الجواهري والسياب يفجران خلافا داخل أروقة البرلمان العراقي بسبب «النشيد الوطني»

الأكراد والتركمان يصرون على إضافة لغتيهم إليه

الشاعر محمد مهدي الجواهري
TT

حتى قصائد شعراء كبار من وزن محمد مهدي الجواهري وبدر شاكر السياب ومحمد مهدي البصير لم تسلم من الخلافات السياسية في العراق اليوم. القصة بدأت منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، عندما انهارت الدولة ليس بكامل بنيتها التحتية فقط وإنما بناها الفوقية مثل العلم والنشيد.

وطوال السنوات التسع الماضية لم تتفق الكتل والأحزاب والقوى والطوائف والأعراق والمذاهب في العراق على نشيد «وطني» وعلم «وطني». فالعلم الذي لا يزال مشروعا قد يكون قابلا للتوافق أو لا يكون لا يزال موضع خلاف بين الجميع إلى الحد الذي تراجعت قيمته الرمزية إلى حد كبير بعد أن انتشرت أعلام الكتل والأحزاب والعشائر وبمختلف الألوان، والمطبوعة بالصين، ليتضاءل أمامها «العلم الوطني» الذي أطيح بنجومه الثلاث وأعيدت كتابة عبارة «الله أكبر» بالخط الكوفي تخلصا من إرث صدام حسين الذي أراد احتكار حتى كتابة العلم. أما النشيد الوطني فإن حكايته لا تقل إيلاما عن حكاية العلم. فبعد أن أطيح بالنشيد السابق «وطن مد على الأفق جناحا» لم تتفق القوى السياسية على نشيد بديل، فتم ومن أجل ملء الفراغ تنسيب نشيد غير عراقي «موطني» لحنا وكلامات حتى يتم التوافق.

التوافق دائما قسري، فبعد أن تم التصويت داخل لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان على قصائد لثلاثة من كبار شعراء العراق، وهم محمد مهدي الجواهري وبدر شاكر السياب ومحمد مهدي البصير، فإن السجال انتقل إلى كيفية استيعاب اللغتين الكردية والتركمانية في هذا النشيد. رئيس لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي علي الشلاه قلل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «أهمية الخلافات اللغوية، خصوصا بعد أن تم الاتفاق على أن ينتهي النشيد بعبارة (الله أكبر) باللغتين الكردية والتركمانية، لا سيما بعد أن تفهم الإخوة الأكراد والتركمان استحالة إضافة بيت أو بيتين من الشعر الكردي والتركماني لأن النشيد سيكون طويلا جدا».

أما مؤيد الطيب، عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني وعضو لجنة الثقافة والإعلام، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «السجال والخلاف بشأن النشيد الوطني لا يتعلق بجوهره، حيث إن اللجنة اتفقت على ذلك، لكن هناك أصواتا تريد مصادرة حقوق باقي القوميات وهو أمر غير مقبول في بلد يريد أن يؤسس لفكرة المواطنة من دون تمييز». وكانت جلسة البرلمان أمس الخميس قد شهدت سجالا طويلا حول النشيد الوطني بين نواب من التحالف الوطني والتحالف الكردستاني. الخلاف احتدم حين أكد عضو البرلمان عن التحالف الوطني بهاء الأعرجي عدم قانونية إدراج اللغتين الكردية والتركمانية ضمن النشيد الوطني وهو ما أثار غضب أعضاء أكراد. غير أن رئيس البرلمان أسامة النجيفي اعتبر أن رأي الأعرجي قانوني ولا يحمل أبعادا سياسية.

التسويات في النهاية هي سيدة الموقف. وحتى يتم التوافق على هذه التسويات يظل الجواهري والسياب والبصير ينتظرون من سيصوت لهم في النهاية؟