الإسلاميون يحكمون قبضتهم بالكامل على شمال مالي

فرار المقاتلين الطوارق إلى الأدغال.. وباماكو تريد «حوارا في أقرب وقت» مع المتمردين

مقاتلون من حركة «أنصار الدين» في مدينة كيدال بشمال مالي (رويترز)
TT

بينما أحكم المسلحون الإسلاميون قبضتهم على شمال مالي بالكامل بعدما دحروا مقاتلي «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» (طوارق) من آخر معقل لهم في بلدة انسوغو قرب غاو، دعا رئيس الوزراء المالي شيخ موديبو ديارا أمس إلى بدء حوار «في أقرب وقت» بين أولئك الذي عبروا عن استعدادهم «لمحاربة الإرهاب» في شمال البلاد.

وطرد مقاتلو «حركة التوحيد والجهاد في أفريقيا الغربية» جميع المتمردين الطوارق من انسوغو أول من أمس بعدما كانوا ألحقوا بهم هزيمة كبرى في 27 يونيو (حزيران) في غاو، إحدى المدن الثلاث الكبرى في شمال مالي. وقال عضو في المجلس المحلي في انسوغو إن «الإسلاميين دحروا المتمردين الطوارق من معقلهم الأخير انسوغو الواقع على بعد 100 كلم شمال غاو»، و«الآن أصبحت منطقتنا بأسرها تحت سيطرة الإسلاميين». وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه: «لقد عقدنا للتو اجتماعا مع أسياد المنطقة الجدد الذين قالوا لنا إنهم ليسوا هنا لإلحاق الأذى بالسكان. في السابق كانت الحركة الوطنية لتحرير أزواد تسيطر على قسم من المنطقة، الآن قضي الأمر، لقد فروا إلى الأدغال».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية التي أوردت الخبر، أيضا، عن طبيب في المنطقة يدعى ألبير دجيغيه وعبر الحدود النيجرية إلى غاو قوله: «من الحدود النيجرية مرورا بانسوغو وحتى قبل الوصول إلى غاو لم أصادف أي جندي تابع للحركة الوطنية لتحرير أزواد. لقد رحلوا جميعا. الإسلاميون هم أسياد المكان».

وفي انسوغو عزز عناصر «حركة التوحيد والجهاد في أفريقيا الغربية» مواقعهم وتمركزوا في مقر المجلس البلدي وفي مبنى الأشغال العامة والمركز التربوي، كما أضاف الطبيب. وبعد هزيمتهم في غاو في 27 يونيو على أيدي مسلحي «حركة التوحيد والجهاد في أفريقيا الغربية» إثر معارك عنيفة خلفت 35 قتيلا على الأقل، لجأ قسم كبير من المتمردين الطوارق إلى انسوغو ومحيطها. وقال مصدر أمني في المنطقة إن المتمردين الطوارق لجأوا بعد فرارهم من انسوغو إلى منطقة قريبة من بلدة تاسيغا.

وجاءت هذه التطورات بينما أعلنت «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» أمس إطلاق سراح ثلاثة من الرهائن الجزائريين السبعة الذين خطفتهم في الخامس من أبريل (نيسان) الماضي من القنصلية الجزائرية في غاو. وقال المتحدث باسم التنظيم عدنان أبو الوليد صحراوي: «قبلنا في النهاية بإطلاق سراح ثلاثة من الرهائن السبعة الموجودين لدينا».

وفي سياق متصل، دعا رئيس الوزراء المالي شيخ موديبو ديارا أمس من النيجر إلى بدء حوار «في أقرب وقت ممكن» في مالي بين أولئك الذي عبروا عن استعدادهم «لمحاربة الإرهاب» في شمال البلاد. وقال ديارا في ختام محادثات مع الرئيس النيجري محمدو ايسوفو: «نحن مستعدون لبدء حوار مع أشقائنا الماليين الموجودين في الميدان بجانب أو ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وعبر عن أمله «في أن يبدأ الحوار في أقرب وقت ممكن، ما يسمح لنا بمحاربة الإرهاب الذي لا يهدد مالي وحدها ولكن كل المنطقة».

وتحتل «حركة التوحيد والجهاد في أفريقيا الغربية» و«جماعة أنصار الدين» المتحالفتان مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ أكثر من ثلاثة أشهر المدن والمناطق الثلاث الكبرى الشمالية التي تمثل معا أكثر من نصف مساحة مالي، وهي تمبكتو وغاو وكيدال. وعمل المقاتلون الإسلاميون بشكل منهجي على دحر المقاتلين الطوارق بعدما تحالفوا معهم لشن الهجوم على الشمال في يناير (كانون الثاني) الماضي. وأعلنت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» من طرف واحد في أبريل استقلال هذه المنطقة. وخلافا للمتمردين الطوارق العلمانيين فإن الإسلاميين لا يسعون إلى استقلال الشمال، بل هدفهم فرض الشريعة في كامل أنحاء البلاد.

وباشروا بتنفيذ هدفهم في المدن التي يسيطرون عليها، حيث يعاقبون بالجلد تناول الكحول والتدخين والزنا. وفي تمبكتو المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي للبشرية والتي باتت تعتبر مهددة، أثاروا صدمة في العالم بأسره وبين السكان المحليين بأقدامهم على تدمير أضرحة أولياء مسلمين في عمليات باشروها في نهاية يونيو ومطلع يوليو (تموز) واستأنفوها الثلاثاء بعد فترة توقف. ونددت الولايات المتحدة بشدة بعمليات التدمير هذه في بيان صادر عن وزارة الخارجية، بينما أعلنت واشنطن على الصعيد الدبلوماسي أنها «تدعم جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) والاتحاد الأفريقي من أجل المساهمة في العودة إلى نظام مدني في مالي وحل بالوساطة للتمرد في الشمال».

والحكومة الانتقالية التي تشكلت في باماكو بعد انسحاب الانقلابيين الذين أطاحوا بالرئيس أمادو توماني توري في 22 مارس (آذار) ، ما أدى إلى سقوط الشمال بأيدي الإسلاميين، تقف عاجزة تماما حيال هذه التجاوزات. وتعد دول «الإيكواس» منذ أسابيع لاحتمال إرسال قوة عسكرية إلى مالي يتخطى عدد عناصرها 3300 عسكري، وهي تنتظر تفويضا من الأمم المتحدة وطلبا رسميا بالتدخل من باماكو.