المستشار أحمد خليفة: نسعى لإيجاد توازن بين سلطات الدولة المصرية

عضو «تأسيسية الدستور» تحدث في حوار مع «الشرق الأوسط» عن مستقبل «العسكري» ومادة «الشريعة الإسلامية»

المستشار أحمد خليفة عضو الجمعية التأسيسية للدستور المصري
TT

قال المستشار أحمد خليفة، عضو الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد لمصر، عن التصور المطروح لدور المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الدستور القادم، إن المجلس نفسه أعلن أكثر من مرة أن دوره انتقالي وأنه سيعود لدوره الرئيسي لحماية أراضي الوطن، مشيرا في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة إلى أن ميزانيات الجيش في الدساتير العالمية توضع كمبلغ إجمالي من ميزانية الدولة.

وقال خليفة عن المناقشات التي دارت داخل اللجنة حول صلاحيات وسلطات رئيس الجمهورية، إنه تم إزالة الكثير من السلطات المطلقة التي كانت للرئيس، موضحا أن اللجنة توازن بين سلطات الدولة سواء للرئاسة أو التشريع، كما تبحث في كيفية الحد من توغل سلطة داخل أخرى، سواء تنفيذية أو تشريعية أو قضائية.

وفي ما يخص التداعيات المتوقعة إذا قرر القضاء حل الجمعية التأسيسية مرة أخرى، بعد أن كان قد حلها قبل شهرين بسبب هيمنة نواب البرلمان على عضويتها، قال خليفة إنه في هذه الحالة سيحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يشكل جمعية أخرى لوضع الدستور، ويجب أن يكون هناك تنسيق مع مؤسسة الرئاسة والقوى السياسية المختلفة في المجتمع بهذا الشأن.

وتحدث خليفة عن كيفية صياغة المادة الثانية بالدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية، والجدل المثار حولها، وحول نص «السيادة لله» بدلا من «السيادة للشعب»، وكذا ما يتعلق بالفقرة المقترحة والخاصة بأصحاب الديانات الأخرى، مقللا من شأن ما تردد عن وجود خلافات داخل لجنة الدستور نتيجة التخوف السائد من الأغلبية الإسلامية. وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* ما التصور المطروح لدور المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الدستور الجديد؟

* أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكثر من مرة أن دوره انتقالي وأنه سيعود لدوره الرئيسي لحماية أراضي الوطن، وعندما نرى وضع ميزانيات الجيش في الدساتير العالمية نجد أنها تؤخذ كمبلغ إجمالي من ميزانية الدولة وتوزع القوات المسلحة بأجهزتها المختلفة في إطار من السرية لأنها من الأسرار العسكرية لكل دولة، لكن في ذات الوقت تخضع للرقابة، وهي موجودة حاليا في دستور 1971 أن هناك لجنة خاصة في الجهاز المركزي للمحاسبات مختصة بمراجعة هذه الميزانية ولكن في إطار سري.

* كيف دارت المناقشات حول صلاحيات وسلطات رئيس الجمهورية؟

* في الجلسة السابقة، في الأسبوع قبل الماضي، أزلنا الكثير من السلطات المطلقة التي كانت للرئيس والتي وصلت إلى نحو 36 مادة، كما قمنا بالحد من سلطاته مثل ألا ينفرد بفرض حالة الطوارئ إلا بالرجوع لمجلس الشعب خلال مدة قصيرة، وقمنا أيضا بالحد من سلطته كرئيس للمجلس الأعلى للشرطة وهكذا. ونحن نسير على خط متواز لعمل توازن بين سلطات الدولة سواء للرئاسة أو التشريع، كما نبحث مسألة مهمة ألا وهي كيفية الحد من توغل سلطة داخل أخرى سواء تنفيذية أو تشريعية أو قضائية. ووضعنا يوم الأربعاء الماضي عدة معايير بشأن رئيس الجمهورية، وعلى سبيل المثال إذا تم الاتفاق والتصويت على عشرة بنود أساسية لسلطات البرلمان وأحد عشر بندا لسلطات الرئيس فسنكون بصدد نظام رئاسي برلماني، وإذا حدث العكس فسنكون بصدد نظام برلماني رئاسي، وأعتقد أن هذا المعيار الجديد سيكون محل اهتمام من العالم.

* ما التداعيات المتوقعة إذا حل القضاء الجمعية التأسيسية مرة أخرى؟

* إذا تم حل الجمعية التأسيسية مرة أخرى، فإن الإعلان الدستوري المكمل الذي صدر في 17 يونيو (حزيران) الماضي ينوه إلى أنه في حالة عدم استكمال هذه الجمعية لعملها يحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يشكل الجمعية، فأرجو ألا تتكرر الأزمة والدخول مع القوى السياسية المختلفة في متاهة، كما أنه يجب أن يكون هناك تنسيق مع مؤسسة الرئاسة والقوى السياسية المختلفة في المجتمع المصري بهذا الشأن.

* كيف تم التوافق حول صياغة المادة الثانية؟

* في دستور 1971، جاء نص المادة الثانية فيه أن «الإسلام هو دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، إلا أن بعض التيارات الإسلامية رأت أن هذا النص لا يحقق المعنى الإسلامي المطلوب، خاصة أنه عندما عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا في تفسير كلمة «مبادئ الشريعة الإسلامية» اختلفت آراء الفقه في تفسيرها، سواء الفقه التشريعي أو الإسلامي أو الدستوري. فرأى تيار معين من التيارات الإسلامية أن نحسم هذا الأمر في أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع أو أن أحكام الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، والكل يعلم الفرق بين كلمة «مبادئ» الشريعة وأحكامها. ولكن نظرا للاختلاف الموجود في المجتمع المصري وحالة عدم الاستقرار فكان هناك رأي معتدل بأن نعلن أن مرجعيتنا الأزهر الشريف بحيث يكون الجهة الوحيدة المنوط بها إرساء أي من القواعد الإسلامية في هذا الشأن، وعليه وفقنا الله بأن نتفق حول هذا الاقتراح، وكان هناك اقتراح وارد من الأزهر بأن تظل المادة كما هي.

* وماذا عن الفقرة المقترحة والخاصة بأصحاب الديانات الأخرى؟

* بالنسبة للشق المتعلق بالإخوة المسيحيين، فقد كان هناك اختلاف أيضا بين هذه الفئات وبعضها، فكان هناك من يرى أن الاحتكام لشرائعهم الخاصة وهذا حق طبيعي لا ينكره الإسلام، وكان هناك من يقول لماذا ألتزم بأن أرجع إلى أحكام الشريعة الخاصة بي وأحرم من الشريعة العامة في حالة اختلاف الملة، وهذه المشكلة كانت مثارة خلال السنوات الماضية خاصة بالنسبة لمشاكل الزواج والطلاق عند بعض الطوائف المسيحية. ولذلك، فهذه المشكلة كان لها شقان: الأول بين التيار الإسلامي والثاني بين التيار الإسلامي والإخوة المسيحيين، وهناك شق ثالث بين الطوائف المسيحية وبعضها بعضا. وبالتالي، كانت هناك اجتهادات حول النصوص وبعضها من حيث الأصل، لأننا يجب أن نرجع للجمعية بشكلها المتكامل للإجماع ومناقشة كل مادة والتصويت عليها. ووفقت لجنة المقومات الأساسية للمجتمع أن تضع هذا النص التوافقي الذي يريح الغالبية العظمى من الشعب المصري.

* يقال إن هناك خلافات داخل اللجنة نتيجة التخوف السائد من الأغلبية الإسلامية؟

* هذه الجزئية كانت محل قلق من جانب بعض القوى السياسية، لكن من خلال عملي، وكما ذكرت سابقا، فقد اتفقنا على النظر إلى مصر فقط وعدم الالتفات إلى الانتماءات الحزبية وغيرها. وبالتالي، رأينا أن التيار السلفي كان متمسكا بكلمة (أحكام) الشريعة بدلا من مبادئ الشريعة في المادة الثانية من الدستور، ولكن نظرا لروح التعاون بين أعضاء الجمعية كان هناك تنازلات وتوافق على صياغة المادة الثانية كما قلنا سابقا. وبالتالي، كان هناك اتفاق بين أعضاء الجمعية على أننا سنضع مصلحة مصر فوق كل الاعتبار وأن يكون معيارنا الموضوعي هو مصلحة مصر.

* ما رد الفعل حول الاقتراح المقدم بشأن المادة الثالثة من الدستور بأن «السيادة لله» بدلا من «السيادة للشعب»؟

* هذا الاقتراح طرح الأسبوع الماضي فقط، ولا يصح أن يتم الاتفاق على مواد دون مناقشة، ونحن متفقون على أن الرأي والرأي الآخر يؤدي إلى تعزيز المواد وأن يكون لدينا منتج جيد جدا من خلال الرأي والرأي الآخر، وبالتالي ما نسمعه ونراه من مناقشات في النهاية يصل إلى الصالح العام وأن ننتهي إلى الأصوب للدستور المصري وليس معناه وجود خلاف.

* هل تم التوصل إلى شكل الدولة المصرية سواء رئاسيا أو برلمانيا أو مختلطا؟

* ناقشنا داخل اللجنة الأنظمة الثلاثة المعروفة عالميا، وتساءلنا أيها الأصلح لمصر في المرحلة القادمة؟ ووضعنا مبدأ وهو أن نتساءل أولا حول ماذا نريده من الدولة الجديدة والبرلمان الجديد، ثم على ذلك الأساس أدلى كل عضو بدلوه حول ما يريده من البرلمان، فهناك من اقترح أن يكون للبرلمان حق سحب الثقة من رئيس الحكومة، وحق البرلمان في الموافقة على تعيين رؤساء الجهات الرقابية في الدولة. والشيء الجديد هو أن تطرح المسائل المهمة على الشعب المصري.

* بصفتك عضوا أيضا في لجنة الأجهزة الرقابية، ما أهم النقاط التي انتهيتم منها؟

* أنجزنا من حيث المبدأ إنشاء مفوضية عليا لمكافحة الفساد، تكون لها شخصيتها المالية والإدارية المستقلة وتعرض تقاريرها على الرئيس والبرلمان، كما تقدم تقارير بالإعلان للرقابة الشعبية، وأن تكون مدة تولية رئيسها مثل رئيس الجمهورية أربع سنوات تجدد مرة واحدة فقط، أما بالنسبة لأعضائها فيكونون مستقلين ومن أصحاب الكفاءات. وهذه المفوضية يوجد مثيل لها في الدول الأوروبية، وهي متسقة مع الإعلان الدستوري العالمي للأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ودعمنا البنك المركزي في سلطاته وإمكانياته، ودعمنا جهاز الرقابة الإدارية، ودعمنا الجهاز المركزي للمحاسبات، لأننا فوجئنا على سبيل المثال أن مصر بها 33 جهازا رقابيا ورغم ذلك - كما رأينا في السنوات الماضية - فإن مصر على رأس قائمة الدول المصنفة من حيث تفشي الفساد فيها على مستوى العالم.

* وماذا عن مفوضية الإعلام المقترحة؟

* نعم.. نبحث أيضا عمل مفوضية عليا للإعلام، لأن الإعلام المصري يحتاج إلى إعادة نظر في منظومته، فهل سنرجع إلى ميثاق الشرف الصحافي.. وكل ذلك داخل إطار مهم ألا وهو الحرية العامة للإعلام، لكن هذه الحرية تساوي مسؤولية، لأن حريتي تنتهي عند حقوق الآخرين، وبالتالي فيجب أن تكون هناك مجموعة من الضوابط، وهذا لا يعني أنه سيكون هناك تقييد لحرية الإعلام، فالإعلام وسيلة رقابية شعبية مهمة جدا، لكن الإعلام على المستوى العالمي له ضوابط، وكلنا نعلم كيف أن إنجلترا استخدمت هذه الضوابط في حرب الخليج، وهذه المفوضية ستوضع ضوابطها من داخل منظومة الإعلام وكوادره ليكون إعلاما بناء وليس هداما.