوفي أنان لإدخال إيران في جهود حل الأزمة في سوريا، أطلق الثوار اسم «إسقاط أنان.. خادم الأسد وإيران» على المظاهرات المنتظر خروجها اليوم الجمعة. وقالت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» التي تجري عادة الاستفتاء على اختيار أسماء مظاهرات يوم الجمعة «كوفي أنان يقول إن خطته لم تنجح، وإنه يقترح إدخال إيران لتنفيذ الخطة بشكل جيد.. كوفي أنان، أتريد ضم الذئب إيران لخطتك.. أم أنك مستعجل لإفناء الشعب السوري؟ الجميع يعرف خطط أنان في رواندا وكوسوفو وغيرهما.. والتاريخ يشهد».

بينما رأى تيار بناء الدولة والتيار الوطني المعارضان، «مهمة» كوفي أنان «فرصة أخيرة لإنقاذ الوطن السوري»، وقالا في مؤتمر صحافي عقد في دمشق «لا يمكن لمهمة أنان النجاح ما لم ننجحها نحن»، فأنان «ليس مخلِّصا.. فهو بحاجة لتنظيمات ومجموعات سياسية ومدنية داخل البلاد تتشكل الآن في هذه الظروف الصعبة جدا لتنهض هي بصناعة المستقبل السوري». ودعا التياران إلى عقد مؤتمر «إنقاذ الوطن السوري» في دمشق يوم السبت الموافق 2012/7/28. وقال البيان الصادر عن المؤتمر الصحافي إن الدعوة موجهة للقوى السياسية والمجموعات الأهلية والشبابية والميدانية والشخصيات العامة في داخل البلاد وخارجها، ممن يعملون «على التغيير الجذري لنظام الحكم باعتماد جميع الوسائل السلمية»، من أجل التكاتف في وجه «جميع المخاطر والتحديات، ولإطلاق فعاليات عمل سياسية وأهلية لإنقاذ الوطن السوري مما يتهدده من احتمالات الانهيار»، وأنه سيترتب على هذا المؤتمر الخروج «ببرامج عمل وخرائط طريق واضحة ومحددة.. بدءا من كيفية نقل السلطة بطريقة آمنة ومحكومة بإرادة السوريين وحدهم، إلى مرحلة انتقالية ترضى بها، وتشارك فيها، جميع الأطراف. وليس انتهاء بآليات إعادة المهجرين إلى مساكنهم، وإعادة إعمار مناطقهم». ولفت البيان إلى أن السلطة هي المسؤولة الرئيسية عما آلت إليه أحوال سوريا. وقال «حتى لو سلّمنا بما تدّعيه من مؤامرة خارجية، فقد أثبتت فشلها بشكل مطلق في التصدي لهذه المؤامرة المزعومة، وأثبتت عدم أهليتها لإدارة الأزمة أو قيادة البلاد، بل أصبحت عاجزة عن حماية المواطنين ورعايتهم؛ وبالتأكيد غير قادرة إطلاقا على النهوض بمصالحة وطنية تنجي البلاد من الهاوية التي تنحدر إليها». وأسف البيان لارتضاء بعض الأطراف المعارضة «هذا الخيار.. خيار السلطة أو الفوضى»، وقال إن تلك الأطراف «اختارت الفوضى مستعينة لذلك بدول إقليمية ودولية لا تهمها مصلحة الشعب السوري، بخلاف ما تدعيه وتصرح به ليل نهار».

ميدانيا، أعلن ناشطون عن مقتل نحو سبعين شخصا على يد قوات النظام في عدة مناطق من البلاد أغلبهم في حماه وإدلب ودرعا. وقال ناشطون في محافظة حماه إن «حالة تسمم جماعي حدثت في بلدة قلعة الحصن»، بسبب تناول خبز مصنوع بمخبز حكومي في ناحية تلكلخ. وبث ناشطون مقاطع فيديو تظهر أطفالا في وضع صحي سيئ بينما يحاول ذووهم مساعدتهم على استفراغ ما في جوفهم. ووجه الأهالي استغاثات لإدخال مساعدات دوائية، وقالوا إنهم بحاجة لألفي إبرة أتروبين، بينما المتوافر لديهم إبرة واحدة فقط لا تكفي لعلاج المصابين البالغ عددهم أربعين حالة.

في غضون ذلك، تعرضت بلدة التريمسة في محافظة حماه يوم أمس الخميس لقصف عنيف من قبل القوات النظامية، أثناء محاولة اقتحام البلدة مستخدمة المدفعيات والمروحيات لبسط سيطرتها على المنطقة. وقتل جراء القصف سبعة أشخاص وعشرات الجرحى، ودمرت العديد من البيوت بما فيها المدرسة. وذكرت الهيئة العامة للثورة في بيان أن طبيبا قتل في التريمسة خلال «محاولته إسعاف الجرحى»، وقد أصيب «بطلق ناري في الرأس». وقامت القوات النظامية بفرض حصار تام على المدينة من خلال انتشار كثيف للقوات النظامية في محيط البلدة، كما تعرضت بلدتا كرناز واللطامنة في حماه للقصف من قوات الجيش النظامي.

وفي مدينة حمص، تواصل القصف لليوم السادس والثلاثين على أحياء محاصرة، وترافق مع اشتباكات عنيفة، لا سيما في محيط حي بابا عمرو الذي سقط في أيدي القوات النظامية في مطلع مارس (آذار). وقتل مقاتلان من الجيش الحر خلال اشتباكات في محيط حي بابا عمرو، ومدنيان جراء القصف على حي الخالدية، ومدني برصاص قناص في حي كرم الشامي. كما قتل مواطنان في قصف على مدينة القصير في محافظة حمص، وامرأتان جراء القصف على قرية غرناطة في ريف حمص.

ويستمر القصف على مدينة الرستن وتستخدم فيه المروحيات. وتحدثت الهيئة العامة للثورة عن «تهدم وتضرر واحتراق العديد من المنازل وتصاعد أعمدة الدخان في سماء المنطقة، وسط تدهور وترد كبير للحالة الطبية والإغاثية والمعيشية في المدينة نتيجة القصف والحصار المفروض عليها».

وفي محافظة درعا، تعرضت بلدتا الحراك وبصرى الشام لقصف من القوات النظامية بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس. وفي محافظة حلب، تعرضت مدينة تل رفعت وقرية ماير للقصف بعد منتصف ليل الأربعاء الخميس من قوات الجيش النظامي التي تحاول السيطرة على مدن وبلدات وقرى في ريف حلب الشمالي والغربي. كما تعرضت بلدة حريتان لقصف مدفعي عنيف يوم أمس من الحواجز الموجودة على أطراف البلدة، ترافقت مع اشتباكات عنيفة.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باستهداف مقاتلين معارضين مركزا أمنيا في حي الميدان في مدينة حلب. وفي محافظة اللاذقية (غرب)، جاء في بيان للمرصد أن «مسلحين موالين للنظام وعناصر الأمن أطلقوا الرصاص على سيارات مدنية كانت تسير على طريق جسر الشغور قرب قرية خان الجوز»، مما تسبب في مقتل سبعة أشخاص على الأقل. وقال ناشطون إن الجيش النظامي قام بقصف القرية من الدبابات المتمركزة عند قرية كفرية وسمع دوي عدة انفجارات في المنطقة.

وفي مدينة دير الزور، سجلت اشتباكات وقصف، مما تسبب في مقتل شخص في حي العمال. كما أفاد المرصد بمقتل جندي منشق في اشتباكات مع القوات النظامية في ريف حماه، وما لا يقل عن أحد عشر عنصرا من القوات النظامية في هجوم نفذه مقاتلون معارضون على حواجز للقوات النظامية في حماه وريف دمشق واللاذقية.

الى ذلك لم تعد البلدات الحدودية اللبنانية وحدها أهدافا سهلة لمدفعية جيش النظام السوري، إنما أضحت معظم القرى العكارية تحت مرمى النيران السورية، إذ لم تعرف منطقة عكار النوم طيلة ليل أول من أمس، بعد القصف الذي تجدد على بلدات قشلق والدبابية ونورى، التي شهدت نزوحا كاملا لأهالها، بعد أن أحصي سقوط 17 قذيفة فيها، في حين طال هذا القصف لأول مرّة بلدتي الدوسة والكواشرة الواقعتين في عمق عكار، وعلى الطريق العام التي تفصل بين بلدتي حلبا والقبيات. كما أصيب منتصف ليل أول من أمس، ثلاثة أطفال أشقاء بجروح وهم أحمد منصور شاهين (11 عاما)، محمد منصور شاهين (6 أعوام)، وشقيقتهما تسنيم (3 أعوام)، ونقلوا إلى مستشفى بعلبك الحكومي، نتيجة تهدّم منزلهم بقذائف دبابة سورية في بلدة طفيل اللبنانية الحدودية في تخوم السلسلة الشرقية، وذلك بعد اشتباكات دارت بين الجيش السوري وعناصر الجيش السوري الحر. في حين أُصيبت والدتهم آمنة فارس عثمان برضوض في الصدر. وقال والد الأطفال الثلاثة منصور شاهين «لقد جرى تبادل إطلاق النار ليل الأربعاء، فأصيب منزلي بقذيفة دبابة إصابة مباشرة، ما أدّى إلى تهديمه، وإصابة أطفالي الثلاثة الذين غطّاهم الركام، وقد تولّيت نقلهم على جرار زراعي عن طريق وعر في المنطقة الجردية».