مرشد «إخوان ليبيا»: حزبنا جاء ثانيا بعد جبريل في الانتخابات.. ولا نعتبرها هزيمة

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن ظروف مصر وتونس مختلفة عن ليبيا

بشير سالم الكبتي
TT

قال بشير سالم الكبتي، المسؤول العام (المرشد) لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، في حوار عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط»، إن حزب البناء والعدالة الذي يعتبر الذراع السياسية لـ«الإخوان» قد حصل على ما يبدو على المرتبة الثانية في نتائج أول انتخابات متعددة تشهدها ليبيا منذ نحو ستة عقود.

ويعتبر الكبتي هو أرفع مسؤول في جماعة الإخوان المسلمين يقر علانية للمرة الأولى بحصول تحالف القوى الوطنية الذي يترأسه الدكتور محمود جبريل على نصيب الأسد في نتائج الانتخابات التي ستأتي بمؤتمر وطني عام يكون بديلا عن المجلس الانتقالي الذي كان يتولى السلطة في البلاد منذ شهر مارس (آذار) الماضي.

وقال الكبتي، الذي ينحدر من مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، مهد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت العام الماضي وانتهت بسقوط نظام القذافي ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لـ«الشرق الأوسط»، في حديث خاص عبر الهاتف، إن نتائج الانتخابات التي لم تعلن حتى الآن وينتظر اكتمالها خلال اليومين المقبلين تعتبر إيجابية في ظل كونها أول مرة تمارس فيها الأحزاب الحياة السياسية بعدما منعها العقيد الراحل معمر القذافي من حرية العمل على مدى سنوات حكمه الـ42 الماضية.

وبعدما رفض اعتبار هذه النتائج بمثابة خسارة سياسية لـ«الإخوان» ولحزبهم المنبثق عنهم، قال الكبتي إن من فاز بنتيجة هذه الانتخابات هما «الديمقراطية والشعب الليبي»، لافتا إلى أن المشاركة في التصويت كانت جيدة جدا، كما أن المحاذير التي أحاطت بهذه الانتخابات قبل إجرائها اتضح لاحقا أنها لم يكن لها أي أساس.

وقال الكبتي إن عدم تحقيق «الإخوان» في ليبيا لما حققه نظراؤهم في مصر وتونس بعد ثورات الربيع العربي يرجع إلى اختلاف الظروف في البلدين مقارنة بليبيا. وأوضح الكبتي الذي تم اختياره في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كمسؤول عام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، في ختام أول مؤتمر علني لها في الداخل، أن «الإخوان» في ليبيا لا يمارسون السياسة بشكل مباشر، وإنما من خلال حزب سياسي مع غيرهم.

وتمنى الكبتي وجود رئيس إسلامي في ليبيا على غرار فوز الدكتور محمد مرسي مرشح «الإخوان المسلمين» في مصر بانتخابات الرئاسة الأخيرة هناك، لكنه قال إنه لا يفكر شخصيا في الترشح لهذه الانتخابات إذا ما فتح الباب لها. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف ترى نتائج أول انتخابات حقيقية في ليبيا؟

- النتائج لم تكتمل بعد، ونتوقع خلال اليومين المقبلين أن يكتمل ظهور النتائج، لكن النقطة الأساسية أنه في هذه الانتخابات فازت الديمقراطية وفاز الشعب، لأن الكثيرين كانوا يراهنون على فشل هذه الانتخابات، لكن الحمد لله رب العالمين كانت المشاركة جيدة جدا، وكل المحاذير التي طرحت لا أساس لها. ثانيا في ما يتعلق بقضية مشاركة الأحزاب وكما تعلم فإن الأحزاب في ليبيا معطلة منذ 60 عاما، ففي أوائل الخمسينات ضرب الملك الراحل إدريس السنوسي الحركة الحزبية في بدياتها مع بداية الدولة الليبية الحديثة.. الآن أعيدت الأحزاب للعمل من دون أن ينظم لها المجلس الوطني (الانتقالي) قانونا أو يرتب لها أمورا، لكن الحمد لله البدايات سموها الكيانات السياسية، التي دخلت الانتخابات وتحصلت على أصوات تتفاوت بين هذا الكيان وذلك.

* وما توقعاتك بشأن ما سيحصل عليه «الإخوان» في هذه الانتخابات؟

- «الإخوان» لم ينزلوا الانتخابات كـ«إخوان»، لكن نزلوا من خلال حزب العدالة والبناء الذي يشمل «الإخوان» وغير «الإخوان»، ممن اجتمعوا على الأهداف والمبادئ نفسها، فهو حزب وطني له مرجعية إسلامية. أما الدكتور محمود جبريل فهو يرأس تحالفا أو تجمعا يضم أكثر من أربعين حزبا وجمعية. وقد أبدينا حتى بعض الملاحظات بشأن إقحام مؤسسات المجتمع المدني في مثل هذه التحالفات لخوص العملية الانتخابية، لكن بحكم الأمور هذه تجربة جديدة حتى بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، والقذافي خلال 42 عاما كان يمنع تكوين المنظمات والهيئات والأحزاب والمنظمات الأهلية. الشاهد هو أن الدكتور جبريل جمع مجموعة من الأحزاب والتيارات المختلفة والجمعيات في إطار سماه تحالف القوى الوطنية.

* لكن هل تتوقع أن «إخوان ليبيا» لن يحققوا ما حققه نظراؤهم في مصر وتونس؟

- نحن في ليبيا معادلاتنا تختلف تماما عن مصر وتونس، لأن الإسلاميين «الإخوان» وغيرهم كثيرون، والطرح الإسلامي ليس غريبا، وهناك إجماع عندنا على مرجعية الشرعية الإسلامية، وأن مرجعية الدولة الإسلام، ولا يصلح قانون مخالف للشريعة الإسلامية. «الإخوان» يطالبون بما يطالب به الشعب هنا، بغض النظر عن المسميات. هذه المبادئ تختلف لدينا عما هو في مصر وتونس.

* هل فوز تحالف جبريل يعني خسارة «الإخوان» إذن للانتخابات في أول تجربة حقيقية على الأرض؟

- لا أبدا. بالنسبة للأغلبية التحالف الذي يقوده جبريل لم يتحصل على الأغلبية من النتائج الأولية، لأن انتخابات المؤتمر الوطني تتم عن طريق القوائم والفردي، وعدد مقاعد الفردي الـ120 توزعت تقريبا بالكامل على مختلف الأحزاب، والمقاعد الثمانون المخصصة للكيانات والأحزاب السياسية حصل جبريل على النصيب الأول منها، ثم يليه حزب العدالة، ثم بقية الأحزاب الأخرى.

* هل كانت النتائج متوقعة في بلد إسلامي محافظ بطبعه؟

- بالنسبة لتوقعات الإخوة في حزب العدالة والبناء كانت قريبة من هذه النسبة، يعني أنهم لم يدخلوا للحصول على غالبية المقاعد أو كلها، ولكن ربما السؤال كان عن بقية الأحزاب، فقد قلت النسبة الأخرى. أما بالنسبة لحزب العدالة فأعتقد هذا الرقم كان قريبا من الرقم الذي ذكروه قبل الانتخابات.

* وبالتالي لا تعتبر هذه هزيمة لـ«الإخوان»..

- لا أبدا، أعتقد أن هذه النتيجة ليست هزيمة لـ«الإخوان». كنا نود أن تكون هناك مشاركة من الأحزاب الأخرى الصغيرة والناشئة الجديدة. نحن متفقون ابتداء على أن هذا الجسم (المؤتمر الوطني) له مهتمان، المهمة الأولى إعداد الدستور من خلال لجنة الستين ثم اختيار حكومة انتقالية لمدة عام ونصف العام تسير أمور البلاد. هذا هو المؤتمر، وهذه صلاحياته للعمل خلال هذه المدة، وليس برلمانا كما هو معهود في الدول الأخرى. والدستور أيضا الآن مطروح، فلجنة الستين حسب قرار المجلس الوطني تنتخب من قبل الشعب، وهي التي تعد الدستور.

* هل تعتقد أنه آن الأوان لأن يكون هناك رئيس إسلامي لليبيا؟

- نحن نتمنى ذلك.. أن يكون رئيس ليبيا إسلاميا، لأن ليبيا شريعتها الإسلام، وشعبها جميعه مسلم، وليست لدينا تيارات إلحادية. نحن لدينا حتى الليبراليون أو الشيوعيون بالأحرى اليوم لديهم حزب ويدعون فيه لوسطية الإسلام، وهذا يبسطنا، لأن المجتمع برمته يقوم على الإسلام، والشباب الذين ثاروا على معمر القذافي هم شباب الإسلام، والنداءات كانت نداءات الإسلام، ومن الجور بعد ذلك في الحقيقة أن يبعد الإسلام.

* هل سترشح نفسك إذا ما فتح باب الترشح للرئاسة في ليبيا؟

- لا ليس بالضرورة.. شخصيا لا أفكر في ذلك، لكن إذا كان من حيث المبدأ فعندما يفتح الباب لانتخابات الرئاسة سيكون مفتوحا لأي مواطن، وهذا ما يجب أن يكون.

* تعني أنه سيكون هناك مرشح لـ«الإخوان» لكن ليس بالضرورة أنت؟

- أنا شخصيا لن أكون. الآن نحن لا نمارس السياسة كـ«إخوان» بشكل مباشر، ولكن من خلال حزب العدالة والبناء. نحن مشاركون في هذا الحزب مع غيرنا، فإذا ارتأى الحزب مرشحا فربما نقف معه ونؤيده.

* هل تعتقد أن ثورات الربيع العربي أسهمت في صعود التيار الإخواني في المنطقة؟

- لا.. هذه الثورات أزالت غمة وأكاذيب اصطنعتها الأنظمة الجائرة الديكتاتورية.